الطاقة في الكون والإنسان
فادية شقفة | سوريا
خلق الله سبحانه وتعالى الكون مليئا بالطاقة، بعضها إيجابي ..وبعضها سلبي ..والإنسان أيضاً يمتلك في ذاته طاقة إيجابية وطاقة سلبية….وبقدر ما نحسن تعاملنا مع الكون والحياة أفراداً وجماعاتٍ.. بإرسال طاقاتنا الإيجابية يكون نجاحنا وتكون سعادتنا وتتم عمارة الأرض . والعكس صحيح..
وهذا مايتطابق مع إسلامنا العظيم..
وسأبين ذلك فيما يلي :
الطاقة الإيجابية هي :
الإحساس بالقوة، الفرح والبهجة..التفاؤل. التحدي الطموح…الأمل ..حب الحياة…..قوة الإرادة …توقع الأفضل ..الإحساس بالقدرة على النجاح وبالصحة….الثقة بالنفس، حب الخير والعطاء…الصبر…الانضباط…الحزم…القوة في الحق.. الشجاعة والجرأة الإقدام…الإحساس بالكرامة … الرغبة في معاشرة الآخرين…النخوة …المروءة.. وكل أوجه القوة والخير..
الطاقة السلبية :
حزن …تشاؤم ..يأس …قنوط. تواكل.. حسد…عين… قلق كراهية…..كآبة …سوداوية … جَزَع. خشية …..انطوائية … .توقع الأسوأ…..عدم الثقة بالنفس وبقدراتها…الإحساس بالضعف…التمارض.. .الكسل.. توقع أصعب الأمراض…تضخيم الشر…(الوسواس)..وكل أوجه الضعف والشر..
إسلامنا وعلم الطاقة :
نظرت في علم الطاقة الحديث فأدركت مفاهيمنا الإسلامية بعمق أكثر في هذا الميدان.. لأني وجدته يتفق معها في وجوه كثيرة…بعد أن حضرت عدداً من المحاضرات ..وسمعت عددا من الندوات في التنمية البشرية…وفي برمجة لغة الأعصاب..
فوجدت هذا العلم الحديث يتجسد منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام في مفاهيمنا الدينية، وتصوراتنا الإسلامية…
ولم يدرك أكثرنا عظمة هذه التوجيهات ..بل قد نسمعها ونمر عليها بسرعة.. فأردت أن أوضح الصلة الكبيرة بين علم الطاقة الإيجابية وديننا الحنيف :
وهاكم فيما يلي بعضا مما علَّمنا ديننا :
لاتقنطوا من رحمة الله.. ..فلا تكن من القانطين…..لاتيأسوا من روح الله .استقيموا ، فلاخوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ، لاتمارضوا فتمرضوا.. ..لاتجزع إن الله معنا…تفاءلوا بالخير .. لاتدعوا على أولادكم ولا على أموالكم …
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. …أن تعاشر الناس وتصبر على أذاهم خير لك من ألا تعاشرهم ولاتصبر على أذاهم…..ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. الإلحاح في الدعاء . ..مع الثقة بالله ، والبعد عن الوساوس ..(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) …الحضُّ على حب الحياة وعدم تمني الموت ..(.لاتتمنوا الموت)… (خيركم من طال عمره وحسُن عمله )…
عدم جواز الحزن شرعاً على الميت أكثر من ثلاثة أيام إلا للزوجة ..لكي لاتستولي علينا الأحزان…بل عدم جواز تقديم التعزية للأهل بعد ثلاثة أيام كي لانذكِّرهم بأحزانهم…ونهى ديننا عن النطق بما نخشى رؤيته في الواقع.. للحديث الموقوف “البلاءُ مُوكَلٌ بالمنطق ” ، وفي دعائنا علمنا ديننا أن نقول : اللهم أذهب عنا الهم والغم والحزن …ونهينا عن الأسماء التي لا تحمل القوة ولا تحمل التفاؤل…فقد غيَّر الرسول- صلى الله عليه وسلم-
أسماء بعضهم….
وهكذا حضنا ديننا على إرسال الطاقة الإيجابية في الحياة والكون لنجني الخير والسعادة…
فعندما نرسل طاقةً إيجابة في تعاملنا مع الكون والحياة بقوة وثقة عالية بالله فإن الأمر لابد بعون الله أن يحصل ..
وهذا ما بشرنا به ديننا….
فلله در ديننا ماأعظمه.!!..لله در إسلامنا ماأسمى تعاليمه .!!..
والعكس صحيح ….إن تمارض أحدُنا أي :توهم أنه مريض فسوف يلحقه المرض فعلا.. .
وكثيراً ما سمعت أن أناسا عاشوا عمرهم يخشون مرضا صعبا بعينه مثل السرطان ….فإذا بهم لايموتون إلا به ..
فلا نبالغ في الحذر من الأشياء .. فإذا بنا نقع فيما نحذر منه .وكثيراً ما سمعت أناسا بتفاؤلهم وقوة إرادتهم هزموا أصعب الأمراض…أعرف قصة شاب فلسطيني أصيب بالسرطان…و.سمعت زوجته تقول :أخبره الأطباء أنه لن يعيش أكثر من شهرين فتزوجته على الرغم من معارضة أهلها….فعاش بقدرة الله تسع سنوات وأنجبا أربعة أولاد….وهناك شاب آخر – أذكر أنه بريطاني – سمعت قصته من المذياع ..قدر له الأطباء أنه لن يعيش أكثر من شهر واحد فقرر القيام بسياحة في أنحاء العالم ونسي المرض.. فعاش بقدرة الله بعدها سنوات عدة……
بينما حدثتني صديقتي أن لأصدقائهم ابنا وحيدا لايسمحون له أن يخرج بمفرده أو أن يقطع الشارع خوفا من أن تدهسه سيارة . ولايسمحون له بالخروج إلا معهم ..ففي أحد الأيام سمحوا له أن يقطع الشارع وحده، فدهسته – للأسف- سيارة وتوفي…. لقد أربكوا حياة هذا الطفل المسكين بحذرهم…وأضعفوا ثقته بنفسه…… فوقع ما كانوا يحذرون منه …
وكل من يبالغ كذلك بالخوف من الحسد والعين فهو أكثر إصابة بهما من غيره …لأن شدة الخشية والحذر تضعف الطاقة الإيجابية عند الإنسان فيصبح مؤهلا أكثر من غيره للإصابة بهما…
الطاقة بنوعيها السلبي والإيجابي يمتلكها المؤمن والكافر …وكلاهما يحصل على النواحي الإيجابية على أرض الواقع إن أحسنا استخدامها ولكن المؤمن إضافة إلى النتائج الخيرة في الحياة يخبئ له الله ثواب صدق توكله عليه وصلته به ..
أما غير المسلم فيحقق له نجاحه في الدنيا فحسب…. فهي جنته ..
ويحضرني في هذا السياق قصة حياة الشعراء الرومانسيين الأوربيين الأوائل مثل كيتس وشلي…وغيرهما…. فقد عاشوا حياة ملؤها التشاؤم والكآبة والنوح…حتى أصبحت الحياة لديهم مأتما كونيا.. ..فأسقطوا ما في أنفسهم من أحزان على الشجر والحجر والجبال والشمس والقمر والسماء والأرض…. الكل ينوح ويبكي لبكائهم وعويلهم… وهكذا كانت أشعارهم نوحا وبكاء وعويلا….وتشاء الأقدار أن يموت أكثرهم في ريعان شبابهم ميتات مأساوية تتناسب مع سوداويتهم …أحدهم مات غرقا في بحر المانش….والآخر حرقا ..والثالث وقع من فوق بناء عال..
لنتفاءل – ياإخوتي – ولنفرح…..بل لنصطنع الفرح دحراً للهموم والاحزان والمآسي التي تكاد تستولي علي نفوسنا …أو استولت..
اللهم املأ نفوسنا طاقات إيجابية من الفرح والتفاؤل ..وإرادة الحياة السعيدة….وأعنا أن نرسلها إلى الكون والحياة والإنسان لنسعد بها ..ويسعد بها أهلنا وإخوتنا وأحبتنا ووطننا وأمتنا والإنسانية …اللهم آمين …اللهم استجب..