ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والعباهرة (32)
محمد زحايكة | فلسطين
ماهرة الدجاني.. سيدة العلم والتعليم والمربية والمرشدة الأولى في القدس والجوار
كان الصاحب قبل أن يلتقي أو يتعرف عن قرب على المربية القديرة الفاضلة ماهرة دجاني رئيسة مجلس أمناء مؤسسة دار الطفل العربي تلك المنارة التعليمية الشامخة في قلب القدس.. كان يظن أنها صعبة المراس وسيدة تقليدية أو دقة قديمة لا يمكن التفاهم معها.. ولكن سرعان ما تبين خطأ هذا الانطباع ما إن التقاها الصاحب في أول حوار أو دردشة صحفية .. وإذا بها غاية في التهذيب والإنسانية والقلب المترع حبا لتعليم أجيال وراء أجيال من بنات القدس وفلسطين.. وتخريج أجيال من العصاميات والمكافحات والمرشدات في شتى شؤون الحياة.
وسرعان ما يدرك من يتعامل مع هذه الإنسانة والمربية المتميزة مدى غيرتها على المسيرة التعليمية ومدى حبها وعشقها لمدينتها القدس التي تملأ شغاف وحنايا قلبها.. كما بات يدرك الجميع أن دجاني لم تخذل روح الراحلة هند الحسيني مؤسسة دار الطفل، عندما تولت زمام إدارة المؤسسة في ظروف مالية صعبة ومسؤولية جسيمة وما زالت.. ولكنها بحنكتها وإدارتها الحازمة ودرايتها الكبيرة، استطاعت أن تملأ الفراغ الكبير برحيل هند الحسيني؛ بل وتطلعت قدما لتطوير المؤسسة لتغدو إحدى قلاع العلم والثقافة والمعرفة في القدس من حيث التوسع والريادة في مجالات شتى كالفنون والثقافة ومتحف التراث الشعبي الفلسطيني ومكتبة دار إسعاف التشاشيبي وكلية الآداب التابعة لجامعة القدس وغيرها من الأقسام والأنشطة التعليمية من الألف إلى الياء – كما يقال – ، لتكون دار الطفل العربي مؤسسة شاملة ورفيعة المستوى أصبحت علمًا على نار خاصة بعد تبنيها أو استضافتها لكثير من الفعاليات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمسرحية والرياضية والكشفية والفنية الملتزمة .. إلخ
والصاحب ليس في معرض سرد مسيرة هذه المربية العظيمة والمعطاءة أو التطرق إلى سيرتها الذاتية الحافلة التي لا تتسع لها هذه الومضات الخاطفة. وإنما هو بصدد تسجيل ورصد بعض الومضات والوقفات التي جعلت منها رقما صعبا ورمزا من رموز التعليم والتربية في القدس وبناء أجيال من أمهات المستقبل الرشيدات والمبدعات كما يلاحظ من يتتبع مستقبل خريجات هذه المؤسسة الرائدة وما حققنه من إنجازات.
وما زال الصاحب مشدوها ومغرما بفيلم “ميرال” الذي يحكي على ما يعتقد، سيرة مؤسسة دار الطفل العربي المرحومة هند الحسيني والبصمة التي تركتها في هذا المجال المربية والمسؤولة الحالية دجاني وسعيها الدائب لتطوير قسم خاص بالافلام السينمائية إلى جانب مزيد من التطوير الذي احدثته في المتحف الشعبي الفلسطيني الذي غدا معلما من معالم القدس الاثيرة إضافة إلى تطوير باقي أقسام المؤسسة واستحداث المزيد من الأقسام الجديدة مع التطلع إلى الاستقلالية التامة في مصادر التمويل من خلال مشروع مستقل للجمعية يدر مداخيل تجعلها إلى حد كبير في غنى عن التمويل الخارجي.
ويحتار الصاحب ويندهش من إصرار المربية الدجاني وقدرتها على الصمود والاستمرار في إدارة مؤسسة بهذا الحجم بحاجة دائمة إلى تجنيد التمويل وهو أمر في غاية الصعوبة خاصة وإنها ترفع مبدأ عدم السماح بالتدخل في شؤونها الداخلية حتى تضمن الديمومة والاستمرار على النهج الوطني الحر والمستقل. في جعبة المربية دجاني وسيدة العلم الأولى في القدس وفلسطين حكايات ومواقف لا تنسى فيها من الغرابة والادهاش ومرارة التجربة الكثير . وقد فتحت كوة أو طاقة صغيرة من سيل هذه التجارب الغنية لدى زيارتنا لها ضمن وفد مقدسي قبل نحو سنتين كان أحد أعضاؤه الباشمهندس سامر نسيبة الذي جاء متأخرا قليلا لزوم الوجاهة؟
في هذا اللقاء رأينا الصورة التي تعتز بها كثيرا في حضرة الناصر جمال الدين حسين الزعيم المصري العربي الخالد “أبو خالد” كما رأينا شجرة الحياة وتصميمها الجميل وأغصانها المزينة بأسماء المتبرعين الكرام على مدخل المتحف الأشم.
المربية الفاضلة والقديرة ماهرة الدجاني.. تكاد تكون أعجوبة نادرة في مجال التربية والتعليم وبناء الإنسان الجديد القادر على الإنجاز والتغيير.. هي رمز للمثابرة والاجتهاد والكفاح وحارسة مقدامة على الخطوط الأمامية لأهم قلاع العلم والتعليم في مدينة القدس.. وواجب على جميع أصحاب النفوذ في هذا البلد الطيب الأمين أن يلتفوا حول سفينة وقلعة العلم التي يديرها قبطان ماهر للحفاظ على هذا الصرح العلمي المقدسي مزهرا ومزدهرا على الدوام .
لننحني احتراما وتقديرا لهده الانسانة المقدسية العظيمة .