قليل من الفلسفة
د. خضر محجز | غزة – فلسطين
التصور لا يكون فكرة إلا في تحققه الزمني، أو: كل عصر ينتج شكلا مختلفا لنفس الفكرة. يقول هيجل في كتاب (فلسفة الحق) والصياغة لي لتسهيل المضمون:
“إن الفكرة الشاملة وحدها هي التي لها وجود العالم، وهي التي تهب نفسها هذا الوجود في العالم. فكل شيء يقيم بناءه مستقلاً عن العالم، ليس سوى رأي زائف وضلال. وحين تتحقق الأفكار وتنتقل من المجرد الذهني إلى الواقع، فإنها تتخذ لها أشكالاً. وهذه الأشكال جزء من الفكرة، ولازم في معرفة الفكرة الشاملة ذاتها، وليس مجرد شكل خارجي”. انتهى
إذن فتحقق التصور الذهني في العالم، هو ما يحوله من تصور مجرد ذهني إلى (فكرة). لأن هذا التحقق في العالم، هو اللحظة الجوهرية الثانية للفكرة، اللحظة الواقعية التي يمتلك الجوهر فيه شكلاً فيصير في الدنيا.
إن شكل الدولة الإسلامية في العصر الأموي هو الدولة الإسلامية في العصر الأموي.
وإن شكل الدولة الإسلامية في العصر العباسي، هو الدولة الإسلامية في العصر العباسي.
وإن شكل الدولة الإسلامية في العصر العثماني هو الدولة الإسلامية في العصر العثماني.
لم يكن ممكناً للدولة الإسلامية في عصر معاوية، إلا أن تتحقق على الشكل الذي تحققت به على يد معاوية ومن بعده من الخلفاء الأمويين. ولو افترضنا أن أموياً قرر أن يقيم الدولة الإسلامية في عصر الأمويين، وفق شروط دولة الراشدين، لما تمكن من ذلك. ولو أردتم الدليل فتذكروا عمر بن عبد العزيز.
كما لم يكن ممكناً للدولة الإسلامية في عصر العباسيين، إلا أن تتحقق على هذا الشكل الثيوقراطي الذي تحققت به على يد الدعاة. ولو افترضنا أن عباسياً قرر أن يقيم الدولة الثيوقراطية على المثال العلماني الأموي، لما تمكن من ذلك، ولسقطت الدولة العباسية، لتظهر فكرة الدولة الإسلامية في ثوب جديد، على شكل آخر.
وكذا هو الأمر مع الدولة العثمانية.
وكذا هو الأمر اليوم، حيث تثبت حركة التاريخ أن شكل الدولة الإسلامية، في عصر حماس أو داعش، هو الدولة الإسلامية في هذا العصر.
لا وجود مطلقاً وأبداً، لفكرة الدولة الإسلامية خارج ما أنتجته اللحظة المعاصرة.