رواية: ملوك الجن.. الملك العقنقل ١ / ١٦

تأليف: موزة المعمرية | كاتبة عمانية

1

ملخص الرواية:

تبدأ أحداث الرواية في عالم “الإنس”, بخروج الملك “العَقنقَل” من مملكته “الأيَار” بجيشه يبغي الاستيلاء على مملكة الشرق وضمها تحت لواءه, بالفعل يستطيع هذا الملك الوصول إلى هناك بجيشه وضم مملكة الشرق له, يتعرف الملك بأمير شرقي زهد الحياة واختار حياة البُسطاء والعيش في المقابر, حيث يصبح الاثنين صديقين.

في مملكة “الجَان” يخرق الأمير “سَكَنْدَر” القوانين ويخرق عالم الإنس ليقع في هوى الأميرة “الرنَا” ابنة الملك العقنقل, ورغم محاولات الحكيم “الهَزَق” ووالده الملك “أَسْفَع” بمنعه من اختراق عالم الإنس إلاَّ أنه يفعل ذلك لتقع الأميرة الرنَا تحت أثر مسِّه الجنيِّ لها وتصبح عليلة طريحة الفراش.

“المَرْدَقُوش” يعلم بما أصاب الأميرة الرنا ولذلك يقرر العودة لمملكة الأيَار مع الملك العقنقل فقط لينقذ الأميرة, لكن وفي الطريق تلدغ أفعى سامة الملك العقنقل في رجله ليموت متأثراً بسمها, يستطيع المردقوش الوصول لمملكة الأيار وتخليص الأميرة الرنَا مما تُعاني منه.

أمَّا في مملكة الجان فيتزوج الأمير سكندر من الأميرة “أَرْيَانَا” حتى لا يؤلِّب عليه ملوك الجان, ولكن “الخَشُوف” وبسبب حبه العميق للأميرة وفي حين تجولها بالقرب من شلال الهَنَاء يُسقطها معه من الجرف العالي ليخلفها ميتة.

يتعرض الملك “الفيَّاد” ابن الملك الراحل العقنقل للخيانة من قبل ابن عمه الأمير “سِرَاج”, ويرغب بالانقلاب عليه بسبب منعه لعبادة النار في مملكته, يُعد العُدَّة ويقصد بالجيش لمملكة الأيار للاستيلاء عليها, ولكن بفضل المردقوش الذي طلب المُساندة من ملك الجن الملك سكندر فقد أتتهم المُساندة من مملكة الجان وبات النصر لمملكة الأيار وعاد سِرَاج لمملكته مخذولاً.

أعدَّ الفَيَّاد العُدَّة لتأديب سِرَاج وضم مملكته تحت لواءه هو, حتى يتجنب أي خيانة أخرى, وبالنهاية استتب الأمر في مملكتي الإنس والجان.

2

شخصيّات الرواية:

عَالم الجِنْ

عالم خاص بالجن وحياتهم الغريبة هي عن عالم الإنس, تعيش في هذا العالم مخلوقات يُطلق عليها اسم “الجن”, تقطن القصور البديعة التصميم والمنفردة هي عن تصاميم الإنس كما تقطن المباني الخاصة بهم بأبدع وأروع تصاميم هندسيّة, عالمهم هو شبيه بعالم الإنس حيث يمتزج فيه الشر وما يحمل في طيّاته والخير وما يحمل أيضاً.

الملك أَسْفَع: ملك الجان أجمع, ملك مهيب عظيم, شامخ, عزيز, أشيب شعر الرأس الطويل والذي يصل منتصف جسده مع لحية بيضاء متوسطة الطول, بشرة شديدة بياض اللون, عينين حمراوين اللون, صوت هادئ لكنه قوي وقت الشدة والغضب, وجه جاد الملامح, طويل القامة وجسيم الجسد.

الأمير سَكَندَر: ابن الملك أسفع, أمير وسيم جداً, هادئ الطِباع, رقيق المشاعر, ذو عينين زرقاوين دائمتي الاكتحال مع بشرةٍ بيضاء جداً وشفتين حمراوين من شدة ابيضاض بشرته, طويل القامة, متناسق الجسد, طويل شعر الرأس الناعم الذي يصل كتفيه والأسود اللون.

الهَزَق “شدة صوت الرعد”: حكيم الجن, يتصف بالهدوء والاتزان والحكمة مع صوتٍ هادئ, كبير في السن, أشيب شعر الرأس الطويل والذي يصل منتصف جسده مع لحيةٍ بيضاء اللون طويلة وعينين حمراوين.

الأمير أَمْشير: شقيق الملك أسفع الأصغر منه سناً, أمير وسيم جداً, ليلكي لون شعر الرأس المموج والذي يصل منتصف جسده مع عينين ليلكيتا اللون وبشرةٍ بيضاء جداً.

الخشوف “السيف الماضي”: جنيّ جسيم, قوي البُنية مع صوتٍ خشن الحديث, وجهه به بعض الوسامة, يملك عينين خضراوي اللون, مع شعر بني اللون مموج, ولحيةٍ بسيطةٍ بوجهه.

3

أَشَليم: صديق الأمير سكندر, جني يملك جسداً متناسقاً, طويل القامة, به بعض الوسامة, عينين ورديتي اللون.

أَريَانا: أجمل فتيات الجن, وهي ابنة خال الأمير سكندر ومن تعلّق قلبها به, تملك جسداً رنّاناً متناسقاً, طويلة القامة والعنق, طويلة شعر الرأس الذي يصل منتصف جسدها مع لونٍ بُنيّ, بشرة بيضاء, شفتين حمراوين, عينين بلوريتين.

4

عَالم الإِنس:

عالم المحسوس والمرئي, عالم يعيشه الإنس الطبيعيون في ممالك وقصور هم شيدوها بأروع تصاميم, عالم طبيعي يعيشون فيه في ظل تعدد الشخصيّاَت والأهواء, والأطماع, عالم يتنوع بأنواع الخير وما يحمل, والشر وما يحمل.

الملك العَقنقَل “الوادي العظيم المُتسع”: ملك مملكة الأيَار “النحاس الأصفر”, ملك شديد وقوي لا يقف بوجهه شيء, رجل في السبعون من عمره, جسيم, قوي البُنية, طويل القامة, حاد الصوت, أشيب شعر الرأس كما اللحية البسيطة, ذو عينين زرقاوا اللون مع بشرةٍ بيضاء.

الأمير الفَيّاد: ابن الملك العقنقل, أمير في العشرون من عمره, بهي الطلعة ويملك وجهاً ملائكيّاً, متناسق الجسد والطول والقامة, أبيض لون البشرة مع احمرار في وجنتيه وشفتيه, عينين زرقاوي اللون دائمتا الاكتحال.

الأميرة الرَنَا “ما يرنو إليه لحُسنه”: ابنة الملك العقنقل والتي تبلغ من العمر الثامنة عشر ربيعاً, فتاة بريئة, مُسالمة, جميلة جداً وملائكيّة ملامح الوجه, بشرة بيضاء, عينين زرقاوي اللون, شفتين حمراوي اللون صغيرتا الحجم, جسد متناسق الطول والقامة, شعر رأس حريري متوسط الطول مع لونٍ أشقر جميل.

الأمير سِرَاج: ابن أخ الملك العقنقل, رجل في الخمسون من عمره, جسيم, قوي البُنية, شديد, خشن الصوت, أجعد شعر الرأس الذي يصل كتفيه مع لون محمر, لحية بسيطة, عينين خضراوي اللون.

المردقوش “بقل عُشبي عطري زراعي طبي”: رجل في الخمسون من عمره, قوي البُنية, جسيم, حكيم, لطيف الطِباع والتصرفات, يملك صوتاً هادئاً, وجه وسيم, عينين سوداوا اللون مع شعر رأس حريري أملس يصل كتفيه أسود اللون مع بشرة حنطيّة اللون.

زينب: زوجة المردقوش المتوفاة, جميلة, بريئة, وتحمل وجهاً ملائكيّاً.

5

الطَاهِر: من قادة جيوش الملك العقنقل, مُغرماً وبشدة بالأميرة الرنا, رجل في الثلاثون من عمره, هادئ الصوت والطِباع, يحمل وجهاً وسيماً, متناسق الجسد, طويل القامة, أبيض لون البشرة مع عينين بلوريتا اللون.

الوَسيق “المطر”: رجل في الأربعون من عمره وهو قائد جيوش الملك العقنقل, متناسق الجسد والطول والقامة, يملك شعر رأس يصل كتفيه مع لونٍ أشقر ولحيةٍ بسيطة مع عينين بُنيتا اللون.

اليَفَاع “المرتفع من كل شيء”: قائد جيوش الملك العقنقل الحاد الطِباع والصوت والذي لا يحمل من أخلاق الرجال شيء, متغطرس ومتعالي, جسيم, طويل القامة, أملس شعر الرأس الذي يصل كتفيه والأشقر اللون مع عينين زرقاوي اللون.

شُكور: صديقة الأميرة الرنا المُقربة منها, فتاة لطيفة وهي بعمر الأميرة.

غَطْرَشْ: ميمنة الأمير سراج والدائم بث السم برأسه, رجل يحمل الكثير من الشر الكامن, هادئ الحديث الخبيث, رجل في الأربعون من عمره, شديد, قوي, ماكر, يحمل وجهاً بشع الملامح, أصلع الرأس مع لحيةٍ بسيطةٍ سوداء اللون في وجهه مختلطة ببعض الشُعيرات البيضاء البسيطة, أخضر لون العينين الشريرتين مع بشرةٍ بيضاء.

6

مفردات ومعاني: 

الهَزَق: شدة صوت الرعد.

الخشوف: السيف الماضي.

الملك العَقنقَل: الوادي العظيم المُتسع.

مملكة الأيَار: النحاس الأصفر.

الرَنَا: ما يرنو إليه لحُسنه.

المردقوش: بقل عُشبي عطري زراعي طبي.

الوَسيق: المطر.

اليَفَاع: المرتفع من كل شيء.

7

محتويات الرواية:

تحتوي الرواية على عدة فصول ألا وهي: 

الفصل الأول: الملك العَقَنقَل

الفصل الثاني: المَرْدَقُوش

الفصل الثالث: خَرق الأمِير سَكَنْدَر لقانون الجِن

الفصل الرابع: مُلوك الجِن

الفصل الخامس: موت الملك العَقَنْقَل

الفصل السادس: علاج المَرْدَقُوش للأميرة الرَّنَا

الفصل السابع: الأمير سِرَاج

الفصل الثامن: سَكَنْدَرْ ملك ملوك الجِن

الفصل التاسع: مُساندة الملك سَكَنْدَرْ للإِنس وإِنهَاء الغَدْر

8

الفصل الأول

المَلك العَقنقَل

 في عالم الإنس وفي جزء ما من كوكب الأرض الشاسع وُجدت هناك مملكة عظيمة يُطلق عليها اسم “مملكة الأيَار”, مملكة الأيار هي مملكة شاسعة, عظيمة, قوية, يملكها ملك يملك الغرب والجنوب كله, لكن أطماع هذا الملك لا تكفيه عند الغرب والجنوب وحسب, بل سيقصد الشرق أيضاً لضمه له فهذه هي أطباع وأطماع الملوك ولن تتغير بتغير الزمان مُطلقاً. 

في عالم الإنس وفي تلك المملكة البديعة التصميم يخرج الملك العقنقل من مملكته الأيار في عربته النحاسيّة الملكية الحامية له والمُزخرفة بأبدع الزخارف الملكيّة, معه قادة جيوشه الوسيق واليفاع يقودون الجيوش الجرارة بينما الأميرة الرنا مع أخيها الأمير الفيّاد والطاهر وشكور ينظرون للملك وجيشه وهم واقفون في البرج العالي إلى أن يغيب الملك ومن معه عن أنظارهم, الملك العقنقل يبغي الشرق للاستيلاء عليه وضمه له تحت رايته.

في الليل وفي استراحةٍ منه العقنقل وجيشه, العقنقل يجلس مقعده الملكيّ في خيمته الملكيّة الفارِهة وإلى ميمنته يجلس كل من اليفاع والوسيق

الملك العقنقل: قُل لي يا وسيق, ما هي صفات هؤلاء الشرقيون وبأي ديانة هم يدينون وأي مسلكٍ هم يسلكون؟ قُل كل شيءٍ عنهم

الوسيق: أقول يا ملك الملوك ولا آلو, الشرقيون قوم لا قِبَل لهم على الحروب, يكرهونها ولا يُطيقون روائحها, طيّبون لدرجة السذاجة, لا يملكون من تقدُّم السلاح إلا الجزء اليسير, إن سألتهم إكراماً أكرموك وهم يفعلون ذلك دونما سؤال, الضيف عندهم مأمون وإن كان لهم ثأرٌ عنده ما دام حلّ عليهم ضيفاً فهو ضيف مكروم, وما دام طلب سلماً فهو مأمون, لهم صفات الملوك وليسوا بملوك, فإن سألت فيهم الشجاعة وجدتها, وإن سألت فيهم الكرم وجدته قبل الشجاعة, وإن سألت فيهم السلام شعرته, وإن سألت فيهم الأمان هم آمن من على الأرض, لا فجور فيهم ولا فسوق, لا خيانة عندهم ولا حقارة, لا يعرفون الغدر ولا يمشون فيه, لا يعرفون الكذب ولا يتصفون به, هم قومٌ بين الفهيم والعليم والرشيد والصديق والحليم والكريم والصادق والصدوق و …

يُقاطع اليفاع حديث الوسيق وهو ينظره: أكُل ما ذكرت في أولئك القوم؟!

9

الوسيق وهو ينظر اليفاع: بل أكثر من ذلك, لا تنسَ بأني عشتُ بينهم عاماً كاملاً خبرتهم فيه جيدا 

الملك: أتظن يا وسيق بأن قوماً مثلهم يملكون كل هذه الصفات الطيّبة الكريمة يستحقون أن نطأ أرضهم بخيولنا وسيوفنا؟!

اليفاع للملك: لكننا لا ننوي الأذيّة لهم, بل نضمهم تحت لوائك مولاي, وكرمك يتعدّى كل كرم

العقنقل وهو ينظر اليفاع: ما وُجِد شعب يُريد أن ينسلخ مما هو فيه ليذهب لما هو غير فيه

الوسيق: يا مولاي, إن دخلت أرضهم فكن أحلم منهم, واجعل من سيفك فراشة تطير على رؤوسهم لتُحيّهم بها تحيّة الملوك, فإنهم قوم سلام

اليفاع بسخرية القول: ولا قِبل لهم علينا بالتأكيد

الوسيق للملك: ترفّق بالشرقيين مولاي, فإنهم لا يستحقون إلا الخير 

العقنقل: دعاني لخلوتي الآن واذهبا لتخلُدا للراحة

بعيدا عن عالم الإنس هناك عالم آخر تدب فيه حياة أخرى تختلف عن حياة الإنس, ألا وهو عالم الجن, في مجلس الهزق الخاص البلوري الجدران مع الأرضية البديعة الزركشة والتصميم, يكون هناك الهزق يبحث في بعض الكُتب بانهماك شديد وهو جالساً على مقعده الجنيّ الأحمر اللون والمزركش بأبدع زركشةٍ جنيّة يُحيط بطاولةٍ مليئة بالكتب ينظر ما بينها بينما الأمير سكندر يدور حول مِشعل النار الملتهب, ينظر بتمعن تام وكأنه يرى في لهيب النار شيء ما

الأمير: قل لي يا هزق, لمَ نحن عالمان مختلفان؟

الهزق ولا يزال بانهماكه بالكتب : عالمان مختلفان!

الأمير: عالم الجن وعالم الإنس

الهزق يجد الكتاب الذي ينشد بين الكتب فيفتحه ليتصفح صفحاته : آه, لابد أن يكونا عالمين مختلفين بُني, فنحن الجن نختلف كثيراً وبعدة أشياء عن الإنس, نحن الجن مخلوقون من نار, أما الإنس فهم مخلوقون من طين, نحن بصرنا يتخطّى العالم المرئي والمحسوس لديهم أما هم فبصرهم محدود, نحن نستطيع أن نكون بين أيديهم وشمائلهم بينما هم لا يستطيعون فِعل ذلك

ينظر الهزق لسكندر: نحن نستطيع اختراق عالمهم بينما هم لا يستطيعون ذلك

سكندر يقترب من طاولة الهزق يضع يديه عليها مع انحناء صغير وهو ينظر 

الهزق 

سكندر: اختراق العالم, البارحة اخترقتُ عالمهم

الهزق ينظر الأمير بتعجب: ماذا قلت سموك؟!

10

سكندر يبتعد عن طاولة الهزق ليقترب من شرفة المجلس ينظر مملكة الجن: ورأيتُ فتاةً جميلةً جداً لم ترَ عيناي مثلها قط, بريئة, لطيفة, كالفراشة كالملاك ك…

يقف الهزق بغضب: إيّاك أن تُكرر فعلتك هذه!

سكندر يلتفت للهزق بوجه مُتجهّم: ولمَ؟

الهزق: ليس علينا نحن الجن فعل ذلك, لنا عالمنا ولهم عالمهم وهُنا ينتهي حديثُنا عنهم

يقترب الهزق من سكندر

الهزق يضع يده اليُمنى على كتف سكندر الأيسر: يا بُني, لا تُكرر فعلتك هذه فتشقى

سكندر: ولمَ أشقى؟

الهزق يبتعد عن سكندر ليُدير له ظهره بانزعاج: آهٍ يا بُني!

يتوقف الهزق ليستدير ناظراً باستنكار للأمير: هي لم ترك أليس كذلك؟

سكندر بابتسامة: لا, لم ترني, لم أكن موجوداً في ذاك المكان بالنسبة إليها

الهزق: لو رأتك لمُلِئت رُعباً منك, فنحن أشكالنا تُخيفهم

سكندر: لكنني وسيم, ثم .. لمَ أشكالنا تُخيفهم؟!

الهزق: يا بُني لا تُصبني بالجنون, إن علمتُ بأنك دخلت عالمهم مرةً أخرى فسأُبلغُ والدك الملك أسفع

يبتسم سكندر: عمت مساءاً يا عمّاه

يريد سكندر الخروج من المجلس ليستوقفه سؤال الهزق

الهزق: ما اسمها؟

يلتفت سكندر له

الهزق: الفتاة الإنسية ما اسمها؟ ومن أي عائلة هي؟

سكندر بابتسامة: اسمها الرنا, الأميرة الرنا, وهي ابنة ملك الإنس أجمع, كما أنا ابن ملك الجن أجمع, والدها الملك العقنقل

يخرج سكندر من المجلس بابتسامته البسيطة

الهزق بصوتٍ خفيفٍ عاديِّ: يا إلهي!

11

لم تكن كلمات الهزق لتُقنع الأمير الوسيم سكندر بالابتعاد عن الأميرة الرنا أو عدم الذهاب لعالمهم لرؤيتها, ها هو الآن في عالم الإنس وفي مخدع الأميرة الرنا, سكندر ينظر الرنا التي تكون نائمة على سريرها الحريري بهدوء واطمئنان, يدور سكندر حول سريرها بعينيه الجنيتين اللتين تنظرانها بابتسامة لطيفه, يقترب سكندر منها أكثر ليقف بجانب السرير ينظر جمالها الأخّاذ فيمد يده اليُسرى يُحاول لمس بشرتها الناعمة ليقول له صوت الهزق الواقف خلفه

الهزق بهمس الصوت: إيّاك ولمسها, ستقتلها!

سكندر يلتفت للهزق: لن أفعل!

الهزق: ستفعل دونما قصدٍ هو منك, اتبعني لأُفهمك ما تجهله

عاد الاثنان لعالمهما ولمجلس الهزق الخاص, جلس سكندر على المقعد بينما الهزق وقف أمامه ينظره

الهزق: منذ الأزل خُلق الجن وبعدهم خُلقوا الإنس, لكن عالمهما أصبحا عالمين مُختلفين عن بعضهما البعض, نحن نسكن نفس المكان لكن بطريقةٍ مختلفة, النهار لهم هم الإنس, أما الليل فهو لنا نحن, هم يستطيعون السير في النهار وذاك معاشهم, ومُحتمٌ عليهم هم بالمكوث في منازلهم في الليل لأنه ليس لهم بل لنا نحن الجن كما نحن مُحتمٌ علينا المكوث بمنازلنا في النهار لأجلهم هم, وعندما يأتِ الليل فهو معاشنا نحن وهو لنا وعليهم بعدم إزعاجنا فيه, إن ظهرنا لهم فأشكالنا تُخيفهم ولذلك علينا البقاء بعالمنا

سكندر: لكنك قلت لي بأن لا ألمسها كي لا آذيها, وما كنت لأفعل ذلك!

الهزق يجلس على المقعد المقابل لمقعد سكندر : أعلم, لكنك كنت ستفعل, مجرد أن يلمس جنيّ إنسيّ يُسبب له التعب والمرض وربما الموت بعدها, نحن نستطيع أن نحرقهم ونجعل حياتهم جحيماً وهم كذلك إن كان فيهم حكيماً يستطيع اختراق عالمنا, لذلك يا بُني إيّاك واختراق عالمهم حتى لا تقهر نفسك, أتمنى أن تكون فهمت فحوى حديثي هذا معك

سكندر: لكنك حكيمٌ عليم, افعل شيئاً لي لأَنلهَا دونما أن آذيها

يقف الهزق بغضبه ينظر الأمير: هذا مستحيل! لو كان يسيراً هو لخُلقنا جميعاً في عالمٍ واحدٍ دون عالمين!

سكندر: إذاً لمَ نحن نستطيع اختراق عالمهم وهم لا؟

يتنهد الهزق

12

الهزق: لأننا خُلقنا كذلك, لأننا نملك قدرات لا يمتلكونها هم, لقد أتعبتني فدعني لخلوتي وراحتي سكندر

خرج سكندر من مجلس الهزق وأخذ يمشي بغضبه في ممر القصر الجنيّ الفارِه والبديع التصميم حيث قابلته الأميرة أريانا والمفتونة هي به كثيرا

أريانا بابتسامتها اللطيفة: سكندر! صباح الخير

يُكمل سكندر طريقه غير آبه بها

أريانا: سكندر, سكندر!

يقترب أشليم منها

أشليم: ما هُنالك؟

أريانا بوجه متجهم: سكندر, لم يُبادلني التحيّة أبداً

أشليم: فعل ذلك معي في الواقع, لكني أراه فأعلم سبب تعكير مزاجه, أستأذنكِ

يترك أشليم أريانا لتُكمل هي طريقها فتُقابل الخشوف وهو يحمل وردة حمراء في يده يُقدمها لها دونما أن تأخذ أريانا الوردة

الخشوف بابتسامته وصوته الهادئ الذي يُزعج أريانا : أريانا, خذي مني الوردة على الأقل

أريانا بتزمت: لا أحتاج لوردتك فالمكان يمتلئ بالورود

الخشوف: لكن وردتي تختلف, إنها وردة مُحب

أريانا: توقف يا خشوف, أنت تعلم جيداً أني أحب …

الخشوف مقاطعا لحديثها: سكندر, لكنه لا يُبالي بكِ فِلمَ تجرين خلف السراب والماء ها هُنا قريب منك؟!

أريانا بانزعاج تام: أغرب عن وجهي ولا تُرينيه أبدا

تترك أريانا الخشوف الذي ينظرها بانزعاج وهو يقتل الوردة بقبضة يده اليُمنى المدمرة لها

يدخل سكندر بغضبه مخدعه الفاره ليجلس على المقعد بينما أشليم يوصد باب المخدع خلفه ويقترب من سكندر ليجلس على المقعد المقابل له

سكندر: دعني لوحدتي الآن أشليم

13

أشليم : لا لن أدعك حتى تُخبرني

سكندر : أحبها ما أفعل حِيال ذلك؟!

أشليم : من هي؟   

سكندر : الرنا

أشليم : الرنا؟! أي نوع من أسماء فتيات الجان هو هذا؟!

سكندر : ليس اسماً جنيّاً بل إنسيّاً

أشليم : ماذا؟! وما دخلك أنت وذاك العالم؟

سكندر يقف ليمشي في المخدع بخطوات بطيئة : الهزق قال لي ذات الشيء, لكني أحبها

أشليم : إنسيّة سكندر!

سكندر : هذا ما حدث

أشليم : عالمها مختلف عن عالمك!

سكندر : وهذا ما قاله الهزق

أشليم : ومعه حق, تركت جميلات الجن وذهبت لإنسيّة!

سكندر : لا توجد جنيّة تُشبهها, لا توجد جنيّة بكل ذاك الجمال الذي تحمل هي 

أشليم : أليست مرتبطة بأي إنسيّ؟

سكندر : لا

أشليم : أواثق أنت؟

سكندر : أجل

استغرب أشليم من موقف سكندر الغريب ومن إعجابه بفتاة إنسيه ولكنه لم يكن ليستطيع من أن يفعل أي شيء.

ويُطل الصباح على الملك العقنقل وجنده ليدخل اليفاع خيمة الملك الذي يكون واقفا يربط سيفه حول خصره ويقف لجانبه الوسيق

اليفاع ينحني للملك : مولاي الملك

الملك : استقم يفاع

يستقم اليفاع

اليفاع : مولاي, ملك الشرق يتحصن بمملكته ولا يرغب بتسليمها لنا ويريد مقاومتنا

الملك ينظر للوسيق ليقول بصوته الهادئ : أهؤلاء هم من يطعنون السيف بوردة؟!

الوسيق : لن تُنكر عليهم دفاعهم عن أرضهم مولاي

14

العقنقل : فليكن, أسرجوا لي خيلي سأذهب بنفسي لهم

يتحرك الملك العقنقل بخيله وعلى ميمنته يمشي الوسيق بخيله وعلى ميسرته يمشي اليفاع بخيله وخلفهم الجيش العرمرم, اقترب الملك من المملكة حيث توقف هناك ينظرها وبوابتها ليصيح بأعلى صوته 

الملك العقنقل : أنا الملك العقنقل ملك الملوك, آمركم بفتح البوابة لي, فإما أن تفتحوا لي بوابة المملكة وتدعوني أدخلها بسلام لي ولكم, وإما أن تدعوني أدخلها بخيلي وقوتي وعندها لن تأمنوا شري, لن أُبقي منكم أحداً لا طفلاً ولا امرأةً ولا رجلاً ولا شيخاً هرماً, جيشي عرمرم كما ترون ولا طاقة لكم عليه, وأسلحتي لا تمتلكونها ولا تمتلكون ما يصدها, فاجنبوا أنفسكم شراً لا قِبل لكم عليه, ألا يُجيبني أحد؟

الملك لليفاع : مُر الجند بالاستعداد لإطلاق السهام ودكوا لي بوابة هذه المملكة 

اليفاع : أمر مولاي

وبينما جند الملك العقنقل يستعدون لرشق السهام تُفتح بوابة المملكة على مصراعيها, ينظر الوسيق للملك بتعجب كما الملك ينظره ثم ينظر بوابة المملكة

اليفاع : مولاي, إنه كمين

الوسيق وهو ينظر المملكة : لا, لا يفعلون الكمائن

الملك : اتبعوني جميعاً

يتحرك العقنقل بخيله معه الوسيق واليفاع والجند للمملكة فيدخلونها, ينظر العقنقل للجند المستسلمون له دونما مقاومة وللشعب الذي ينظره بخيفه.

دخل الملك بكل سهولة لمملكة الشرق دونما مقاومة مطلقا, وها هو الآن يتوغل أكثر في ربوعها إلى أن وصل قصر الملك الشرقي الفارغ منه.

الملك العقنقل يجلس على عرش الملك الشرقيّ الراحل لينظر لرجل كبير في السن ألا وهو رئيس مجلس الحكم بينما يكون اليفاع واقفا على ميسرته والوسيق على ميمنته.

الملك للشيخ : قلت لي بأنك كبير مجلس الحُكم! وأين البقيّة؟

الرجل : هم موجودون بين عامة الناس أيها الملك

الملك : وأين ملككم؟

الرجل : هرب هو وعائلته في دهليز من دهاليز القصر

15

الملك : ألم يبقَ أحد من عائلته؟

الرجل : لم يبقَ سوى رجل في الخمسون من عمره يسكن المقابر 

الملك بسخرية : هاه! يسكن المقابر! أَوَليس بأمير!

الرجل : بلى هو أمير مولاي

الملك : ولمَ يسكن المقابر إذاً؟

الرجل : عاف المُلك والثراء أيها الملك 

الملك : يفاع, أحضروا لي هذا الرجل, أود مقابلته

اليفاع : أمر مولاي, هلا دللتني عليه أيها الشيخ؟

الرجل : أفعل

يخرج الرجل معه اليفاع من المجلس الملكي, فينظر الملك للوسيق ووجهه الحزين

الملك : ما بك وسيق؟

الوسيق : أشعر بالأسى على ملكٍ يهرب بدهليز بقصره هو وعائلته, مؤكد من ضمن عائلته زوجة وابنه وهُن نساء

الملك : لم أطلب منه أن يهرب, ما كنت لأعاقبه بل لأعطيه حياة كريمة لكن بين قبضتي بالطبع

الوسيق : لا يود ملك حقيقي أن يعيش بقبضة ملكٍ آخر وإن أعطاه ذاك الملك حياة كريمه

الأميرة الرنا وشقيقها الفيّاد وصديقتها شكور يتسابقون بالخيل بسعادة في ربوع المملكة الغنّاء ثم يتوقفون ليخرج خيل الطاهر من بين تلك الأشجار ببطيء المسير

الفيّاد : آه, هذا أنت هنا أيها الطاهر؟

الطاهر : صباح الخير سموك

الفيّاد : صباح الخير 

الطاهر : صباح الخير يا سمو الأميرة

الرنا تنظره بابتسامتها اللطيفة : صباح الخير 

شكور : ألا نُكمل السباق؟

الفيّاد : بل نعود أدراجنا للقصر فقد تعبت جداً, إذاً يا طاهر نلتقي فيما بعد, نتركك بسلام

يتحرك خيل الفيّاد ثم شكور ثم الرنا التي تنظر الطاهر الذي يقدم لها وردة بيضاء فتأخذها منه وهي تتحرك بخيلها بينما الطاهر ينظرها بابتسامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى