ليالي الرملة.. ” سيرة  الأسير الفلسطيني ” شادي غوادرة

بقلم: شمس ثيزيري

إن أصعب ما قد يصيب الأسير أن يقع تحت أسر نفسه، السجان و القضبان و التعذيب علامات خارجية تزول بينما أسر النفس و نبشها ترهق النفس.

    هو … مشروع مقاتل مؤجّل ، لكن الشهادة تنتقي النفوس الطيبة لأجل الأرض الطيبة ولا تعنيها حسابات الأعمار و الأزمان .

   يستلقي على ظهره ، يرى سماء فلسطين المحتلة ، الاحتلال يفسد وجه الوطن كما تفعل التجاعيد بوجهِ الحسناء، تشوّه الدبابات أرض ” بير الباشا” ، التاريخ الذي عبث بجنين الجميلة الخضراء يستحق أن ينكر .

   رأى كيف تدبّ الحرب فوق أرضه، كيف يتصارع العراة مع الغزاة، و يأتي برنامج وكالة الأنباء كل مساء كي يدينَ الإرهاب 

   من هم الإرهاب يا شادي؟ 

   هم الذين لم ترضَ عنهم اليهود لأنهم يقاتلون لأجل فلسطين ، الذين ينبشون حلم الاستقلال و ينبذون من طرف الملوك العرب .

   لقد طفح الكيل يا أم شادي … اليوم هو اليوم المشهود 

   هو لقاء بين الفتى وعروسه، العروس التي تحمل في يديها الكفن و تأخذه نحو السماء .

     تعتريه رغبة جامحة في البقاء هناك أكثر .

    في معرفة أي الأسلحة تليق بقتل أكبر عدد منهم، هي معركة واحدة،  وحرب أخيرة لا يعود منها، حتى لو ارتقت روحه ستبقى جثته في مكان سرّي .

     ثم يرى جثته في خيالهِ وهي في زاوية ما ، في زمن ما، ولا تجد والدته حتى القبر الذي تزرع فيه أمل اللقاء في الآخرة .

    يتحسّس أخيرا وجود المسدس في جيبه، يتذكر آخر الأوامر التي تلقّاها، يشحنُ نفسه المبجلة بصوتِ إخوته الذين أخذوا في الركض و اللعب … ثم يحرم نفسه من أن يقبلهم جميعا ، و ينصرف. 

    الآن …

   فيروز بصوتها النقي الدافئ تعبثُ بهدوء روحه. 

   محمود درويش يراه على الرصيف يكتب قصيدة .

   و ياسر عرفات يبحث له عن كرسي بجواره، بينما يتسلّل الفتى الذي بلغ خمسة عشر سنة فقط من بيتهِ، راحلا نحو حتفه، تتلقاه أجنحة الملكوت الطاهرة، تفسح الملائكة له الطريق كي يقول كلمته

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. كان هُنالك وطن قي قلب العالم وُلِدَ من رَحمِ تُرابه الخِصب الأنبياء ، وعَرَجَ من مسجِده المُقدّس آخر المُرسلين المُصطفى إلى سابع سماء ، ثُمّ لم نتدارك الوقت حَتّى وجدنا ذلك الرّحم اختلط بدماءٍ رجسة ، اندمجت قطراته العفيفة لتخرج لعناتٍ على العالم فأصبحنا نفيق وننام على أخبارِ هذه القضية ومعجزاتها السبع ، فَكُلُّ شيءٍ هنا معجزة ، الأرضُ وهي ترفُض الغُزاة مُعجزة ، الرجال وهم يتحوّلون لجيوشٍ جرّارة تستميت للدفاع عن وطنها معجزة ، الشجر الذي كان يحرق نفسه ليُظهر جُندي الإحتلال المُختبئ خلفهُ معجزة ، النّساء وهُنّ يتحوّلنَ إلى قادة يفضّون مضاجع الإحتلال بعملياتهن الاستشهادية معجزة ، الأطفال الذين اقتنوا الحجارة عوضاً عن الدُمى معجزة ، المنازل التي كانت تقف شامخةً حتى آخر جدارٍ فيها معجزة ، وذلك المسجد الذي بقي على حاله منذ الليلة التي عرج فيها محمداً منه إلى يومنا هذا معجزة .
    أما ما يُعاني منه شادي ، أن المُعجزات السبع لم يبقَ منها سوى معجزة واحدة هي من تجعل للقضية وزن حتى اليوم ، فبعد أن كان يستفيق على أخبار صمود ومقاومة شعبه ، أصبح ينام على أخبارِ اقتتال ابناء شعبه على المناصب والكراسي والسلطة ، والإحتلال غارقٌ بعسلِ التطبيع والسلام مع دول العالم آمناً مُستقراً ، وبعدما كان اسم الفلسطيني يهزُّ كيان أعتى دول العالم ، أصبح الفلسطيني مُهاناً .. أسيراً .. ذليل لُقمة العيش .

  2. كان هُنالك وطن قي قلب العالم وُلِدَ من رَحمِ تُرابه الخِصب الأنبياء ، وعَرَجَ من مسجِده المُقدّس آخر المُرسلين المُصطفى إلى سابع سماء ، ثُمّ لم نتدارك الوقت حَتّى وجدنا ذلك الرّحم اختلط بدماءٍ رجسة ، اندمجت قطراته العفيفة لتخرج لعناتٍ على العالم فأصبحنا نفيق وننام على أخبارِ هذه القضية ومعجزاتها السبع ، فَكُلُّ شيءٍ هنا معجزة ، الأرضُ وهي ترفُض الغُزاة مُعجزة ، الرجال وهم يتحوّلون لجيوشٍ جرّارة تستميت للدفاع عن وطنها معجزة ، الشجر الذي كان يحرق نفسه ليُظهر جُندي الإحتلال المُختبئ خلفهُ معجزة ، النّساء وهُنّ يتحوّلنَ إلى قادة يفضّون مضاجع الإحتلال بعملياتهن الاستشهادية معجزة ، الأطفال الذين اقتنوا الحجارة عوضاً عن الدُمى معجزة ، المنازل التي كانت تقف شامخةً حتى آخر جدارٍ فيها معجزة ، وذلك المسجد الذي بقي على حاله منذ الليلة التي عرج فيها محمداً منه إلى يومنا هذا معجزة .
    أما ما يُعاني منه شادي ، أن المُعجزات السبع لم يبقَ منها سوى معجزة واحدة هي من تجعل للقضية وزن حتى اليوم ، فبعد أن كان يستفيق على أخبار صمود ومقاومة شعبه ، أصبح ينام على أخبارِ اقتتال ابناء شعبه على المناصب والكراسي والسلطة ، والإحتلال غارقٌ بعسلِ التطبيع والسلام مع دول العالم آمناً مُستقراً ، وبعدما كان اسم الفلسطيني يهزُّ كيان أعتى دول العالم ، أصبح الفلسطيني مُهاناً .. أسيراً .. ذليل لُقمة العيش .
    أما عن شمس ساطعة في سماء القضية الفلسطينية تأبى الغروب ، فتمد دفئها وطاقتها لإيصال معاناتها إلى ضمائر العالم ، شكراً شمس نيابةً عن كل شهيد ارتقت روحه إلى السماء ، وعن كل جريح سالت منه قطرة دم واحدة ، وعن كل أسير أصبح لديه العمر عبارة عن ليال التحقيق والتعذيب ، وعن كل فلسطيني حر ما زال يرفض التقسيم والإحتلال ويحلم بوطنٍ تكون له فيه الكلمة العُليا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى