سامي السرخي.. نموذج للمربي الشامل وقامة علمية متميزة
محمد زحايكة – جبل المكبر – القدس – فلسطين
ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والعباهرة
لم يلتق الصاحب مرة بالاستاذ والمربي الفاضل سامي السرخي خاصة أيام إدارته مدرسة السواحرة الغربية للبنين، إلا وهو هاشا باشا مبتسما ترتسم على محياه إمارات الحياء والخجل النبيل.
ومن تعامل مع معلم الأجيال أبو طارق سوف يلمس على الفور غيرته على المسيرة التعليمية حد القلق ، فهو ينظر نظرة مضاعفة من الأهمية إلى تربية النشء، وصياغة جيل متعلم وعلى خلق قبل كل شيء.
ويحار الإنسان في إخلاص وعطاء هذا المربي الكريم الذي واكب آلاف العقول من طلبة العلم عبر عقود من إدارته للعملية التربوية والتعليمية بأسلوب مهني يمزج بين الجدية والمتابعة الحثيثة وبين المنهج العلمي في التربية الحديثة والتدريس العصري القائم على الإرسال والاستقبال الحسن إذا جاز التعبير بين طرفي معادلة التعليم من معلمين وطلبة ينهلون العلم .
من كان يشاهد الاستاذ سامي السرخي أبو طارق وهو “يتفتل” في وقت الفرصة أو الاستراحة بين طلبته في ساحات المدرسة يمازحهم تارة ويلفت انظارهم إلى ضرورة تجاوز بعض المسلكيات الضارة بأسلوب رصين وهادئ ولكنه حازم ، يدرك مدى ايمان وحرص هذا المربي الكبير على تخريج أجيال نافعة ومفيدة لمستقبل شعبها وامتها وقادرة على احداث التغيير المطلوب نحو غد افضل .
وفي منتصف تسعينات القرن المنصرم حظي الصاحب بعضوية لجنة أولياء الأمور في مدرسة البنين التي يديرها ابو طارق لمدة عام واحد، فوقف الصاحب عن قرب على اسلوبه العملي والمثمر في متابعة النشء وسعيه الدائم لاشراك أولياء الأمور في عبء العملية التربوية في سبيل الوصول إلى افضل النتائج والثمار المرجوة .
ولاحظ الصاحب عن قرب مدى الحكمة والاتزان والالتزام الذي يميز شخصية ابو طارق وتعامله مع جميع التلاميذ معاملة ابوية أو معاملة الأخ الكبير دون تمييز بينهم وبغض النظر عن انتماءاتهم وأصولهم العائلية والعشائرية ، فكلهم سواسية كأسنان المشط في نظرته التربوية الشاملة والحانية .
ولم ينزو ابو طارق بعد تقاعده من مهنة التعليم الرسمي بل واصل التعلم الذاتي وحصل على الشهادات العليا إلى جانب التعليم حيث حاضر في دور العلم في كليات وجامعة القدس وربما غيرها . وعلى الصعيد المجتمعي كانت له مساهمات مهمة في عدة مؤسسات وجمعيات خيرية لإيمانه أنه من لا بهتم بأمور المسلمين ، فليس منهم . كما نشط في إصلاح ذات البين ما وسعه ذلك معتمدا على حكمته واتزانه وتبصره وخبرته الحياتية التي اكتسبها من خلال الاحتكاك مع عقول ونفسيات مختلفة مما اكسبه نظرة فاحصة وعميقة لمجاهل النفس البشرية وتعقيداتها ومزاجيتها وأغوارها السحيقة.
الأستاذ والمربي الفاضل سامي السرخي بحق.. قامة تربوية وعلمية يفتخر بها على مستوى الوطن .. حتى لو اختلفت معها فكريا ، فلا يسعك إلا احترامها وتقديرها لعمق ونبل أخلاقها الإنسانية الراقية وقدرتها على تقديم خطاب راقي َوكذلك اسلوبها اللغوي الجميل المنمق والمتسم بمسحة أدبية كما اكتشف الصاحب ذات مرة خلال حفل تأبين للراحل زهدي شاهين رئيس بلدية السواحرة الشرقية .
نحن أحوج ما نكون في هذه الأيام الصعبة الى نماذج منيرة وسامقة وحكيمة من أمثال المربي أبو طارق لعلها تسهم في إعادتنا إلى جادة الحق والصواب بدل هذا التخبط والانزلاق إلى القاع والانجرار خلف شرور أنفسنا.
ألف تحية معطرة بشذا القدس ورحيق أزهارها إلى هذا الإنسان والمربي العظيم .