الصحافة العربية: إِجْحَافٌ بِحَقِّ اليَسَارِ أَوِ انْحِرَافٌ بِحَقِيقِ المَسَارِ!
د. آصال أبسال| أكاديمية وإعلامية تونسية – كوبنهاغن (الدنمارك)
وهكذا، في مقاله الصحفي الأخير من منظورٍ جدِّ خاصٍّ وجدِّ مخصَّصٍ، وفي معرض كلامه الإردافي، مُرْتَجَعًا سبعا من السنواتِ بالأقلِّ، عمَّا يسمِّيه ممتعضا بـ«نفور اليسار الغربي» من ذات المسار الذي سارت، ولم تفتأ تسير، عليه سيرورة الانتفاضةِ (أو، بالحري، الثورةِ) الشعبية في سوريا، يكتب الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم، صبحي حديدي، مُتَّخِذًا، في سياق انتقادي واتهامي كهذا السياق، عينَ المفكِّرِ والعَالِمِ اللساني والناشط السياسي الأمريكي الغني عن التعريف، نْعُوم تشومسكي (أو «نوام شومسكي»، حسبَ نقحرته «المعرَّبة-المفرنسة» المُنْتَقَاةِ بالهوى أو بالمزاج)، متَّخذا إياه كنموذج تجريبي تمثيلي لهكذا «نفور» غير مرغوبٍ فيه، فيما يبدو حتى من مجرَّد النظر «الجافي» إلى الشطر الأول من عنوان هكذا مقال.. إذ يحاول هذا الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم أن يتتبَّع تسيار تلك المواقف النمطية السلبية التي كان، وما زال، يبديها من هم ينتمون انتماءً فعليًّا إلى تيارات اليسار الأوروبي والأمريكي بإزاء ما أفرزته في ظنِّهم «معضلاتُ» الثورة الشعبية في سوريا (وقد بلغت عامها العاشر هذه الأيام)، كمثل الكاتب الروائي، طارق علي، والكُتَّاب الصحافيين، روبرت فيسك وسيمور هيرش وباتريك كوبيرن (من قبيل الإيراد التمهيدي العابر)، وكمثل الآنف الذكر، نْعُوم تشومسكي، الغني عن التعريف ذاته (من قبيل الإيراد التمثيلي السابر)، وعلى الأخصِّ أن هذا الأخيرَ بالذات إنما يمتاز أيما امتياز بنضاله المبدئي المديد والعتيد ضدَّ كلِّ أشكال الإمبريالية والاستعمار والاحتلال والتدخُّل (العسكري)، أيَّا كانت – وذلك ابتداءً بأيٍّ من تجلِّيات هذه الأشكال فرعيًّا في مسقط رأسه (أمريكا)، على وجه التحديد، وليس انتهاءً بكلٍّ من تجلِّياتها المتعدِّداتِ المتنوِّعاتِ أصليًّا في الحيِّز الرَّحِمِيِّ الذي كان قد أنجب مسقط الرأس هذا (بريطانيا)، على الوجه الأكثر تحديدا، وما إلى ذلك /يُنظر، مثلا، مقال صبحي حديدي: «نفور اليسار الغربي من الانتفاضة السورية: نموذج شومسكي»، من صدور «القدس العربي»، يوم 18 آذار (مارس) 2021 (وحسبَ نقحرته «المعرَّبة-المفرنسة» المُنْتَقَاةِ، كما ذُكر)/..
وهكذا، أيضا، ومن خلال الإشارة المتوخَّاةِ بالقصدِ والعمدِ، كذاك، إلى كتاب الكاتب الصحافي والإعلامي الأمريكي اللامع، ريز إيرليك، «داخلَ سوريا: خلفيَّاتُ حربِها الأهليةِ وما يمكنُ للعالَمِ أن يرتقب» Inside Syria: The Backstory of Their Civil War and What the World Can Expect، هذا الكتابِ التقريريِّ الصادرِ عن «دار بروميثيوس» عام 2014، والمُسْتَهِلِّ بالكَلِمِ التصديريِّ من كتابةِ الآنفِ الذكر، نْعُوم تشومسكي، نفسِهِ، يشرع الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني في شَنِّ مشروعه الانتقادي والاتهامي ذاك، «احتفاءً» حماسيًّا بالذكرى العاشرة لاندلاع لهيبِ الثورة الشعبية السورية المجيدة (مع الإهمال، بالطبع، من الآن فصاعدا، لأيِّمَا شَطْحٍ حرفيٍّ أو حتى نقحريٍّ في ترجماته المعهودة).. وهذا الكَلِمُ التصديريُّ، دون سواه من كَلِمٍ إذن، لَهُوَ الدليلُ «السياسيُّ الواقعِيُّ» الذي يتَّخذه الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني دليلاً «شُفْعِيًّا» و«نَفْعِيًّا» وحتى «قَطْعِيًّا» على الكشف «الكوبرنيكوسي» (نسبةً إلى العالِمِ الرياضي والفلكي البولندي، نيكولاوس كوبرنيكوس) عن نوع ذلك «الخطل الكبير في تفكير تشومسكي بصدد الانتفاضة السورية: أنها حربٌ بين العلويين والشيعة في مواجهة السنَّة، وهي استطرادًا أقربُ إلى حربٍ أهليةٍ منها إلى انتفاضةٍ شعبيةٍ – وهذا استقراءٌ [والكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني ملتمسٌ شيئًا من السماحِ الظرفيِّ الشَّرْطِيِّ بهكذا توصيفٍ] قاد تشومسكي إلى استنتاجاتٍ أكثرَ انزلاقًا نحو الخطلِ في مناسباتٍ لاحقةٍ».. وعلى الرغم من أن تشومسكي، في كَلِمِهِ التصديريِّ ذاك، لم ينوِّه سوى عمَّا نوَّه عنه إيرليك ذاته في كتابه المذكور توًّا فيما له مساسٌ بظاهر المشهد الدموي والمأساوي في سوريا (منوِّهًا، في هذا الصدد، عن غُدُوِّ هذا المشهد الدموي والمأساوي بالذاتِ أكثرَ تعقيدًا بسببٍ من انخراط مجموعات دينية و«عرقيةٍ» أُخرى، وبسببٍ كذاك من انضمام غيرها من المجموعات الجهاديةِ المتطرِّفةِ التي باتت تعمل وفقًا لبرامجَ، أو مآربَ، مختلفةٍ قادمةٍ من الخارجِ القبيحِ إلى داخلِ سوريا)، إلا أن الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني يأخذ بالعُنُوِّ اللوذعي باخعًا أيَّمَا بَخْعٍ وبالحجاج الفذلكي فاقعًا، لا بل جدَّ فاقعٍ، على تشومسكي (وهو العالِمُ اللساني البارع جدا في دقة التعبير المعجمي، على وجه الخصوص)، يأخذ عليه ذلك النَّوَسَانَ الاصطلاحيَّ «اللامعهودَ» بين استعمال كلٍّ من مصطلحَيِ «النزاع» و«الحرب» هذين بالتوازي متحاشيا كلَّ التحاشي هنا عن أي إلماعٍ، أو حتى تلميحٍ، إلى أيٍّ من مفردتَيِ «الانتفاضة» و«الثورة» بالمعنى «الانفجاريِّ» الشعبيِّ ضدَّ نظامٍ إجراميٍّ متوحِّشٍ لم يسبقْ له مثيلٌ في التاريخ البشري – وعلى فكرةٍ، ها هنا، فإن تشومسكي نفسه لم يكنْ له أساسًا أن يقولَ بالحرف بتًّا ولا حتى بالمجازِ «إنَّ جوهرَ الصراعِ يدورُ حولَ الأديانِ والطوائفِ» حتى يلجأ الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني إلى هكذا حجاجٍ فذلكيٍّ فاقعٍ، لا بل جدِّ فاقعٍ، بأنه حتى إيرليك ذاته لم يقلْ هذا الكلامَ في كتابه المذكور قبل قليل!!..
ناهيك، ها هنا أيضا، عن أن الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني يقرُّ، وهو مناقضٌ نفسَهُ بنفسِهِ على نحوٍ حتى أشدَّ فُقُوعًا، بأن إيرليك ذاته في كتابه المذكور إنما «يشرح الكثير من [تلك] العناصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي دفعت السوريين إلى الانتفاض في شهر آذار (مارس) عام 2011»، وإنما «يوضِّح من دون لَبْسٍ [علاوةً على ذلك] أنَّ السوريين عاشوا تحت نظام دكتاتوري حيث نقد الحكومة يعني السجن والتعذيب [أو حتى القتلَ بكلِّ أنواعهِ الشنيعةِ والفظيعةِ]».. ومع ذلك، وعلى الرغم من كلِّ ذلك، فإن تشومسكي نفسه، «هذا المنتقَدَ انتقادا والمتَّهَمَ اتِّهاما» من لدن يراع الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني، كان قد تكرَّم بالقبولِ بكلِّ سرورٍ وبكلِّ حماسٍ بكتابةِ الكَلِمِ التصديريِّ في مُسْتَهَلِّ الكتابِ، كتابِ إيرليك، الآنفِ الذكر – ممَّا يدلُّ، قبل كل شيءٍ (لو كان الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني يدرك شيئا من أخلاقيات هذا القبول الكتابيِّ، في حدِّ ذاته)، ممَّا يدلُّ على أن تشومسكي بالذات، «هذا المنتقَدَ انتقادا والمتَّهَمَ اتِّهاما»، إن هو إلا سائرٌ على ذات المسار الذي يسير عليه فحواءُ الكتاب المذكور، بما فيه، من جملة ما فيه، هكذا شرحٌ وهكذا توضيحٌ من طرف إيرليك ذاته، وإن هو إلا متَّفقٌ كلَّ الاتِّفاق على كلِّ ما جاء في فحواءِ الكتاب المذكور، بما فيه، من جملة ما فيه، هكذا شرحٌ وهكذا توضيحٌ (والتكرار الأخير، هنا، للتأكيد وللتشديد).. فإذا كان الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني قد تحجّج، بالحجاج الفذلكي الفاقع ذاتا، باكتفاء تشومسكي، في هذا السياق ذاتا كذاك، بتوصيف النظام الأسدي الفاشي بصفة «الوحشي»، تحديدا، وإذا كان عينُ الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني قد ذكَّر، بالتذكير الفذلكي الأشدِّ فُقُوعًا مرَّةً أخرى، بأن هكذا توصيفًا لم يأتِ إلا في العام 2014 (أي بعد «حادثة الكيميائي» كما يسميها تشومسكي بالتقويل المُدَّعَى)، فهذان الحجاج والتذكير الفذلكيَّان بامتياز إنما يبتنيان على أساس عارٍ عن الصحَّةِ والصَّحَاح بالمطلق، وإلى حدِّ التخرُّص والافتراءِ بالمطلق الأقوى، ومن أية زاويةٍ ممكنةٍ يمكن أن يُنظر إليهما منها بعين الاعتبار والحُسبان.. ذلك لأن تشومسكي عينه، «هذا المنتقَدَ انتقادا والمتَّهَمَ اتِّهاما» من لدن يراع الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني، كان قد وصَّف النظام الأسدي الفاشي بصفات كصفة «الوحشي» وحتى أسوأ منها، وكان قد أشار إلى احتمال حدوث حادثات كـ«حادثة الكيميائي» (كما يسميها تشومسكي بالتقويل المُدَّعَى ذاته)، حتى قبل العام 2014 بزمان مديدٍ، وحتى قبل عام اندلاع الثورة الشعبية في سوريا عام 2011، بالتحديد – هذا إن لم نقل أيَّ شيءٍ مسهب عن سطحيات ذينك الانتقاد والاتهام بأن تشومسكي لم يعتبر التدخل الروسي في سوريا تدخُّلا «إمبرياليًّا»، وإن كان في نظره تدخُّلا جدَّ خاطئٍ بمجرَّدِ تكريسهِ لدعمِ «نظامٍ وحشيٍّ»، كمثل هكذا نظام أسديٍّ فاشيٍّ، وما شابه ذلك من سطحيات انتقادية واتهامية.. فلا بدَّ، إذن، من أن هناك سوء فهم جليًّا وسافرا من طرف الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني، ومن طرف قرَّائه ومعلِّقيه، على حدٍّ سواء.. ولا بدَّ، كذلك، من أن سوء الفهم هذا إنما هو ناجم عن الالتباس التضليلي، وإلى حد الخلط الأكثر تضليلية، بين الموقف الذاتي والشخصي والعاطفي، إلى آخره، وبين الموقف الموضوعي واللاشخصي البعيد عن أي نوع من أنواع العواطف الفردية واللافردية، إلى آخره.. هذا الفارق الأساسي والجوهري بين الموقفين، ها هنا، لفارقٌ من الضروري جدا التنبيه إليه والتركيز عليه في قضايا موقفية جد حساسة، في هذه القرينة..
علينا ألا ننسى، ها هنا مرة أخرى، أن تشومسكي، منذ أول مقابلة أُجريت معه فيما يخصُّ الثورة الشعبية في سوريا (وحتى قبل استشهاد الشهيد باسل شحادة في اليوم 28 آيار (مايو) من العام 2012)، كان قد صرَّح بدون مواربة وبدون مراوغة بأنه لم يضع نفسه يوما يتيما واحدا في موضع «الناصح السياسي» Political Adviser، ولا حتى يوما لطيما واحدا كذاك في موضع «المستشار الإيديولوجي» Consultative Ideologue، لا بإزاء الوضع في سوريا ولا حتى بإزاء الأوضاعِ في غيرها من دولٍ نظيراتٍ من قبل، كمثل فييتنام ونيكاراغوا وغيرهما.. تماما كما كان الراحل إدوارد سعيد قد صرَّح بتصريح كهذا بالمرار والتكرار وبالتأكيد عليه حتى في المقابلة الأخيرة التي أُجريت معه (وصُوِّرت) قبل رحيله عن هذه الدنيا.. فلو كان إدوارد سعيد نفسه حيا يرزق في هذه الأيام، لا أظن أن موقفه من الثورة الشعبية في سوريا كان سيختلف عن موقف تشومسكي بأية سمة جذرية بالمطلق – وأقول هنا «بالمطلق» تأكيدا وتشديدا بناء على ما يُمكن استشفافه استشفافا تدقيقيًّا وتمحيصيًّا من أمام ومن وراء كل حرف كتبه أو نطقه كلٌّ من العَلَمَيْن الفذَّيْن فيما له مساس بقضايا الثورة بوجه العموم، وأينما كانت تجسيداتُها التجريبية في واقع الأمر وفي واقع الحال.. فهل يا ترى كان إدوارد سعيد سيتلقى نفس الانتقادات والاتهامات الاستيهامية هذه بالذوات اللائي يوجههنَّ الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني إلى تشومسكي، في هذه القرينة؟؟ (لا أظن ذاك، وممَّا لا شكَّ فيه، أوبالكاد!!).. وممَّا يستوجب التنبيه إليه، في هذه القرينة ذاتها، ما قاله تشومسكي بالذات لمحاوره في ختام أولى مقابلاته عن الثورة الشعبية في سوريا – وذلك بمثابة دحض وتفنيد لا مراءَ فيهما لكلِّ ما جاء في مقال الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني من سطحيات انتقادية واتهامية، كمثل تلك السطحيات المشار إليها أعلاه.. يقول تشومسكي في ختام تلك المقابلة الأولى:
«أقول لك بكلِّ صدقٍ، ها هنا، إن السوريين يواجهون ظروفا جدَّ صعبةٍ وجدَّ معقدةٍ، وإن لديهم ولا شك أفكارا أفضلَ ممَّا لديَّ، أنا شخصيًّا، عمَّا يتوجّب عليهم أن يفعلوه. لقد رفضتُ أن أقدِّمَ النُّصْحَ من قبلُ […]، ولكني أستطيع القولَ بأن على السوريين أن يقيِّموا جيدا كلَّ الخيارات المتوفرة من أمامهم، وأن يتفكَّروا مليًّا في النتائج التي تسفر عن كلِّ خيار يمكن لهم أن يُقدموا عليه، بنحوٍ أو بآخر. عليهم، والحالُ هذه، أن يواجهوا واقعَ الحالِ الفعليِّ، لا أن يهيموا ولا أن يستهيموا في عالَمٍ، أو في عوالمَ، من صنع خيالاتهم […]. سائرُ الحركاتِ التي قد حالفها النجاحُ كانت قد قدَّمت في الأخير بعضا من التساهل (أو حتى بعضا من التنازل)، وذلك استنادا إلى ما قد قرأتْه وقد خمَّنتْه على أرض الواقع. حتى الفييتناميون قد قبلوا بمعاهدة جنيف عام 1954، التي نصَّت بقرار التقسيم بالتنفيذ الفعليِّ، في نهاية المطاف: الفييتناميون أولئك قد قبلوا بتلك المعاهدة [ولو على مضضٍ] لأنهم عرفوا باليقين المطلق أن «الرفض» كان يعني إبادتَهم عن بكرة أبيهم، سواءً كانتْ هذه الإبادةُ قد أُنجزتْ بالسلاح التقليدي أمْ كانتْ قد أُنجزتْ حتى بالسلاح النووي (المحرَّم دوليًّا)» /يُنظر، مثلا، النص الإنكليزي لهذه المقابلة التي تمَّ إجراؤها حصريا على الموقع الإخباري السياسي، «الجمهورية» The Republic، في اليوم 16 حزيران (يونيو) من العام 2013/.. وسواء اتفقنا، نحن العربَ الحاملين الهمَّ كلَّ الهمِّ، همِّ السوريين والسورياتِ بالذواتِ، أم لم نتفق مع تشومسكي في كل ما قاله، في هذا السياق (وفي سياقاتٍ أخرى من بعده بسنواتٍ كذلك)، فإنه، هذا المفكرَ الفذَّ، كان قد أدلى بلجوء النظام الأسدي الفاشي الإجرامي إلى استخدام السلاح الكيميائي (المحرَّم دوليًّا، كذاك) إذا لزم الأمر، قبل سنتين ونيِّفٍ من حدوثِ هذا الاستخدام الفعلي عام 2013!!..
وهكذا، في الأخيرِ، وقد «أدركَ شهرزادَ الصباح»، وهكذا، وقد «سكتتْ عن الكلامِ المُباح» – لقد تعلَّمتُ أشياءً ممَّا يُتاح وممَّا لا يُتاح، لقد تعلَّمتُ شيئًا لهُ دلالة ممَّا سمَّاه معلِّمي غياث المرزوق بـ«الدَّالِّ التَّيْهَاوِيِّ» Aporetic Signifier، هذا الدَّالِّ الذي يدلُّ على ما لا يُرى بالرَّأْيِ العَيْنِيِّ في حدِّ ذاتِهِ (إلا أنه قد يُرى بالرَّأْيِ القلبيِّ، في المقابلِ).. وإذا صحَّ أن يُنظرَ إلى هذا الدَّالِّ من منظور مقابلهِ التنافويِّ في الحيِّزِ اللامرئيِّ، على وجه التحديد، فإنه يصحُّ كذاك أن يُنظرَ إلى الكاتب الصحافي «القدساوي» المخضرم المعني من زاويتَيْ توصيفَيْنِ اثنيْنِ، على أدنى تخمين: أولا، الكاتب الصحافي «القدساوي» متماهٍ في مَثَلِهِ «الدرويشيِّ» الأعلى كلَّ التماهي من الجانب «الخُلقيِّ»، وإلى حدِّ اشتقاق الدرس الأخلاقي من محض حدوث «مباراة كرة قدم»، ليس إلا.. وثانيا، الكاتب الصحافي «القدساوي» متماهٍ في مَثَلِهِ «الدرويشيِّ» الأعلى كلَّ التماهي من الجانب «العرقي» كذلك، وإلى حدِّ انفلاق الجَرْس العنصري من محض قصيد «خطبة الهندي الأحمر»، ليس غير.. ولنا حديث مفصَّلٌ عن كلٍّ من هذين التوصيفَيْنِ، في القادم القريب، أو البعيد، من المقالات الأخريات، ولو بعدَ حين!!..
……………………..
تعريف بالكاتبة
ولدتُ في مدينة باجة بتونس من أب تونسي وأم دنماركية.. وحصلتُ على الليسانس والماجستير في علوم وآداب اللغة الفرنسية من جامعة قرطاج بتونس.. وحصلتُ بعدها على الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من جامعة كوبنهاغن بالدنمارك.. وتتمحور أطروحة الدكتوراه التي قدمتُها حول موضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة الغربية» بشكل عام.. ومنذ ذلك
كتابات وتحليلات من أعمق ما يكون ،، ومن أجمل ما يكون ،،
تحية تقدير وثناء واحترام للأخت الدكتورة آصال أبسال ،، باركك الله وأثابك كل الخير ،،
وإلى أسرة التحرير
الجملة الأخيرة تظهر مقطوعة خطأ من قسم (التعريف بالكاتبة) ،، يرجى ترميم هذا الخطأ ،،
أختنا الكريمة الدكتورة آصال أبسال المحترمة
رائع بكل معنى الكلمة وخاصة في تعرية الكاتب الصحافي “القدساوي” المعني وكشف ضحالة حجته الواهية
ولا يسعني سوى أن أقول لهذا الكاتب الصحافي “القدساوي” نيابة عن تشومسكي الفذ : (يا جبل ما يهزك الريح) !!؟
كما كتبت تعليقا على عدد من المقالات السابقة،
تُشكر الأخت الجميلة والنبيهة الدكتورة آصال أبسال كل الشكر على تحليلها الصحفي النقدي القيِّم والمنوِّر!
ما يسحرني في هذه الكتابة المتميِّزة (بوصفها كاشفة أقوال النفاق والرياء وأيضا الازدواج متخفِّية تحت ألسنة كتبة الصحافة العربية المرتزقة مثل صحيفة “القدس العربي” وكتبتها الأدعياء كمثل صبحي حديدي) أن الأخت آصال أبسال تكتب بالالتزام الصارم والحازم بقول كلمة الحق بكل جرأة وشجاعة نبيلتين في مواجهة ما يجري من تخرُّص وافتراء إعلاميين فاضحين فوق أو تحت ألسنة هؤلاء الكتبة الأدعياء!؟
كل المودة والاحترام للأخت آصال أبسال
أخت آصال أبسال بارعة في التحليل النقدي للكتابة الصحافية والإعلامية
وذات ملكة متميزة في القدرة على توضيح الفكرات مهما اشتد تعقيدها في الجدل الكتابي
والأجمل والأشد تنويرا من كل هذا التصدي الجريء والشجاع لكتبة صحافيين “مخضرمين” لكن أدعياء مثل حديدي في انتقادهم الدعوي لمفكرين أفذاذ مثل تشومسكي
سلمت لنا يا أخت آصال ودمت لنا إبداعا وتألقا
تحليل نقدي صحافي وثقافي ثاقب ولمّاح ويضع النقاط على الكثير من الحروف وبأسلوب عربي أصيل فائق الجمال
تحية إجلال واحترام وتقدير وشكر للأخت اللبيبة الدكتورة آصال أبسال على هذا التثقيف وعلى هذا التنوير
كل التحيات والمودات والتمنيات القلبية
هام وعاجل إلى المحررين الكرام
الجملة الأخيرة غير مكتملة من تعريف الكاتبة ، أرجو تكميل النقص احتراما لكاتبته
كتابات الدكتورة آصال أبسال قمة في الرقي والروعة والجمال وتستحق كل عناية بالإخراج اللائق بالمجهود الجميل مما استوجب التنويه
وبمناسبة صدور تقرير في صحيفة القدس العربي هذا الصباح عن تصريح نعوم تشومسكي بأنه لولا المساعدات الأمريكية العسكرية المتتالية لإسرائيل لما لجأت هذه الأخيرة إلى قتل الفلسطينيين بشكل جماعي، كتب الأخ ثائر المقدسي ما يلي:
هذا هو، في الحقيقة، موقف الشريف والنزيه الحقيقي، وأيا كان الظرف السياسي… هذا هو موقف المفكر الفذ نعوم تشومسكي، بالحق والحقيق… ومع ذلك، ورغم كل ذلك، هناك من المعلقين “المتأسلمين” في هذا المنبر من اعتبره مراوغا ومنافقاً لمجرد كونه من اليسار العلماني… حتى كاتب صحفي يحاول الظهور بمظهر “اليساري العلماني” من مثل صبحي حديدي في “مقاله الانتقادي” الماضي عن “موقف تشومسكي من الثورة الشعبية في سوريا”، حتى هو كان قد اتهمه بالذبذبة وبالخطل وبالخرف وما شابه ذلك… !!!
/ أحيل المهتمات والمهتمين إلى مقال انتقاد هذا “المقال الانتقادي” للدكتورة آصال أبسال:
«الصحافة العربية: إِجْحَافٌ بِحَقِّ اليَسَارِ أَوِ انْحِرَافٌ بِحَقِيقِ المَسَارِ!»… !!!
وبالمناسبة أيضا، فإن مأجورة التعليقات الوضيعة (ندى) في أسرة تحرير صحيفة القدس العربي قد لجأت لأسباب تتعلق بجبنها وبحقارتها وخساستها في تحريف وتزييف الحقيقة !!!!؟
بالفعل أخت سلمى سعيد، فقد صدر التقرير المعني في جريدة القدس العربي صباح اليوم تحت العنوان التالي:
/تشومسكي في حوار مع “ذا تروث أوت”: لولا المساعدات (العسكرية) الأمريكية لما قتلت إسرائيل الفلسطينيين بشكل جماعي/
ولكن موظفة التعليقات المأجورة (ندى) قد لجأت إلى حذف تعليق الأخ ثائر المقدسي لأسباب تتعلق بجبنها وبحقارتها وبخساستها في تحريف وتزييف وتشويه الحقيقة إرضاء لمزاجات أسيادها الخليجيين “المغدقين” بالبترودولار عليها وعلى أمثالها من الحقراء والأنذال والسفلة
شكرا جزيلا لكل من أورد الملاحظات المهمة عن التقرير الصحافي الأخير بخصوص ما أبداه من رأي حصيف المفكر الفذ نعوم تشومسكي
تحية وتقدير وثناء واحترام