نصوص
عبد الغني المخلافي | اليمن
[ مأساة ]
مدينتي غارقة وضائعة
في مجاري
الدم والدموع
يستشري في مفاصلها الليل
وروماتيزم الحرب
منذُ ثماني لعنات
لم ترَ نافذةِ مطرٍ ولا أغنية
في سرادقِ الفقدِ
هي الآن عارية تماماً
إلا من رداءِ الخوف
وعلى وجهها
تطفو رائحة الموت
وأنفاس البارود.
[ هناك ]
أريد أن أذهب إلى مدينتي البعيدة بفعل الحرب
هناك أصدقاء وأقارب
وحبيبة قديمة ربما تَهَدَّل رمانها المكتنر
ربما تشردتْ أو قصفتْ برصاصةٍ ملعونة .
ولي هناك صخب الأزقة والحارات الحميمة
والمشاكسة
وقصيدة لم أنتهِ منها
وقصة لم أكتبها
ومغامرة لم أقتحمها بعد
وجبل يعانق السماء تتوجه “المشاقر” والسحب الناصعة
مفعم بالأغاني والخضرة
وصبايا حسان
وبيت كان يعمره أبي قبل أن يغادره
نحو الأبد
وشارع كُنْيَته شارع الحب
مزقته القذائف والاحقاد
وسنوات عامرة بالتسكعِ
واللامبالاة طافحة بالحب والصحبة والخسارات
والانتصارات
الصغيرة والكبيرة.
ولي بدء الشجن والشوق والتنهدات
والغزوات الشيطانية والبريئة والمسرات القليلة
والدموع الكثيرة.
ولي الطيران بأجنحة الأحلام والأمنيات
والسهر والنوم
والعمل لفترات والبطالة لأعوام.
ولي محاولات نابضة في صحيفة الجمهورية
ومؤازرة النادي الأهلي والتعصب
في وجهِ “الطليعةِ” و”الصقر” .
[ افتراس ]
هذه الحرب لن تموت
لن ترفع أنيابها أوسمومها
لأعوامٍ سرمدية
سترحل العصافير والأشجار
والأغانى والألوان
في ظلِ السكون
سنعود دونَ نوافذٍ أو طرقٍ
كجذوعٍ خاويةٍ بلاَ حراكٍ
في غابةٍ يسكنها الافتراس
والينابيع المتوحشة
والأودية الملغومة.
[غريب]
لا أحد يشتهي قصائدك
إنهم يأكلون بعضهم بعضًا
ويستجرون حديثهم الممجوج.
يتعمدون إسقاطك إلى حيث
هوامهم و ذبابهم الضال.
كأنك دون أليفٍ أو قرينٍ
أو صاحبٍ
كطائرٍ هبط من بعيدٍ
أو نبتةٍ مجهولةٍ
لا بيئة ولا مناخ
عدا فضائك إلكتروني
ومنصاتك الافتراضية.
[ ابتلاء ]
يالانزعاج أبنائي
وضجر أهلي
أمام شراهتي الفنية
وجوعي المفرط
بجنون الكلمة
ومطاردة الأخيلة
وهطول المعنى
ومجالسة الكتب.