حوار عالم الثقافة: الكاتبة المصرية زيزيت سالم والإعلامية أمل زيادة (وجها لجه)

بداياتك مع الكتابة

أبي كان فنانا، يرسم لوحاته من الطبيعة ومن أعماق وجدانه..وكان هذا إرثي الحقيقي منه.. احساسه المرهف ولوحاته التي تزين جدران بيتي وأمي أيضا كانت ترسم وتكتب، وتحب أن تقرأ لصديقاتها عندما يأتون لزيارتنا.. تقرأ لهم ما أكتبه بإعجاب وفخر..فكنت أكتب وأنا لم أتعدى الخامسة عشر ومازلت أحتفظ بكلماتي البدائية وأعود اليها كل فترة وكأنني أعود الى ركني الجميل الهادئ.

***

ماهو أنسب عمر للكتابة ؟

الكتابة ليس لها عمر..هي بوح غير مشروط ..ويجب ألا تتأثر بأي قيود… أكتب عند تأثري بحالة أو مشكلة أو كلمة شدتني أو موقف شاهدته وأرهقني..تحركني مشاعري واحساسي بشكل كبير، وأحيانا كثيرة تأتي الي الكلمات كأنها حلم يوقظني لأكتبها على الورق.. فترى الورقة والقلم في كل مكان ببيتي وفي كل حقائبي..فالكلمة ان لم تتشبث بها تذهب ولا تعود أبدا.

***

ما هو أول كتاب صدر لك؟

أول كتاب لي كان كتاب (أقلام دافئة) جمعني بستة أقلام نسائية رائعة ..فلم تكن لدى الشجاعة الكافية لنشر كتاب وحدي آنذاك..وكنت وحدي من يكتب الشعر بينهم… ولا أندم على هذه التجربة فقد تعلمت منها الكثير .. تعلمت كيف أصقل كلماتي وأخلق طريقة جديدة لصياغتها تقترب من القصص القصيرة جدا.

***

لك تجربة في كتاب أقلام دافئة. وهو كتاب جماعي كيف تجمعت هؤلاء الكاتبات وكيف كانت البداية ؟

تجمعت بالكاتبات الرائعات على صفحة د.أيمن الجندي الكاتب بجريدة المصري اليوم..وانجذبت أرواحنا لبعضها البعض من خلال كلماتنا ..واتفقنا بعدها أن نتشارك في كتاب يجمعنا ..رغم أننا كنا نخشى تجربة النشر ولكن كان هدفنا الاقوى هو توثيق تلك المحبة الجميلة التي جمعتنا في شئ مجسد على أرض الواقع.

***

وهل تنوين تكرار هذه التجربه؟

لا أعتقد ذلك..لأنني لاحظت أن الكتب الجماعية لاتجد قبولا أو اهتمام بتوزيعها وتسويقها من دار النشر كما أنها لاتجذب كثير من القراء.

***

تكتبين القصة الومضة.. فهل من نبذة عن هذا النوع من الكتابة ؟

هناك خلط بين القصة الومضة والقصة القصيرة جدا والقصيدة الومضة..لان هذا الجنس الادبي الحديث لم تتحدد ملامحه بعد بوضوح لدى الكثيرين… القصة القصيرة جدا..هي من تقدم الحدث والحبكة والشخصيات في سطور قليلة جدا لاتتجاوز خمس سطور وهي ابنة القصة القصيرة أو أختها… والقصة الومضة تبني رهانها الجمالي على فن الحذف لا فن الاضافة أي الايجاز الشديد في السرد مع نهاية مدهشة.. وقد تأخذ القصة الومضة شكل الحوار وتجعل القارئ مسترقا للسمع وهذا من أكثر الاساليب جذبا للقارئ.. وقد تنزع القصة الومضة الى لغة شعرية تجعلها تحتكم الى الكلمة لا الجملة.. أما القصيدة الومضة فهي قصيدة قصيرة جداً، لا تتجاوز في العادة أسطراً قليلة،تتميز عادة بكثافتها العالية التي تستلزم منها الاقتصاد الشديد في استعمال حروف العطف،والمفردات الكمالية التي لا تخدم جوهر الموضوع.

***

ماذا عن كتابك الجديد؟

كتابي الجديد هو مزيج من القصة الومضة الحوارية، والقصيد الومضة..  تصور تلك القصص نبضات العاشق ومكنونات روحه..تصور لقطات له من كل الزوايا وفي كل حالاته.. في حالة البداية والحلم..مشاهد اللقاء الاول ودهشة الروح..حالة السهد والانتظار، الهجر والفراق، الالم والنهاية ، حتى مابعد الرحيل.. ومضات تنبض بكل حروف اللغات، ولذلك اخترت له عنوان.. أبجدية عشق .. وأتمنى لو كل قارئ يلمس في نبضات الكتاب مايوافق تردد نبضاته.

***

هل قدمتِ كتابك الجديد أبجدية عشق بصورة جديدة ؟

نعم عرضت شكل جديد للكتاب على الناشر د.عيد ابراهيم وتشجع للفكرة..فالكتاب يحتوي على رسومات بالقلم الرصاص تعبر عن الكلمات بشكل بسيط وجديد

***

هل لنا بنبذة عن كتاباتك؟

قالت له:

يا سيِّدي.. أنتَ شاطرتَ قلبيَ الخَفقانَ

فلا تسْتسلمْ للعِنادْ

لنْ تُسيطرَ عليَّ بِداخلكْ

أنا أنشرُ الفوضى في كلِّ أرجائكْ

قال:

سيِّدَتي.. رُبَّما لمْ يأتِ زَمَنُ اللقاءِ بعدْ

فالفِراقُ يسكُنُ كُلَّ الأرصِفة

****

العشق المباح

قال لها:

أَحلُمُ معكِ في جلالِ الصَّمتِ

على مَفارِقِ العشقِ المباحْ

قالت:

لو كانَ العشقُ مُباحًا

ما كانَ للعذابِ مكانٌ بيننا

ليسَ مِن البَشَر

قالت له:

 هلْ يكونُ مِن البشرِ

مَنْ فكَّ طلاسمَ الموجِ

وكانتْ دموعُ الندى مدادًا لكلماتهْ؟

قال:

يكونُ مِن البشرِ.. لو كانَ بحرُهُ

شفتيْكِ اللتيْنِ ارتَسَمَتا كخطيّنِ

 لقلمٍ لا ينضبُ مدادهْ

يكونُ مِن البشرِ.. لو كان بحرُهُ

عينيْكِ اللتيْنِ تختبئانِ خلفَ مدينتيْنِ

 

تَعاشيق

قالت: أيُّها المُقتحِمُ

احتلَّ كلَّ أجزائي

ﻻ تمنحْني حُرِّيتي وإنْ رجوْتُها

قال: أَحْتَلُّكِ وأنتِ تَستعمِرينني!؟

يا لها مِن تعاشيق!

قالت: يا لها مِن غزوات!

***

عاشقٌ مأجورٌ

قالت له:

أعشقُ جنونَكَ.. اندفاعكَ

فوضاكَ.. جرأتكَ

ولكنْ.. لا أغفرُ أنْ تأسِرَكَ امرأةٌ غيري

قال:

أنا لا أحترفُ العشقَ سيِّدَتي

 فهلْ سمعتِ بعاشقٍ مأجور؟

***

ماهى أقرب كتاباتك إلى قلبك ؟

تلك التي كتبتها في بداياتي وكانت تشع براءة..هي كما هي كالطبيعة بدون تجميل أو صياغة وكانت أغلبها حديث مع نفسي أو مع الله.

***

ما هو أول كتاب قرأته و أثر فيك ؟

لا أذكر بالتحديد.. ولكني كنت أحب قراءة روايات طه حسبن ويوسف ادريس ونجيب محفوظ وفتحي أبو الفضل وأثرت في وقتها روايته..( ولكن شئ ما يبقى ).. وأحببت أيضا دواوين فاروق جويدة ونزار قباني وأمل دنقل وصلاح عبد الصبور.

***

ماهي طقوسك أثناء الكتابة ؟

أحب التركيز والهدوء وقت الكتابة وأجمل كلماتي استلهمتها من البحر فأنا أعشق البحر واحيانا أصحو من النوم على جملة اقتحمت خاطري فأنهض في الحال لأسجلها على ورقة..ولكن ان تكاسلت وأجلتها للغد .. فهيهات أن أتذكرها مرة أخرى.

***

من أين تستلهمين قصصك وومضاتك؟

من كل شئ حولي..أحيانا أنظر الي السحب في السماء وأراها تتشكل أطيافا تحدثني فأستلهم منها الكلمات.. وأحيانا أثناء مشاهدتي لموقف أو مسلسل أو برنامج ، تستوقفني كلمة تشدني وتلمسني فأبني عليها حوارا أو قصيدة .. وأحيانا دموعي هي من تكتب .

***

ما أبرز المشاكل التي تواجه الكاتب هذه الأيام ؟

أهمها على الاطلاق هي دار النشر .. فهناك دور نشر تلعب دور الوسيط بينك وبين المطبعة، تطبع لك الكتاب دون أي مسئوليه عليها وبدون أي تخطيط أو سياسة للتوزيع والتسويق وتتركك وحدك  تبحر في مجال لاتعلم عنه شيئا.. وفي هذه الحالة يسقط الكتاب لعدم معرفة الكاتب بالسوق .. وهناك دور نشر أخرى تنشر مايستحق النشر دون محسوبيات وتشجع الكاتب وتتبع كل مامن شأنه أن يساعد الكتاب والكاتب على النجاح من تصحيح لغوي الى تحرير أدبي الى إخراج فني للكتاب وربما دورات تدريبية مجانية أيضا وهذا مالمسته في دار ابداع للنشر لصاحبها د.عيد ابراهيم فهو يتذوق الكلمة وينجذب نحو الابداع بغض النظر عن المسميات، شعر كان أو رواية أو خواطر ، هو يبحث عن الابداع ويتحدى به كل المعوقات.

***

هل تشعرين بالقلق ؟

ليس القلق وإنما الدهشة ..لانه يدهشني فعلا امتناع كثير من دور النشر عن طبع ونشر الشعر أو الخواطر بحجة أن ليس له قراء.. أو أن تسويقه صعب.. متناسيين أن الشعر هو من يشكل الوجدان ويسمو بالمشاعر وتتغذى عليه كل روح جميلة.

***

ماهى طموحاتك ؟؟ احلامك ككاتبة ؟

أن تجد كل كلمة صادقة وجميلة ومبدعة طريقها الى النشر والى قلب وعقل القارئ..وألا يعتمد النشر على المصالح والمحسوبيات.. وأن أترك أثرا طيبا لدى القراء من خلال كتابي أبجدية عشق ..وأنتهي من كتابي الثاني الذي لم أختر عنوانا له بعد.

***

ألم تفكرى في كتابة رواية من قبل ؟

فكرت وبدأت بالفعل .. ولكنني أميل بطبعي الى لغة الشعر

***

هل أنت مع تصنيف الأدب إلى نسائي ورجالى ؟

لست مع التصنيف..أنبهر بالقلم المبدع عامة، ولاأحب مصطلح قلم نسائي أشعر وقتها بعنصرية لا أرتاح معها.

***

هل الكتابات النسائية مقيدة ؟

هناك مجالات عندما تقتحمها المرأة، تهاجم بكل الاسلحة وكأنها حظرا على الرجال وهناك أيضا مايعتقد أن ماتكتبه المرأة هو في الاساس عن تجربة شخصية، وهذا مفهوم خاطئ وربما يرجع لعاداتنا الشرقية وتقاليدنا الموروثة، ولكنني في كل الاحوال أفضل الحياء في الكتابة ولا أحب الاسلوب الفج الصريح.

***

هل الحديث فى السياسة  يقلل من رصيد الكاتب لدى معجبية ومحبية ؟

أحيانا لا يقبل القارئ من كاتبه أن يخالف توجهه السياسي وربما يتأثر من ذلك.. بينما هناك قراء واسعي الأفق..لايؤثر ذلك على تعلقهم بالكاتب.

***

هل تخشين على الحركة الأدبية من الأوضاع السياسية الحالية ؟

في الماضي كنا نتكلم عن توجهاتنا السياسية دون قيد..وكان الاختلاف لايفسد الود.. أما الآن للاسف أصبح الاختلاف يفسد كل شئ ويظهر الوجه القبيح للآخر وربما يعمل على تحوير أفكاره ومحاربته نفسيا..ورغم ذلك لا أرى أن الاوضاع السياسية تؤثر على الحركة الادبية حاليا..بل أراها منتعشة وفي أحسن حالاتها.

***

ما هو أكبر عدو للحب من وجهة نظرك ؟

أرى أن الافراط هو أكبر عدو للحب..الافراط في المشاعر..الافراط في التجاهل.. الافراط في الغياب.. الافراط في الدلال.. الافراط في الغيرة.. وأحب التروي وإعطاء المشاعر فرصة كي تنضج وتستمتع بالبدايات.

***

ما هى أكبر مخاوفك بصفتك شاعرة وأديبه ؟

أكبر مخاوفي أن تكون هناك أقلام مبدعة  ولا تتمكن من النشر بسبب تجاهل بعض دور النشر لهم لكونهم مبتدئين وغير معروفين أو لتكلفة طبع الكتاب التي قد تمنعهم من تحقيق حلمهم المشروع .

***

ما النصيحة التي توجهينها للكاتب الناشئ ؟

القراءة في كل شئ..ليس بالضرورة أن تقرأ فيما تكتبه فقط..القراءة تحسن اللغة وتجود الاسلوب وتمنحك مفردات وأفكار وتتجول بك في خبرات ربما لن تعشها يوما

***

ما أجمل تعليق قيل لك عند بداية مشوارك  الأدبي؟

أجمل تعليق سمعته من كاتبنا الجميل د.أيمن الجندي ..عندما قرأ كلماتي وقال لي لابد أن تبحثي عن ملحن..فكلماتك لابد أن يتغنى بها أحد….وقد أسعدني جدا رأيه وربما شجعني أن أرتدي ثوب الجرأة وأتقدم للنشر .

***

من خلال كتابك..أبجدية عشق.. هل هناك رسالة تودين إيصالها للقارىء ؟

نعم.. أقول له لاتخشى الحب..اختر الحب.. وإن لم تجده فقد يجدك عندما لا تتوقعه..ودع الحياة تعيش فيك بكل مفرداتها.. بكل أبجدياتها.. فالكون يقبع بداخلك .

***

ماذا أضاف لك دخولك عالم الأدب ؟

أضاف لي الكثير .. أعاد صقل موهبتي المتواضعة في الكتابة..علمني الصبر والتأني .. أضاف لي كثير من القلوب الصديقة.. حثني على مزيد من القراءة في شتى المجالات.. ولكن على الجانب الآخر أصبحت أكثر توترا.

***

هل سيظل الحب يتعرض لمؤامرات على مر التاريخ ؟

يظل الحب سفينة النجاة من كل المؤامرات والأحقاد ..ويظل الحب لايعترف بعمر.. هو يأتي في أي وقت ولا يرحل أبدا حتى ولو رحل الحبيب .

***

ماهي مشروعاتك الجديدة ؟

قاربت على الانتهاء من ديواني الجديد.. وأخط كلماتي فيه على شكل لوحات شاعرية قصصية يصل الاحساس فيها الى حد الهوس.

***

إهداء تودين أن تقدميه لشخص من يكون وماهو ؟

كتبت اهداء في أول صفحات كتابي.. أبجدية عشق .. موجه لكل من ساعدني وتحملني وعلمني وأخذ بيدى لبداية الطريق وأهمس له .. لن أنسى براح قلبك ماحييت..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى