أين أنتَ؟!

هند خضر

تغيرتَ عليّ كثيراً رغم أنني أكثر من يعرفك، لم تعد ملامحك كما عرفتها لأول مرة ، تلك الملامح كانت تبتهج لرؤيتي و ترتسم على شفتيك ابتسامة تمحو كل أسى عشته تندمل معها جراحي و كأنني ملكت العالم بين أصابعي، نظراتك لي كانت تترجم أحاسيسك و كأنها تخبرني بأنني الوحيدة التي فتنتك في هذا الزمان .
ما بك؟ يا ترى هل ماتت لهفتك المجنونة؟
لماذا طغى البرود على سلامك و كأنه تبرئة من عتب؟
غدوت تمر بقربي ، تلمح البؤس مرتسماً على وجهي، و اليأس مخيماً في عيوني ولكنك تمضي في طريقك كما لو كنت غريبةً عنك، في اللحظة التي أحتاجك فيها لثوانٍ فقط ، تمضي بعد أن تدهس جرحي بكبريائك القاتل و صمتك الحارق وكأن شيئاً لم يكن ، ألم يكن كافياً بنظرك مقدار الانكسار الذي شربت من كأسه بعد رحيلك؟ !
هاأنت اليوم أمامي تبدو مثل الخيال، وأنا أقف مكسورة الخاطر دون كلام، يُخيّل لي من شدة الشوق أنك تبتسم لي فسرعان ما تخذلني أفكاري و أشعر أنها المرة الأولى التي لم أتمكن من قراءتك بالشكل الصحيح ، ولا أدري إن كنت حينها سأوقع اللوم عليك أم على نفسي أم على الظروف التي ساقتني إلى ما أنا عليه الآن ..
جلد الذات أدماني فأنا دائماً أقسو على نفسي و أحمّلها كل الخطايا، وأما بشأنك فلست قادرة على توجيه سهمي نحوك و لماذا لا أدري؟ كل ما أعرفه أنك الروح التي مازالت تحيا بداخلي و بما أنك الأدرى بتكويناتي فليس غريباً عنك أنني أرى في خطاياك كل الصواب، وأن امرأةً مثلي تعطي بلا حدود فمن عادتها أن تمنحك سعادة الكون و تنحصر هي نفسها في فقاعة الحزن و الألم.
إني أشمّ رائحةً تعبق في المكان، سألت نفسي: ما هذه الرائحة يا ترى؟ فإذا بها رائحة الذكريات، يا الله كيف سأكمل رحلة الحياة معها؟إنها الروائح المعجونة بكل شعور محرّم عليّ، المحمّلة بحجارة العشق الممنوع ، تخرج من قلبي المحترق لتتصاعد إلى دماغي و تشعل فيه نيراناً لا أحد قادر على إطفائها سواك، لا أحد لديه القدرة على التعامل مع مزاجي المتعب في هذه اللحظة إلا أنت، وأين أنت؟ السؤال الذي يوجعني في كل ليلة ولم أعتدْ على الوجع منك ..
بالله عليك أجبني على سؤالي و دع الشقاء يرحل من أيامي وارحل أنت حيث تشاء ..
مدّ يدك لي و ساعدني كي ألقى الإجابة لديك ويهدأ تفكيري قليلاً، ساعدني كي أملأ الفراغات الناقصة في حياتي بما يناسب و يريح قلبي فاليوم أنا هنا وغداً لا أدري أين أكون، و ربما تختار شمس العمر أن تغيب باكراً، وتكتسحني العاصفة من حقول الحياة و يجرفني تيار الزوبعة إلى الأعماق .
أنا الحزن الكبوت في الصدور
انا الدمعة الواقفة في زاوية العين تأبى التراجع و السقوط
أنا في تيهٍ لامتناهٍ
من فضلك ساعدني لأجدَ الطريق.