صدى صوتك
هند خضر | سوريا
عندما أرخى الليل ستائره على وجه الغروب كان القمر يحمل ضوءه فوق شغاف القلب لينير الطرق المظلمة أمام همسات العاشقين، يسدل جدائله على زجاج نافذتي ليعانق انتظاري، فأنا أنتظرك أن تأتي في ليلة يبدو فيها القمر بدراً كوجهك تماماً ليغير ملامح المكان و يحلو السهر، لنوقد من سراج الأمل حكاية تنسدل خيوطها من آفاق أحلامنا، لنحيك من أحاديث الغزل أثواباً لكل العاشقين ، نرسم عليها أسماءنا كي تكون خالدة في تاريخ الحب السماوي المبارك من الإله ، كي تحكي قصة حب استحالت على البقاء و استعصت على النسيان ..
أسمع صوتك ليلاً يطرق نافذة قلبي يناديني و يقول: تعالي يا فاتنتي، سأقطف لكِ نجوم السماء و أصنع منها عقداً يليق بعنقك، سألبسك إياه ، عقدٌ من النجوم لا يليق بسواكِ ..
أرد على صدى صوتك: أنا هنا ، معك في مكان أقرب إليك منك، أنا في مكان لا يصل إليه أحد -في روحك –
أتوهج بها ، أنام فيها ولا توقظني أبداً …
ماذا بعد أن وصل صدى صوتك مع تيار الهواء في الخارج؟
هل سيأتي بك في ليلة كهذه؟
يرد الصدى بلهجة أرهقها الاشتياق:
سآتي إليكِ في ليلة وردية اللون كهذه، ألفح ملامحك التي تشتكي حرارة الغياب كنسمة تولد من رحم تموز ،
أتفتت في مناخ عشقك الذي فقد صوابه، أتناثر و أتشظى ..
هل لي أن أجد نفسي التائهة بين راحتيك وأغفو عليها من جراح نازفة بلا انقطاع؟
سوف أضمد جراحك بيدي وأخيط ذاك الشق الهائل الموجود في روحك، لن أدعكِ تائهة و ستتربعين على راحة كفي كالخطوط المتوضعة عليها ..
هل تسمح لي أن أرقص على إيقاع أنفاسك الشهية المسافرة مع أحلامنا معاً؟
ارقصي، غني، تدللي ، تمايلي بقدك المياس ، سافري إلى ضلوعي و امتزجي مع دمي الذي يجري في الشرايين، فأنتِ حبيبتي في كل حين، لا أريد أن تغيب عني عيناكِ اللتان قدّمتا لي كل ما عجز عنه كوكب الأرض .
في هدأة هذا الليل و سكونه الممزوج بآهات الهيام و أنات موجعة مثقلة بشوق يطوق قلبي …هل تسمع آهاتي و أنيني؟
يا قرنفلتي الجميلة:أسمعها و لي نصيب منها لا يقلّ عن نصيبك، لهذا سآتي وأسكب عصارة وجدي في كأس المرارة رحيقاً، و أنتِ اشتعلي ثم انطفئي في لقاء يجمع بين قلبين متيّمين في لحظة تُقرع فيها أجراس المساء، تشير فيها الساعة إلى الواحدة بعد منتصف الليل -مثلنا نحن –
أنتِ وأنا (واحد) ، أتخذ فيها منكِ قيثارة فإيقاع أنغامك خُلِق لنستمدّ منه نغمة عميقة عذبة تدوّي في أرجاء قلبي و تعانق روحي …
في الختام سأكفّ عن الأسئلة و سأقول:
كن أنتَ أنا ..احتضن أشواقي المجنونة ، اجمع أجزائي المشتتة، كن الصوت لا الصدى و ادفع بأفكاري الميتة في أماكن بعيدة من هنا كما تدفع الريح بالأوراق الذابلة الصفراء لتعجّل بميلادي من جديد.