رسالة إلى مجهول (2)
هند خضر | سوريا
هذه الليلة راودتني فكرة إكمال رسالتي إلى مجهول فاعترضني الإرهاق و وقف كالحاجز بيني وبين الكلمات ..من المفروض أن تكون حروف الرسالة معجونة بالحب و الشوق ولكن الوقت غدرني و لم يعد للحب براحاً في قلبي فاكتفيت بكتمانه بل دفنته للأبد …
ولكن ..أريدك أن تعرف أن قلبي ليس من حديد وليس من ورق ..يقتات على الوجع والقلق وحتى نبضاته لم تعد كما هي فمرة ينبض بالحيرة ومرة بالأرق ..
أجدّف حزني لوحدي تتقاذفني الهموم فيراودني طيفك ..
ذاك الطيف مازال نجاتي من الغرق ..
في هذا المساء أشعر كأنني في أرجوحة …تارةً تقودني نحو الحنين وتارةً أخرى نحو الاشتياق ..يهب نسيم الذكريات فيبكي القلب بصمت وما أصعب بكاء القلب! يتصاعد معه دخان كثيف من الروح ..يتجمد دمع العين وتغص الآه في الحنجرة ..
الآه التي لا تفارق أنفاسي يا سيدي ..
الآه التي تلازمني في صباحي ومسائي و بحثت عن دواء لها في الصيدليات فلم أجد ..
إنها الآه العميقة من الحزن المكبوت ..
هذا المساء وقتي ثقيل جداً ..أشعر وكأن صخور العالم فوق صدري ..أنتظر قدومك لتسألني ما بك؟ لأنفجر بالبكاء وألقي برأسي فوق كتفك …تغني لي ليغفو الوجع ..
أنتظر حدثاً مفصلياً يعيد الصبا إلى ملامحي وتفاصيل وجهي ..ويجعلني أعيش الربيع و لو مرة واحدة في العمر ..فأنت أدرى أنني عشت الفصول جميعها إلا الربيع منها ..
أنا أنتظرك ..وإن طال انتظاري ولم تأتِ فاعلم أن رسائلي ستنتهي في يوم من الأيام وحروف الرسالة ستهرب من بين أصابعي واعلم أنني سأنطفئ تماماً كما ينطفئ مصباح الغرفة للأبد ..سأنطفئ كما تنطفئ شمعة من شدة الاحتراق ..
فعندما نشعر بتفاهة كل شيئ يكون الانطفاء الأخير.