عزيزتي: رُوزِيتا (1)

ناصر أبو عون

عزيزتي روزيتا:
بعد حديثنا في الساعة الخامسة والعشرين غفوت قليلا؛ نامت عيوني ولم ينعس قلبي.. لعلّكِ كنتِ تضعينه في قبضتكِ فيرتجفُ حنينا، بينما أنا كنتُ أسير في العتمة أستضيء بعيونك كي أعبر متاهة الحياة، مُعلّقا مصباح جِيدِك في مسبحتي، وأتوكأ على زندكِ، وبين رمشة منكِ وانتباهتها خرجت الشمس من مخبئها، وتربّعت فوق قبّة السماء، فوضعتُ صحنَ خدك في كفّي؛ كي تبرد حرارة الشوق؛ إنها قيامة العشق، فدثريني، وهزِّي نخلتك تساقط رطب قلبكِ في حجري.

عزيزتي روزيتا:
حقا أنا إنسان غريب الأطوار.. أتنقّل بين الواقع والخيال، وأقفز من قارب الخيال إلى أرض الحقيقة ثم أعود.. مثل جني سريع التشكّل لا يبقى على هيئة واحدة مخافة أن تتلبَّسه، هذه الصورة أو تلك.. مثلا بالأمس أسندتُ رأسي المتعب على صدركِ وتدثرتُ بذراع والآخر كان يمسدّ شعري.
غير أنّ ما تمّ البوح به عاليا ليس إلا محض خيال، ورغبات مؤجّلة، ورؤى شفيفة على ناصية الحلم. وكما يقول تشيخوف: ثم إن الحياة بحد ذاتها مملة، وحمقاء، وقذرة.. إنه تشدك نحو قاعها كالمستنقع؛ انظر حولك لن ترى سوى أناس غريبي الأطوار.. فقط غريبي الأطوار.. وبعد أن تعيش بينهم لعامين أو ثلاثة أعوام تصبح أنت نفسك شيئا فشيئا – و دون أن تلاحظ غريب الأطوار أيضا .. إنه قدر محتوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى