رؤية فلسفية: عجز الفكر الشيوعي وسقوط نظرياته العتيقة
نبيل عودة | فلسطين
– قوة هذه الأحزاب كانت تبرز بكوادرها المنظمة ذات التثقيف السياسي الذي تلاشى ايضا.
– عليها ان تندمج اكثر بحركات المجتمع المدني الذي اضحى قوة سياسية واجتماعية واسعة التأثير.
ما زلنا نسمع حتى اليوم قوى اليسار الراديكالي، والحركات القومية تطرح شعارات حول ما تسميه بنهجها السياسي بـ “الجماهير الشعبية” وحول نظريات ماركسية مثل الحتمية التاريخية. وتدعي انها قاعدتها السياسية والنضالية. واكثر من ذلك تفاجأت بمثقف شيوعي يكتب مقالا يعلن فيه “نحن حزب ماركسي لينيني نؤمن بالصراع الطبقي وانتصار البروليتاريا على البرجوازية الحاكمة وبناء النظام الشيوعي، وان الجماهير الشعبية معبأة للثورة” مضيفا بلا عقل: “ان سقوط الاتحاد السوفييتي كان بسبب سيطرة شيوعيين انتهازيين على السلطة”.
السؤال اين عشرات ملايين اعضاء الحزب والجيش البروليتاري العقائدي الأحمر للدفاع عن نظامه الاشتراكي؟
يبدو لي بثقة ووعي كامل، ان الشيوعيين عامة والماركسيين المثقفين تحديدا، يعيشون بوهم موروث، او حلم سياسي رطب لم يثبت نفسه اطلاقا، بل هو غير قائم الا في مخيلات قادة واحزاب سياسية انتهى زمنهم وبات من الصعب ان يستوعبوا ان احلامهم الرطبة هي مجرد احلام غير قابلة للتحقيق.
الملاحظة الهامة هنا ان تلك المفاهيم الوهمية أضحت تشكل جزء كبيرا من الفكر السياسي للقيادات الجديدة الشابة. طبعا دون ان يفكر أي منهم ان كانت تلك النظريات صالحة اليوم ايضا رغم انها تاريخيا لم تكن الا تخيلات يعلوها الكثير من الشك.
لم يثبت اطلاقا منذ كومونة باريس ان شهد عالمنا صراعا بين البروليتاريا والبرجوازية، حتى ثورة اكتوبر كانت بجذورها انتفاضة فلاحية استطاع لينين ان يقودها على اثر الحرب العالمية ألاولى وعودة المقاتلين – الفلاحين اساسان الذين انتكبوا بالحرب، فوعدهم لينين بالأرض فانضموا للثورة.
لنلقي نظرة على واقعنا المحلي داخل إسرائيل
فسروا لي كيف خسرت الأحزاب السياسية (وخاصة الجبهة- وحزبها الشيوعي) مكانتها الطليعية بانتخابات الكنيست الأخيرة في اسرائيل(الرابعة كما تعرف) لقائمة لم تكن سابقا في اللعبة السياسيىة حول اصوات الجماهير العربية، كقائمة مستقلة بكيانها وتنظيمها، بينما التنظيمات الحزبية وعلى راسها الحزب الشيوعي (الجبهة) رغم مئات أعضائها ونظرياتها ودورها السياسي والاجتماعي التاريخي في حياة الاقلية العربية، فقدت مكانتها القيادية في الوسط العربي. اين اختفت كوادرها ونشطائها السياسيين المنظمين، وكوادرها المثقفة ؟
قوة هذه الأحزاب (الحزب الشيوعي بالتأكيد) كانت تبرز بكوادرها المنظمة ذات التثقيف السياسي. لكن لا شيء بقي من ذلك. لا شيء يجعلها مميزة… خاصة بعد تجربة الانتخابات الأخيرة (الرابعة) للكنيست، حيث احتلت الواجهة قائمة لم يكن لها سابقا أي وجود انتخابي منظم ومستقل (القائمة الموحدة) هي قائمة اسلامية بجوهرها كان لها شراكة مع حزب لم يعد له كيان. وارى ان الانتخابات القادمة للكنيست ستكون نكسة للجبهة قد تضع علامات النهاية لبداية الاضمحلال والتفكك. ولن ينقذ الوضع شعاراتهم عن “الجماهير الشعبية” والصراع الطبقي والنموذج السوفييتي وغير ذلك من الدعم السوفييتي مثلا عبر استقبال الدول الاشتراكية لمئات الطلاب الشيوعيين منذ سنوات السبعين في القرن الماضي. للأسف اليوم لا اراهم تقريبا في الحزب الشيوعي الاسرائيلي، او في معاركه السياسية، رغم ان عددهم كان بالمئات، وقد ساهمت الدول الاشتراكية، وهذا امر لا يمكن انكاره، ببناء كوادر علمية هامة جدا لمجتمعنا العربي داخل اسرائيل. لكنهم ابتعدوا عن تنظيمهم الشيوعي وعن معاركه السياسية.
السؤال: هل بالواقع السياسي المتغير، وواقع تفكك الحركات الشيوعية دوليا، وفقدان النظرية الماركسية للكثير من ثوابتها الفكرية، وعدم قدرة الحركة الشيوعية على استخلاص النتائج وتطوير فكرها بما يتلاءم مع التطورات العاصفة اقتصاديا وسياسيا في عالمنا. بما في ذلك حتى شعارهم عن “الجماهير الشعبية ” الذي أصبح تعبيرا من الماضي الذي يتمسكون به بدون تفكير، رغم التطور الذي عصف بالمجتمعات قاطبة وليس بمجتمعنا فقط. للأسف لا ارى ان الجبهة وحزبها الشيوعي يملكون القدرات الذهنية والمعرفية لفهم عمق التطور العاصف في عالمنا، وإسرائيل تشكل نموذجا هاما للتحولات في النظام الراسمالي. والتطور تجاوز كل نظرياتهم الاقتصادية خاصة، والفلسفية عامة، ومفاهيمهم عن الديموقراطية والطبقية والنظام الرأسمالي والتغيرات التي عصفت بكل الفكر القديم من القرن التاسع عشر حتى اواسط القرن العشرين.
ان مفهوم “الجماهير الشعبية” فقد مكانته، اليوم تبرز على الساحة النضالية تنظيمات جديدة تشمل اوساطا من جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، واعني تنظيمات المجتمع المدني التي اصبح لها تأثير ودور متعاظمين على تشكيل السلطة ايضا.
عالمنا المعاصر تجاوز الكثير من النظريات التي طرحها ماركس في وقته واصبحت اشبه بالانجيل المقدس للتنظيم الشيوعي في بلادنا والعالم اجمع. واكاد لا استوعب هذا الجمود الفكري والعقائدي بدون بادرة لتطوير مفاهيم جديدة. وغني عن القول ان الحركة الشيوعية العالمية اضحت بطريق التفكك وربما بمراحل التفكك الأخيرة!!
طبعا انا لا اناقش قضية التمثيل السياسي، ورؤيتي ان طروحات الأحزاب الشيوعية الاجتماعية والسياسية والحقوقية هي صحيحة بجوهرها، لكنها تنطلق من تنظيمات تتقلص تدريجيا بكل المجالات، ورؤيتي انها يجب ان تكون جزءا من حركات المجتمع المدني.
تعميمات جارفة وخلط الحابل بالنابل بين الشيوعية السوفييتية والماركسية ، كل هذا التعميم وهذا الخلط لا ينم إلا عن الجهل المطبق الذي يتمتع به كاتب هذا “المقال” من درجة عديمة التصنيف (نبيل عودة) ،
وما يثبت هذا الجهل المطبق قوله المتهافت (لم يثبت اطلاقا منذ كومونة باريس ان شهد عالمنا صراعا بين البروليتاريا والبرجوازية)، وما يثبت هذا الجهل المطبق أكثر تعقيبه المتهافت أكثر (حتى ثورة اكتوبر كانت بجذورها انتفاضة فلاحية استطاع لينين [أن يوحد] الفلاحين الذين انتكبوا بالحرب، فوعدهم بالأرض فانضموا للثورة) ،
كل هذا الجهل المطبق بأوليات الكتابة في الموضوع يدل على انحطاط الفكر بين أشباه كتبة (مثل نبيل عودة) إلى أدنى مستويات الحضيض
يا بلقاسم
عبر علي مثلك المئات – الموضوع ليس ماركسية السوفييت او ماركسية ماركس. انما واقع تغير كل الطروحات التي وردت بماركسية ماركس وللأسف لم تقم الحركة الشيوعية بتطوير النظرية. فقط تيار الشيوعية الأوروبية قام بجهد هام لنقد ماركسية لينين وستالين وتطوير رؤية جديدة. الموضوع ليس عداء لفلسفة ماركس بل حزنا على مصيرها من آسريها وموتها البطيء في اسرهم.
انا ماركسي وما اكتبة هو من جذور الفكر الماركسي لو وجد من يطوره بدل اعلان نعيه ونهاية الفلسفة الماركسية والاقتصاد الماركسي الذي يحتفظ بالكثير من الثوابت الصحيحة ولكن مساءل هامة تحتاج الى تطوير بما يتناسب مع التغييرات التي عصفت بعالمنا وبالنظام الراسمالي وما يسمى طبقة عاملة تغير كل واقعها الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والوظيفيز لا الومك فانت ضحية للتضليل.