انفجار فلسطينيي الداخل الفلسطيني أمر طبيعي
المحامي شوقي العيسة | بيت لحم – فلسطين
لماذا استغرب البعض هبة الفلسطينيين في الداخل واعتبروها مفاجأة؟!
الفكر الصهيوني على درجة هائلة من العنصرية تصل إلى تناقضه مع كل من هو غير صهيوني بما في ذلك حلفائه. وأهم سلاح لديه هو الأساطير الدينية لتجييش اليهود لتنفيذ استراتيجيته، هذه الأساطير التي تعتبر كل من هو غير يهودي (غوييم) إنما خلق لخدمة اليهود ويجب أن يعامل دائما على أنه ليس على نفس الدرجة مع اليهود، وهناك أمثلة كثيرة من الحياة اليومية، ذكر أكثر من كاتب يهودي بما فيهم الروائي عاموس عوز أن اليهود في فلسطين حتى قبل تأسيس إسرائيل كانوا لا يشترون إلا من اليهود. المثال الصارخ أيضا تمثل في معاملة الجواسيس الذين عملوا مع المخابرات الإسرائيلية وهربوا خلال وبعد الانتفاضة الأولى، لم تسمح لهم إسرائيل بالسكن في الأحياء اليهودية ولم تمنحهم جنسيتها أو حتى وثيقة إقامة. أما معاملتهم للأجانب المسيحيين بما فيهم الأمريكان حليفهم وحاميهم الرئيسي فيكفي ذكر المثال الذي وثقه الكاتب الإسرائيلي المعادي للصهيونية إسرائيل شاحاك وهو حول الفتاة الأمريكية التي تعرضت لحادث في القدس الغربية في يوم سبت ورفض اليهود المتواجدون في المكان نقلها للمستشفى أو الاتصال بالإسعاف وتركوها لتموت، وذلك لأنها ليست يهودية، واعتبرت الحكومة أن تصرفهم كان صحيحا وفقا لقناعاتهم الدينية. إضافة إلى أن الدولة الصهيونية لا تمنح جنسيتها لغير اليهود.
يمكن الاسترسال في ذكر الأمثلة والإثباتات على عدم قبول الآخر إلى ما لا نهاية. للتدليل على أن الفكر الصهيوني هو فكر مغلق إحلالي يعمل دائما على إحلال اليهود مكان غير اليهود.
ذلك الجزء من شعبنا الفلسطيني الذي صمد وبقي في وطنه أثناء النكبة وتأسيس إسرائيل يعيش هذه العنصرية المطلقة ساعة بساعة منذ ٧٣ عاما.
وهم إضافة إلى وطنيتهم وعدائهم للصهيونية وارتباطهم بأرض وطنهم، يعيشون يوميا تحت تهديد الترحيل والتطهير العرقي مما يجعلهم جاهزين للثورة على الدولة الصهيونية وأجهزتها الأمنية كل الوقت. لأنهم يعون بعقلهم الباطن وبوعيهم السياسي أن البديل هو التشرد في المنافي.
في الفترة الأولى بعد تأسيس إسرائيل تمردوا على الحكم العسكري الذي امتد ١٨ عاما. وهم من قدم الشهداء في الانتفاضة ضد مصادرة أراضيهم في عام ١٩٧٦ وذلك اليوم أصبح يوم الأرض الذي نحييه سنويا. وهم من خرج إلى الشوارع صغيرا وكبيرا أثناء وبعد العدوان على بيروت عام ١٩٨٢ وبعد مجزرة صبرا وشاتيلا. وخلال الانتفاضة الأولى والثانية قدموا الغالي والنفيس والشهداء دعما لشعبهم في الضفة وغزة.
وهم من خرّج أدباء وشعراء المقاومة، والأسرى الذين لا يزالون في سجون الاحتلال حتى يومنا هذا.
وإضافة الى قناعتهم بأنه لا يمكن التعايش مع الفكر الصهيوني، فقد أثبتت لهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي رعاية السلام خلال العقود الماضية بأن المفاوضات السلمية مع الصهاينة لا يمكن أن تؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر.
فلماذا يستغرب البعض هبَّتهم الآن؟!