اختِضار

مروان عياش | سوريا

الشمس وحدها
غير قاصدة .
كل صباح تلتقيك
كأن تلك الزاوية أنتَ.. قابع فيك
وهل يرضيك
أن تبقى مركوناً هناك
لدورٍ ما
في حدثٍ لا يخصك
أم رَضيت
أن تكون مُنجزاً ما ….
لقرارٍ قبل خمسين عاماً
من ولادتك..
كتمثالٍ نصفي لزعيمٍ خَرف
ما زال يحكم إحدى القاعات
وهل ترويك عَثرةٌ،
نصفُ كأسٍ من الماء
مَرَ به هاربٌ على عجل،
لم يكترث.
وهل يرضيك
أن يُدرجَ تاريخُ أجدادك
في كتب الأعشاب الضارة.
أن يصبح فناء الدار مستنقعاً للطحالب
وأصابعك طُعماً
لصيدِ الثعالب …في كل مواسم الغابة.
وهل رَضيت
عندما أخبروك
أنَّ هذه المزهرية،
التي تصلي لله فيها
كانت وعاءَ خمرة فرنسية
وأن تلك الأم الطيبة لم تكن يوماً
سوى زيتونةٍ شرقية
وأنَّ أباك نقارُ خشبٍ
كان يختبئ في رحمها،
عند كل مصيبة.
أم رضيت
باللون الواحد إلهاً
صوفيٌ يتماهى
فجلدُك أخضر
وشَعرُك عشب
وعيناك غابتان من صنوبر
وكتابك من ورق الدفلة
وأقلامُك أظفارُ قصب تتكسر
بل رضيت
أنْ تلطمَ صدرَك في اليوم ألف
مرة كي تشعرَ بالحياة..
أن تتساقطَ أحلامُك كل خريف
أن يذبلَ أطفالك في الشتاء
وتتيبسُ نصف سنة يداك .
كي يُغفر لكَ ذنبٌ لا تعرف،
متى وأينَّ اقترفته .

وهل يدهشك… أم لم يعد.
كائنُ النباتِ فيك
ذاك المخلوق التعبدي
الباحث عن إلهٍ… فيه
الراكن إلى السَكْنة
المعتكفُ في نفسه
كائنٌ في مرحلة الاختِضار
ينتظرُ الحياةَ كي تمرَ به
صدفة.
ليصبح احتمالاً للحياة….
وكثيراً من الموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى