مومياء… تسكنني

فاطمة محمود سعد الله | تونس

من أحبولة التاريخ،تفلت مومياء فرعونية.
مومياء حوراء.
رفضت طقوس التحنيط
والتفريغ..
هل ترضى أن تنتهيَ قديدا
في دهاليز الحضارة.؟؟
فلتكتحل العينانةبمرود التحدي.
ولتتبرج الوجنتان
والحاجبان والثغر
ولترتدي دانتيلاّ الأنوثة
ولتسقط من العمرألاف السنين
لا تحتفظي إلا بما يكفي أنثى يافعة متمردة
وعندما فكّت مشابك الجدائل
انقضت الريح تراقص الخصلات…
من شرّع شيخوخة الجمال والأنوثة؟؟

2..
تقطف اخضرارها من شجرة عتيقة
نفَسا..نفَسا…
عند ذروة الاكتمال يلتحم زمنان
زمنُها وزمنُها الآخر
في تابوت،داخل قبوٍ،داخل هرَمٍ
كانت مسجاةً
طيّعة..
معطرة برائحة الموت…
هاهي،تنهضُ
هاهي ترفضُ
تخاصر زمنَها الآخرَ وبين الضلوع
يسيل رَوْحٌ وريْحانٌ
متعانقيْن..
معتّقيْن،كخمرةٍ هرمة.
هل سيجرؤُ السباتُ أن يلبسها من جديد؟
مومياء متمردة
تعشق الرقص مع الريح.

3

في تربةٍ طينيّة،تبرعم فسائلُ البعث.
تعشقها فراشاتُ النور
برفيف جناح تستحلب الغيمات
تمطرها نبضّا
وغنجا..
و…أغمارا من عطر وفرح.
الهرمُ الرابض على صدر الأرض،يهتز
يزمجر:
عودي أيتها الزوجة الآبقة
ينادي بالكهنة والجلادين و كتاب الموتى
“أقيموا عليها الحد”
4
كفُّ الريح أم أرجوحة حالمة؟
خصرُ غادة عطشى للحياة أم موجة هاربة؟
رماد أنثى الأمس
أم أجنحةٌ تسبح في فضاء اليوم؟
من أنت؟
هيكلك العظمي محشوٌّ بخورا
وأراجيفَ..
جمجمتك فارغة…فارغة
و رحمك تنقبض ..تنبض..تنادي
تباشيرَ الحياة
وبشاراتِ فجرٍ آخرَ..
أيُّ عتقٍ تنشدين؟
أيُّ عطر للبقاء تنشرين؟
يا أنتِ…
من أين؟
وإلى أين تقصدين؟

5
نافورةُ السرد تضخّ حقل الأيام
حكايا…
تنثرُ من جوف الريح قمحا
وساعات قديمة
تعلقها أنثى الجن على أسوار المقبرة
الموتى يحسنون تعديل الوقت
الموتى يرصدون نبضات مومياء هاربة
كانت تتخفى بين التبر والتراب
الموتى يسافرون ليلا
كحلازين تعانق الغيث.
أ من شلال السجايا يولد الكلام أم
يفقس فراخا عندما تذوب خلاخيل الذهب؟
لملمي قشورك أيتها البيضة
كوني عاصفة بليل
كوني طوفانا بكهف
كوني في القلب زورقا وماء.

6

أيُّ حنين يسكنك؟
بين انفتاحة برعم وإغماضة جفن
تتأرجحين أيتها العائدة من هناك
بين الآن وقبل
ترقصين على جناح حلم
تتوكئين على رماد ضلع
ومن الفراغ ،تكسين جدران غرفتك الباردة
وبالتمني تعقدين ألسنة الريح
و تلوّحين للسفن البعيدة..
تؤشرين إلى تلك المراكب القصية
يذهب صوتك مع الموج
يسافر حلمك على متن طائراتك الورقية
وفي انتظار الإقلاع
تنتهي الرحلة.
أنت هنا..مومياء موءودة
تعرف قاتلها…
أنت هنا رحلة انتهت قبل البداية بومضة.

7
تولد الحقيقة عارية
وتموت صاغرة تحت الركام
ما أجمل البدايات !
لكن النهايات أصدق .
متى تسقط الأقنعة
وينبجس من تحت الركام وجهُك الأزليُّ؟؟
وهل ستتصالح مواثيق القول
ودساتير الفعل..
ذات وعي…ذات إدراك أو خجل؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى