أين وصلنا وما المطلوب؟

شوقي العيسة | فلسطين

القضية الفلسطينية قضية إقليمية ودولية أكثر مما هي صراع بين الشعب الفلسطيني والحركة الصهيونية.

الولايات المتحدة الأمريكية كزعيم للاستعمار العالمي الحديث الذي يمثل الرأسمالية، ومعها بريطانيا وباقي حلفاؤها بما فيهم الحركة الصهيونية العالمية أنشأوا إسرائيل لتكون أداتهم الدائمة في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وهم كل الوقت حريصون على إبقاء هذه الأداة (دولة إسرائيل) الأقوى عسكريا واقتصاديا في المنطقة.

في عام ١٩٤٨ وبعد أن خططوا بدقة ونفذوا، اعتقدوا وكانوا محقين نظريا (معتمدين على موازين القوى في ذلك الوقت) أن المهمة ليست مستحيلة بل وليست صعبة كثيرا، ولكن الشعب الفلسطيني فاجأهم بعد عقد واحد من السنين بنمو بذور حركة تحرر فلسطينية بتسارع، وأصبحت بعد عام ١٩٦٧ من أقوى حركات التحرر؛ بل وشكلت قاعدة استقطاب وتحالف لمختلف الحركات المعادية للإمبريالية في العالم.

لذلك وإضافة لمهامهم وأهدافهم الكلاسيكية في السيطرة على المنطقة أصبح تدمير هذه الحركة من أهم المسؤوليات التي أوكلت لإسرائيل والأنظمة الأخرى التابعة في المنطقة بدعم مباشر من الولايات المتحدة والغرب. فعملوا على إبعادها عن حدود فلسطين وإضعافها واستخدموا في ذلك كل شيء بما في ذلك التدمير الداخلي مستغلين أخطاء القيادة وفسادها وتسلل الخمول والانقسامات والذي كان أحد أسبابه إغداقها بالمال.

وبعد توقيعها اتفاقية أوسلو وتأسيس السلطة وانتقالها إلى الأراضي الفلسطينية تحت الإشراف المباشر لإسرائيل وبعض الأنظمة العربية، استطاعوا تخفيف وإضعاف الصدام اليومي الذي كان دائرا بين الفلسطينيين في داخل الأراضي المحتلة وإسرائيل وتلهى الفلسطينيون فيما بينهم بالسلطة. (أي مثلما يفعل الأب أو الأم حين يشاغب أبناؤهم ويزعجون فيعطوهم لعبة للتلهي بها). واستمر خلال ذلك الإفساد والتدجين وتدمير الحركة من الداخل وفي معظم الوقت بأيدي أصحابها.

هذا ما وصلنا إليه الآن.

وعادت الأمور إلى طبيعتها السياسية، أي القضية الإقليمية الدولية التي يضيع فيها الفلسطينيون بين الأرجل. وأصبحت كل دولة عربية في المنطقة همها الأساسي (كشعب ونظام) الحفاظ على أدنى متطلبات بقائها ومتطلبات المعيشة اليومية. حيث بعد ضعف وانهيار حركة التحرر الفلسطينية وتآكل الحركات المعادية للامبريالية في العالم بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، بما في ذلك ضعف وتآكل الحركات العربية المعادية للأنظمة وللاستعمار، بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها في ترتيب المنطقة لتكون تحت سيطرتها الدائمة من خلال تحجيم قوة القوى الإقليمية تركيا وإيران وترسيخ إسرائيل كقوة مهيمنة في المنطقة لخدمة الإمبريالية العالمية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية.

ما المطلوب من الشعب الفلسطيني الآن؟! بداية علينا الاعتراف أن حركتنا الفلسطينية التحررية انهارت، وعليه يجب النهوض فورا بحركة تحرر جديدة ببرنامج واع يفهم معادلة الصراع الدولي والإقليمي التي وجدنا أنفسنا في قلبها والخاسر الأكبر فيها، وتحديد أهدافنا وحقوقنا وآليات النضال لتحقيقها وبالتدريج.

أعتقد أن شعبنا قادر وسيفعل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى