التفاتة ساحرة

هند خضر | سوريا

هي ليست إلا التفاتة جاءت من نحوك، هبّ معها القليل الكافي من عطرك، صوبت السهم بعينيك فأصاب تلك القطعة المهترئة المتوضعة في الجزء الأيسر من صدري، تلك الالتفاتة حررتني من قيود الوحدة التي كانت تلتف حول عنقي و بلحظة ما كادت أن تُخرِج روحي من جسدي، عبرتَ معي الأبواب الموصودة التي لم تُفتَح لأحدٍ سواك وأنت تدرك ذلك جيداً..
مجرد التفاتة التفت معها قلبي أخرجتني من دائرة الحزن التي أقبع بداخلها واستعدت ابتسامتي التي سرقها الزمن من بين شفاهي شيئاً فشيئاً ..
ربما أتت في موعدها و ربما لا، ربما أتت لتنقذني من شرودي أو لتوقعني به أكثر ..
معها أصبحت شاردة الذهن، شاردة بك وحدك فتبدو لي الوحيد على هذه الكرة الأرضية، لا بل تبدو وكأنك ملاكاً يقف على أكتافي ليحرسني و يحميني من عيون الناظرين ..
من أنت؟ وكيف تملك كل هذا التأثير الخارق الذي تمارسه عليّ حتى أنك تستطيع منحي هدأة الرقاد و النوم في التوقيت الذي تقرر فيه ذلك أنت وليس هو؟
بالتفاتة هادئة منك تخترق هدوئي و تشعل النيران في جوفي فأحتاجك حد الهذيان، أحتاجك لدقائق معدودة فقط، لن أبوح لك خلالها بما يعتريني و يرهق نبضي ، بحضرتك لا أقوى على الكلام ،تتعثر الكلمات على شفاهي ،أنسى نفسي من أكون و أضيع في معانيك، كل ما سأفعله هو الإبحار في عينيك عبر نظرة مطولة أغوص بها إلى الأعماق لأكتشف أين أنا منهما اليوم وهل مازلت أسكنهما؟
هل تتذكر أنني قرأتُ في عينيك ما لم تقرأه الأخريات؟
فأنا من دون عينيك كالمنفي من وطنه، كالمغترب عن ذاته…
(لطالما كنت تخبرني أنك تسكنين في عيوني ، تقطنين في روحي ، تنامين في قلبي، تستقرين تحت جلدي و تسافرين في ضلوعي متى تشائين )
لديّ رغبة جامحة في الوصول إليك، إلى عينيك، أريد أن أسرح بك، أتأملك و كلّي وله واشتياق لتزيح عني التعب والإرهاق، ذاك الأمل لم أعلقه على أحد سواك …
أشواقي لك كروية، تعالَ قليلاً لنزرع الرغبة في بلد الرمل فتنبت بنفسجة ويكون هذا العالم بأسره بالنسبة لنا (أنت وأنا) ليس سوى أطياف حالمة بلون البنفسج الذي يسكن أحداقنا …
تعالَ إليّ لأترجم لك أحاسيسي و أصرّح لك بما يدور في ذاتي قبل أن تغيب شمسي وأرحل للأبد ..
في الآونة الأخيرة افتقدت جزءاً مني عندما فقدتك، وكاد صمتك أن يدمر أسوار عشقي لك،و يهدم جسراً سهرنا ليالٍ طويلة في هندسته و بنائه، كنت أحسب أن كل شيء انتهى بمجرد انتهاء كلامك ولكن …
أدركت الآن أن الرمشة المطولة رد ..
الالتفاتة المكسورة رد ..
و عدم الرد أيضاً رد ..
هل رأيت ما فعلته بي بمجرد التفاتة منك فكيف إذا أتيت؟ !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى