وَمِنَ الحِكَايَةِ بَعْضُهَا
الأب يوسف جزراوي | أمستردام
فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْم
التّاسعُ مِنْ نَيْسَان
طوَّقَ حِزَامُ الْمَوْتِ عُنق
فَوَضعتُ أذنيّ
عَلَى قَلْبِ مَدْيَنَتي
وَلَمْ أسمع نَبضها
°°°
وَحِينَ فَرَضَ الغَزَاةُ
حَظْرًا للتَّجوُّلِ
عَلَى أحْيَاءِ عَاصِمَتي
لم أرَ إلّا المُدَّرعات
تُطْبَقُ جَفْن الطُّرُقاتِ!
°°°
وَحِينَ رأيتُ النّخلةَ
تبكي عَلَى صَدرِ الفُرَاتِ
عَرَفَتْ أَنَّهُ مَخَاض النّ
وأنَّ عددَ الكَوابيّس
قَدْ فاقَ الأحلام.
°°°
وَلَحْظَة اِقتلعوا الوردة مِنْ
وكأنّهَا عَشِبة ضَارة
فِي حديقةِ الوطنِ
أدْرَكتُ أنِّ العِراقَ بدء
يلفظُ سكانه الأصليين
قبل أنْفَاسه الأخيرة!
°°°
وَلَّما أوْصَدوا أبوابَ البِيَ
فِي وُجُوهِ أطفالِ رَعيّتي
سمعتُ المآذن تَرْثِي بِلَوْعَ
أجراسًا نَسِيت آحادها…
°°°
وَحِينَ أَبْصَرتُ الاحْتِلاَل
يبيح بيع السّلاح
جِهارًا نَهارًا فِي كُلِّ مكانٍ
تيقنتُ أنَّ القتلَ قَدْ شاع…
°°°
وَعِنْدَمَا جَسّوا نوابضَ كَ
وجَّهَ الدَّخلاءُ فُوَّهة أسْ
صوبَ رأس قلمي
فاِسْتَشْهَدت أَزْرَارُ حُلَّة
إثر رصاصة طائشة أو مُتَعَمِّدة
°°°
وَحِينَ وَجَدْتُ ساسة الصُّدْ
اِنشطروا إِلَى شَطْرَيْنِ
الْأَوَّلُ: حنّطَ الوطنَ المَ
الثّاني: خَدَّرَ بَلدًا نالهُ
قَبْلَ إِجْرَاءِ عَمَلِيَّة ال
عرفتُ أنَّ الوطنَ
غَدَا ككَذْبَةِ نَيْسَان!!
°°°
وَلَّما رأيتُ الطَّائِفيّةَ
غَرَست (الراءَ)
بَيْنَ (الحاءِ) و (الباءِ)
وَفَتَكت بِوَحْدَةِ شَعْبي المُ
اِنْقَطَت الكهْربَاءُ فِي رُ
حِينَها رَكَلتُ باب الوطن
ورحلتُ عَلَى مَتْنِ سيارةِ أُ
نوع GMC
أُخِبئ العِراق فِي قَلْبِي
فَالْقُلُوبِ عَلَى الْحُدُودِ
لاَ تَخْضَعُ للتَّفْتيشِ…!
°°°
رحلتُ فَارًّا بجَلَدِ وطني
إلى الحُدودِ السُوريّةِ
وَالخَوَاءُ فِي جيبي
وَبَيْنَ أَصابِعِ رُوحي سِيجَ
َتنْفِثُ رَائِحَة اِحترَاقي
بَيْنَمَا صَدْري اِلتَظَى
بِجَمْرَةِ أَسَى الفِراَقِ!
°°°
مَضيتُ وَفِي ثيابي عَبِق الْفُ
الذَّي خَبَزت فيه أُمّي
رغيف عشاءنا الأخير
فَبَقيَ طَعْمُ مِلْح دموعها
فِي فَمِي!!.
°°°
غادرتُ بِحُزنٍ آلَمَني
اِلتَحَفَ ببكاءٍ وَشيكٍ
لكَنَّ الدَّمْع لَمْ يصمدْ طوي
فَفِي نقطةِ الْمَعْبَرِ
جَثْوتُ عَلَى رُكْبَتَي
لاطبَعُ قُبلَةً مُبَلَّلة بِ
عَلَى جَبينِ الوطنِ…
وَمَا إنْ وضعَ قَلْبِي
أوّلى أقَدَامه فِي الغُربةِ
سَقَطت عَنِّي السِّيدَارَةُ
وَتَاقَتِ الْعَيْنُ بِدَّمْعٍ
لسعَ أَسْفَلْتَ الْشَّوارِعِ فِ
بَلَى وَاللَّهِ بَلَى..
لَقَدِ بكيتُ كَطَائرٍ
حَطَّ بِعشٍ غَيْرِ عشهِ..
وَلَيْسَ مِنَ المَعِيبِ
أنْ يَبْكِيَ غريبُ الدِّيارِ و
°°°
وَلمَّا مَضَتْ الأَياَّمُ
وكأنّها الدّهْرُ
عَكَفتُ عَلَى رَدَمِ حُزني
وَتَرْميمِ نَفْسِي بِالصَّبْ
فقُلتُ فِي سِرِّي:
لَا تَبكِ يَا أيُّهَا العراقي
إنّهَا مُجرّدُ غفوةٍ
عَلَى سَريرِ الاِغْتَرَبِ..
وَلَمْ يَدرْ فِي خَلَدي
أنّي سأغرَقُ بِنومٍ طويلٍ
إِلَى يَوْمِنَا هَذَا!!
°°°
هَكَذَا كَانَ مشهدُ النُّزُوحِ
وَلاَيَزَالُ ذَلِكَ الكَاهِنُ
المعمّذ بماءِ الفُراتِ
يَحِنُّ إِلَى جذورهِ الضّ
في أَدِيمِ أرضٍ
كَانَت لَبِنةً
للحَضَارَةِ وللشِّعراءِ وَالْ
رَغْمَ أَنَّ لَيْالّيها
لَمْ تَعُدْ زهرةً وَقِنديلاً
عَلَى مَوَائِدَ السَّلامِ!!
°°°
حِكَايَةُ نُزُوحٍ وَوَجِعٍ
أوْسَعُ مِنَ الْكَلِمَاتِ
عَنْ بِكْرِ البُلْدَانِ
لَهُ فِي سَرِيرَتَيّ مَودَّة
كَوَجْدِ الزّهرِ للنَّدى!
إِذْ طُوبَى لِمُغْتَرِبٍ
ظَلَّ قَلبِهُ ينبض بِحُبِّ بِ
