رحيل

د. احمد جمعة | مصر

لأن الحب..
كان ورقتي الأخيرة والرابحة
لأستعيد منصبي كابنٍ محبوب
في العائلة،
لكن القدر مزّقها مع ابتسامةٍ باردة
في وجهي المتيبّس،
قررتُ الرحيل..

ولئلا أترك خلفي أثرًا
استبدلت يوم الرحيل بيوم ميلادي
منكرًا الحمض الذي
يثور داخلي،
كسّرت بطاقة هاتفي
بيد أن ما انكسر كان قلبي
ورقمي الفردي
حصيلة الضرب داخل جدول العائلة،
تركت ملابسي
لئلا تسحبني من شعر حنيني
رائحتهم
وأعود بعار اشتياقي ک جندي منهزم،
تركت ورائي عيادتي
بكل ما فيها من دواء للقرب
ومشارط قد تفتح ما ورّمه في الروح
الجفاء،
مسحت عنّي ما يزيد عن ربع قرنٍ من الغبار
وصفير القطارات التي لا محطات لها
والدموع
والدموع
والدموع أيضا.

عند أول محطة مرّ بها
قطار الرحيل..
ک حذاءٍ بالٍ رميتُ قلبي
وک قلبٍ طازجٍ وضعتُ حذاءً في صدري،
في المحطة التالية..
كان لساني ثقيلا ومزعجا
ولأحظى بنوم هانئ ولو لمحطةٍ واحدة
حشرته بين زجاج النافذة
فالتقطه غرابٌ
ولأنه كان مدقع المرارة
تفله بقرفٍ
تحت عجلات القطار الزاعقة،
عند المحطة السابعة..
لم يكن قد تبقى معي سوى
ابتسامة أمّي،
فلصقتها بشفتي الذابلتين
وصرتُ خلقًا آخر،
لكنني في المحطة الأخيرة عند باب الخروج
وجدتها تلوّح لي
وعلى شفتيَّ ابتسامتها
قائلة: وداعا،
إياك أن تعود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى