حب سرمدي
جود الفويرس | طرابلس – ليبيا
كان الطّريق بيني وبينه ممتدّ إلى مالا نهاية، لا ضياع فيه ولا وصول، وكُنت ولأوّل مرّة لا طاقة لي بالسّفر. كنت أراه بين الفينة والأخرى يقترب، فأختفي أنا خوفًا على قلبي وحين يقتلني الحنين كُنت أعود، فيبتعد هو.
كان هو البحر الذي أحبّ السّماء، وكنت أنا من ينعكس عليه، كلانا يحيا بداخله شيء مختلف وكلانا مرآة للآخر. كثيرًا ما كان يعكّر السّحاب الأسود صفوي، فيضوج ثائرًا مَوجُه هو، وكنت قليلاً ما أمطر عليه أحمالي، لتقع بجوفه، ويمتصها بكلّ حبّ، مبتسمًا، مواسيًا إيّاي وإن كان من بعيد. كنت أُرسل إليه خيوط شمسي أيضًا، وأزيّن لونه بسحابي الأبيض أغلب الأحيان، وحين تُظلم عليه كُنت أُهديه القمر. كان ينظر إليّ طوال الوقت، بشوشًا غيرَ آبه لكمّ الصّيّادة في بحره، ولولا حياء السّحاب الذي دائماً ما كان يغطّيني والطّيور شاهدة على كلّ شيء، ما أزلتُ نظري عنه أبداً . كان بجانبي وكنت أنا كذلك ، ورغم قربنا، كان بيننا الفضاء والأرض.