المرأة تعادي نفسها
سجى مشعل | القدس – فلسطين
وبعد حُلول يوم المرأة نكتشف بأنّ هناك امرأة ليست عدوّة أحد بل نفسها، عدوّة الجمال والطّبيعة، تكره صيرورة الحياة الحقيقيّة، وتظنّ دومًا بأنّها مُتمسكنة ضعيفة حقُّها مسلوب وبأنّ استحقاقها للحقّ أمرٌ واجب لا مفرّ منه، وفي الواقع هي الحقودة ذاتها الّتي تنظر حياة النّاس بعين من السّموميّة، وتطالب الطّبيعة بكلّ ما هو سائر على ما يرام أن يكون حقّها، تطلب من كفّ القضاء أن تسرق مُتع الآخرين وتهبها إيّاها، تلك المرأة الّتي أجزم حقًّا بأنّها لا تستحقّ عدا التّراب، ولا يليق بِشرّها عدا السّواد النّابع من قلبها المُدجّج بالأحقاد والرّغبات الكثيرة بسرقة النّشوة في حياة الأخريات بدءًا من أحقر الأمور حتّى أعظمها، مِن هذا اليوم أستثنيها، لأنّه وفي المقابل هناك امرأة أخرى تُعظّم الحياة وخِصبها، تلعب دور عشتار بامتياز مع عائلتها وصديقاتها وفي عملها ودراستها، هذه عشتار الّتي اختارت ركنًا من الحياة تُضفي عليه معنىً للحياة بوجودها وصفائها وعنفوانها، كانت ولا تزال المرأة الّتي تخطف الكحل من العين، وتُرادف الجمال في الرّوح والرّاح، امرأة قلبها ذو رقّة وعيناها سائحتان في ملكوت السّماوات، لا تعرف لِلكَلَل بابًا، ولا لِلمَلَل طريقًا، لا تسرق أمجاد الأخريات بل تصنع أمانيها، وستظلّ حينها شوكة في حلق أيّام كارهاتها من بنات جنسها، في عنفوانها، في خصوصيّتها، في شكلها، في كلماتها، في حيويّة ما تصُبُّه داخل قالب الأرواح لِتُشكّلها، لم تبرح أن تكون إلّا امرأة تُصيب في المرامي أهدافَها، ولا كَيل ينفع لِتَكيل وزن خصوصيّتها عند الجميع، ولا كيل يفي بِغَرض النّيل من شأنِ تكوُّن أواصر تناغُمها مع طبيعة العطاء والهبات، لقد نالت استحقاق اليوبيل الذّهبيّ في الوجود والمكانة والحبّ والتّرفّع عن الكارهات، تمامًا مثلما كانت المرأة الأولى تحصل على اليوبيل الذّهبيّ في زرع الضّغائن وتمنّي الشّرّ للنّاس، ومثلما نعرف بأنّ المرأة مجبولة من العواطف فإن المرأة العشتاريّة صانعة الأمجاد تشعر بالكثير من الشّفقة على الكارهة الباغضة.