على هوى المدير العام!

صبري الموجي| رئيس التحرير التنفيذي لجريدة (عالم الثقافة)

جميلٌ أن تكون ذا طموح، مُتطلعا لمعالى الأمور، وتبوء المناصب القيادية، التى تُمكنك من أن تأمر فتطاع، وتتكلم فيُسمع لكلامك، وتتفكه ولو بنكات سخيفة، فيبتسم المُستمعون، وربما وصل بهم الأمر لحد القهقهة المُصطنعة، طمعا فى رضاك، ونيل عطاياك.

وإذا كان جميلا كل ما سبق، فغيرُ جميلٍ أن تأخذ ما ليس حقك، وتنال المنصب دون أن تكون أهلا له لمجرد أنك على هوى رئيسك، أو أنك تغض الطرف عن عيوبه وأخطائه أو تشاركه فى فساده وجرائمه دون اكتراث لمصلحة المؤسسة التى تعمل بها، والتى من المُفترض أن تكون عامل بناء فيها لا معول هدم!

والمُؤسف أن هذا هو حال كثيرٍ من مؤسسات الدولة، التى تُعانى أزمة اختيار أهل الثقة وليس أصحاب الكفاءة، فيزداد الطين بلة، وتتعاقب القياداتُ على المؤسسة أيا كانت، وتكون النتيجة ( محلك سر)، دون أن نلمس إنجازا ملموسا، أو مشروعا بدأه مسئولٌ سابق وأنجزه اللاحق.

وهذا هو المعنى الذى دفع الشاعر القديم لأن يقول: متى يبلغُ البنيانُ يوما تمامه إذا كنت تبنى وغيرُك يهدم.

والمعنى أنه لن تقوم لأي بناء قائمة، ولن يرى النورَ مشروعٌ – أيا كان –  مادامت هناك فئةٌ تكره النجاح، وتصوب طلقاتها الطائشة إلي كبد أى مشروع يحقق الخير للبلاد، ويصل بمصر إلى بر الأمان.

إن أزمتنا فى مصر المحروسة أننا نُجيدُ الكلام أكثر من العمل، ونُحسنُ النقد الهدّام، الذى يُهون كل إنجاز، ويُحقر كل نجاح، دون أن نشمر عن ساعد الجد للعمل، الذى يُعد ضمانة التقدم والرخاء، وهذا ما فطن إليه أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب حينما قال: اعملوا فإن السماء لا تُمطر ذهبا ولا فضة.

وحتى لا يكون عملُ المسئول – أيا كان موقعه – أشبه بالنقش على الماء، ولكيلا يكون كده وتعبه بمثابة التغريد خارج السرب، فلابد له أن يُؤمن بعظم الدور المُلقى على عاتقه، والمسئولية التى تجشم مشقة حملها، فيعلم أنه راع مسئولٌ عما يعمل، ومحاسبٌ عليه، بين يدى ربه الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، هذا بالإضافة إلى ضرورة أن يكون اختياره للهيكل الإدارى المعاون له قائما على اختيار أهل الكفاءة وليس أهل الثقة ممن يرطنون بقول الحق بعدما فسروه حسب مزاجهم: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم”. أو الذين (يربطون الحمار مكان ما يُريد صاحبه).

إن أزمة مؤسساتنا تتمثلُ فى عدم وجود القيادة الرشيدة التى تُفتش عن مواطن الداء، فتأخذ على يد المخطئ، وتكافئ المُجتهد، بل إن بعضهم يُؤثر أن يُمسك العصا من المنتصف دون أن يكون حاسما فى قراره مهما كانت النتائج!

إن أمل أمتنا مرهونٌ بتطهير الجهاز الإدارى، والضرب بيد من حديد على يد كل فاسد، يسمحُ بالرشوة ويؤصل لقانون المحسوبية، الذى يحرم أصحاب الكفاءة، ويفتح الباب على مصراعيه للأقزام وغير الموهوبين!

وأخيرا دعونا نتفق على أننا فى مركب واحد لو تركناه للفاسدين غرقنا جميعا، ولو أخذنا على أيديهم لنجت مصر كلها !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى