لَوْلا التَسلِي بِأطيافٍ ألاعِـبُها
طارق المأمون | السودان
قل للعـيـيِ إذا ما رامَ مَـنْـقَـصَـتي
لـِي فِـي الـمَكَارِمِ أفْعـالٌ لَها لـُسـنُ
///
سائِـلْ بَليـلَةَ إذْ قــامَـتْ لها عُـــمَدٌ
و نالَ مَنْ جَاءَها الخَيْراتُ وامْتدَنُوا
///
وأمّها بَـعْـدَ أن كـانَـتْ مَـرابِـعُــها
أرضَ الـبُـغامِ جَماعاتٌ بِها قَطَنُوا
..
(البُغامُ: صوْت الإِبل وقيل صوت الظبية)
وجاءَها مِنْ بِلادِ الصِينِ مُـنْـتَـدَبٌ
يَـحْـثُـوا الـتُـرابَ بِـآلاتٍ لَها سِننُ
///
يَدُسُّ في الأرْض ثُعْباناً حَراشِفُهُ
مِـنَ الـحَـدِيـدِ تـَلَـوّى وَهْـو يَـنْـدَفِـنُ
…
(المقصود أبراج الحفر التي يستخرج بها النفط من باطن الأرض)
يَغُوصُ في باطِنِ الأرضينَ مُنْحَدِراً
وَ لَـوْ يَـسـيـرُ إذنْ تَـدْنُـو لَـهْ اليَـمَنُ
///
فَقاطِنُوا الجَانِبِ الخَلْفِيِّ مِنْ بَلَدِي
لَوْلا الوُصولُ لَكانُوا الآنَ قَدْ طُعِنوا
///
وَتَسْبَطِرُّ عَلَى الأرضِ التَي بَعُدَتْ
حُـبْـلَى الـحَدِيـدِ وَ مِنْ أبْنائها دُهِنُوا
…
اسْبَطَرَّ أَسرَعَ وامتَدَّ (المقصود خط انابيب نقل خام النفط)
كَـمْ قَـدْ شَـقَـقْـتُ طَريقاً قَلّ عَابٍرُهُ
وَ كَــمْ حَـفَرتُ قَلِـيـباً حَوْلَهُ سَكَنُوا
///
و كَـْم بَـنَـيْـتُ مَنَاراً لِلأُلِي جَهِلُوا
و كَـمْ رَفَـعْـتُ جِـدَارَاً بَـعْــدَهُ أمِـنُوا
///
و كَمْ أعَنْتُ فَـقِـيـراً قَلَّ نَـاصِـرُهُ
و كَـْم رَفَـعْـتُ كَـسيراً ضَرَّهُ الزَمَنُ
///
و كَمْ حَلَلْتُ مِنَ الدَهْياءِ مُعْضِلَةً
أعْـيَـتُ مَـسَـالِكُها قَـوْماً بِها حَرَنُوا
…
الدَّهْياءُ الدَّاهِية من شدائِدِ الدَّهْر؛
تَقُولُ مِـنـّةُ وَ الأشْـواقُ تَعْـصِفُـهَا
أمَا بِـقَـلْـبِـكَ شـَوْقً مِـثْـلُـنَـا دَجـِنُ
…
منة إحدى بناتي ودَجَن بالمكان يَدْجُن دُجوناً: أَقام به وأَلِفَه
إنّي رَأيتُ صِحابِي لا يُـفـارِقُـهُـمْ
أبٌ حَـبِـيـبٌ وَلا تَـغْـشـاهُمُ مِـحـَنُ
///
قَالتْ لأمٍ بَراها الشَوقُ فاعْتَبَرَتْ
رَغْمَ التَصَبِرِ قَد أزرَى بِها الشَجنُ
///
بِي مِثلُ مِا بِكِ مِنْ شَوقٍ و مِنْ وَلهٍ
و مِـنْ فُـؤادٍ بِـهِ الأشْـجَـانُ تَنْـعَـكِـنُ
(تنعكن تتراكمُ)
…
و مِنْ لَيالٍ طَويلِ البـاعِ آخِــرُها
بَعـيـدَةُ الغَـوْرِ لا يَـنْدَى بِها الشَطَنُ
(حبل طويل شديد الفتل يستقى به في الآبار العميقة)
لَوْلا التَسلِي بِأطيافٍ ألاعِـبُها
عَـلَـى الـهَـوَاءِ وآمـالٍ بِـهـا دَخَــنُ
///
وَ أمْنِياتٍ بِعْـيشٍ وَارِفٍ رَغَـدٍ
وَ خَوْفُ مَوْتٍ فَجاءٍ وَقْعُه خَشِــنُ
///
وَ ذِكْرُ إرْثٍ عَلى أعْناقِ وَالِدةٍ
تـُزَمُّ مِنْ حَـمْـلِهِ الأجْفـانُ والوُجُنُ
///
تَعُولُ كَوْمَ بِنـاتٍ كانَ عَـائِـلُـهُ
يَـحْـنُـو عـَلَـى كُلَ فَرْعِ غُصْنُهُ لَدِنُ
///
الوَجْنةِ؛ هي أَعلى الخدّ
أقولُ حَسْبُكِ إنِّي لا أّسِـلُّ يَـداً
قدْ مَدَّها الصَبْرُ والأيمانُ والوَطنُ
ذا يا هشامُ بَلائي عِندَ مَنْ عَرَفُوا
قُلْ لِلْأُلِي جَهِلُوا صِدّيقُ وَ الحَسَنُ