ضد النسيان

ماجد الدجاني | أريحا – فلسطين

(في ذكرى وفاة ولدي)

 

قيل لي كيف تضحك وقد أصابك ما أصابك

لم أنس ثائر أو محمد

ما زالت النيران في الأضلاع

أتونا ويوقد

هيهات مهما مرت الأعوام

نار الحزن تخمد

الدهر يذكيها وينفث جمرها

مازال ليلي حالكا ما فيه فرقد

والفجر في عيني أسود

لا تبك قلوا أنت جبار تجلد

لا تبك قالوا والمٍدى

وأسنّة في القلب تغمد

ريح الأسى عصفت بآمالي

أحلامي بلحظات تُبدد

هبت أعاصير الردى اجتثت

فسائل روض أفراحي

ولم تبق العواصف لي

شجيرات ولا شجرا

أطاحت بالغصون

ولم تكد تزهر ولمّا الزهر يعقد

ولكم حلمت بقطف بعض ثماره

ماتت سنابل مهجتي

ولكم حلمت ببيدري

في الصيف يحصد

سحقا لمن زعموا بأن القلب

في صدري تجمد

حسدوا على بعض التصبر

والتجلد مهجتي

ويلاه

حتى في تأسينا

على الأكفان نحسد

أترى ظننتم أنني

من كل إحساس مجرد

لم تدركوا أني لكثرة ما بكيت أحبتي

جفت ينابيع الدموع بمقلتيّ

وأوشكت عيناي ترمد

أقضي نهاري للجميع مجامل

متبسما كالشمع أو عود البخور

فإذا الدجى أرخى السدول

وليله القاسي سجى

هجم الأسى أرغى وأزبد

هيهات يوما تعلموا

مما أعاني أنني

أقضي الحياة كأنني أعمى ومقعد

وبان كل دقيقة حبلى بحزن

أن العمر

من رحم الأسى والبؤس يولد

لكنه قلبي ومنذ نعومة الأظفار

مفطور على الأحزان

أن الحزن كالحكم الإداري في

مدى عمري يجدد

وبأنني بسلاسل الآهات

من صغري مقيد

وبأن هذا الشاعر الموجوع

توأمه الأسى

وبأنه نهر وبالآهات يرفد.

..وبان سيفا من أسى

في الروح يغمد

. لكنها بعض ابتلاءات من الرحمان

سبحان الذي برحاب هذا الكون يعبد

التبر في كفي تراب

والتراب غدا بكف الغير عسجد

أنا ألف محزون

ومكروب ومكلوم ومجهد

حتى التبسم حين يدنو من فمي

ألقاه بالآهات يفسد

الحمد لله الذي أبدا

على البأساء والضراء يحمد

لم أنس ثائر أو محمد

لم أنس أمهما ولكني

بسوط الصبر أجلد

في الليل تهتف نجمة

للبدر من هول الذي تلقاه عندي:

آه ما أقساه مشهد

عمري بآهات ودمع أسى سخين

والفراق وموت آمال تحدد

هي ذي خريطة مهجتي

شوك وصبار ورمل

في مدى أفقي تمدد

لم أنس من رحلوا ولكني أظل

أقول قد يأتي الدجى بضياء غد

أنا من تراب قد خلقت وهمتي

ترنو لفرقد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى