بيئة العمل المدرسيّة المدمرة
رحاب يوسف | كاتبة تربوية وقاصة فلسطينية | طولكرم
تعزيز الجانب الإيجابي في الموظف هو الرقم الأصعب في بيئة العمل، ونادراً ما يتذكر الموظف اسم المبنى الذي يعمل فيه بقدر ما يتذكر الزملاء أنفسهم، تجده دائما يبحث عن بيئة عمل صحية يسودها الاحترام والتقدير، ويبحث عن قياديٍّ يلبّي الاحتياجات الإنسانية، وأهمها المكوّن الروحي القِيَمي، مثل: العدالة، فلا يُحابي شلة معينة، والمكوّن الثاني هو التنمية العقلية، وعلى المدير مراعاة البُعد العقلي لدى الموظف، مثل المشاركة بالمعرفة، والدورات المختلفة، والمكوّن الثالث هو المكوّن الوجداني من احترام وتعاملٍ إنساني، والمكون الأخير هو السلامة الجسدية، بحيث يوفر بيئة مناسبة للعمل، كتوفير القرطاسية والمكيّف، ومكانٍ آمنٍ بعيداً عن السيول في الشتاء والحرارة في الصيف.
ما يدمر بيئة العمل هو غياب السلطة والقيادة السليمة، فالمدير مُفرَغ من الرؤية والأهداف الواضحة، تجده تائهاً يشكّل مصدر قلَق للموظف – بما فيهم المبدع؛ لأن زمام الأمر ليس بيده، إنما بيد النائب أو الشلة الأقوى، ذلك الأمر الذي يجعل الموظف في ترحالٍ دائم بين المؤسسات والشركات، يبحث عن بيئة صحيّة آمنة يسودها الاحترام والتحفيز، لا الإحباط والمشاحنات.
ومن أسباب بيئة العمل غير الصحيّة البعدُ السلبي الذي يراه المدير في الموظف، تجده يتذمر منه باستمرار، يحبطه ويركز على نقاط ضعفه لا نقاط قوته، وإن حقق الموظف أي إنجازٍ لا يشجّعه، ولا يحفزه، بل أحيانا يخفي إنجازاته أمام المشرفين، ومن على صفحة المؤسسة الرسمية.
أحيانا نجد الموظف نفسه أحد أسباب بيئة العمل غير المريحة، فدائما يخلق جوّ عمل مدمِّر، لغته السائدة هي التذمّر والهروب من المسؤولية، غير مبادرٍ لا يبث إلا التشاؤم، غير متفائل لا يشعر بالرضا الوظيفي، وفي النهاية يعود إلى القرار الشخصي، بيده مهارة تضخيم درجة رضاه عن وظيفته وتنميتها، أو تقزيمها وتحقيرها.
البعض يهرب من البيئة غير الآمنة، بيئة طاردة ليست حاضنة، بتقديم الاستقالة في السنوات الأولى من العمل، بسبب الصراع الداخلي وعدم وجود روحٍ مُفعَمَة بالإيجابية، أذكر في إحدى المدارس حيث كانت زميلة لي، متفوقة بامتياز في تخصصها، لكنها – على ما يبدو – ضعيفة الشخصية لا تستطيع ضبط الحصة، أعطوها عدة مراحل لتجرب، لكنها فشلت، وزميلة أخرى ساعدت على إضعافها بالسخرية منها، فانسحبت وتركت التدريس.
