أنتِ لا تُشبهينَ أحداً
د. عاطف الدرابسة | الأردن
قلتُ لها :
أنتِ تُشبهينَ كلَّ شيء
ولا شيءَ يُشبهكِ
لا أحدَ يُريدُ أن يُصدِّقَ ذلك
فلولا رُحاقُ شفتيكِ
ما عبِقَ زهرٌ
ولا عُقِدَ على الأغصانِ
زهرُ اللَّيمون ..
كلُّ اللَّيالي خارجَ عينيكِ
باهتة
كلُّ الحقولِ تنتظرُ صابرةً
آهاتِكِ
لتهطُلَ غيمة ..
كلَّما أكونُ تعِبَاً
يائساً
متوجِّعاً
أؤوبُ إلى صدركِ كالأطفالِ
فتمتدُّ يداكِ إلى جسدي
فأتخلَّصُ من أوجاعي ..
أنتِ وحدَكِ من أعادَ القلبَ
إلى حديقةِ مشاعري
فتجسَّمَ حبِّي كالأشجارِ
وارتسمَ على كلِّ الوجوه ..
أنتِ تُشبهينَ كلَّ شيء
ولا شيءَ يُشبهكِ
حين لا تُشرقُ شمسٌ
أنتِ النُّورُ
حين لا يجري نهرٌ
أنتِ الرِّيحُ
حين لا تُثمرُ أشجارُ التُّفاحِ
أنتِ الشَّمسُ
وأنتِ الماء ..
أنتِ تُشبهينَ كلَّ شيء
ولا شيءَ يُشبهكِ
كم قلتُ لكِ يا حبيبةُ
إنِّكِ تُجيدينَ لغةَ الغيابِ
في مشاعري
وأفكاري ..
كم قلتُ لكِ يا حبيبةُ
أنتِ العطرُ العابقُ في جسدي
وأنفاسي ..
لا تروي لهم
كيف تدقُّ ساعةُ الحبِّ في قلبي
وفي روحي
تاركةً على الشَّفتينِ قبلةَ وداعٍ
يُضيءُ من زيتها كلُّ الوجود ..
أنتِ لا تُشبهينَ أحداً
ولا أحدَ يُشبهُكِ
أنتِ اللِّحظةُ الحمراءُ
المزروعةُ بالضُّوء
كلَّما نزفَ الضُّوءُ
ثارَ عليَّ ليليَ القديمُ
وتخلَّلتْ مشاعري
عواصفُ الحبِّ
والحنين ..
أنتِ لا تُشبهينَ أحداً
ولا أحدَ يُشبهُكِ
كأنَّكِ شيءٌ غامضٌ
يُقيمُ بين الظِّلِ والرُّوح
كأنَّكِ أرضٌ لا تثمر إلا حبَّاً
كأنَّكِ بحرٌ لا يلدُ إلا موجاً
كأنَّكِ نهارٌ لا يتبدَّى إلا عتماً
يُضيء ..
كأنَّكِ عطرٌ لا يعبقُ
إلَّا إذا هزَّتْه ريحُ الجنوب ..
أنتِ لا تُشبهينَ أحداً
ولا أحدَ يُشبهُكِ
كأنَّكِ يدُ السَّماءِ على صدري
ترسمُ لوحةَ الحياةِ على الضِّفافِ
فأسألُ :
من أين جاءَ كلُّ هذا الحبِّ ؟
ومن أين خرجَ كلُّ هذا الوجع ؟