قراءة في رواية عشر صلوات للجسد – لـ” وفاء عبد الرزاق “

أ.د. وليد جاسم الزبيدي | العراق

 عشرُ صلواتٍ سومرية في أدب السيرة.!

الرواية

عنوان الرواية (عشر صلوات للجسد)، للروائية (وفاء عبد الرزاق)، عن دار أفاتار للطباعة والنشر، في القاهرة، عدد الصفحات(226) صفحة، القطع (21×14.8 )، الطبعة الأولى، 2020م/ 1441 هـ، لوحة غلاف الرواية للفنان العراقي(صالح كريم)، وتقدّمتِ الرواية ، الإهداء، وتقديم بعنوان (وفاء عبد الرزاق أشرعة الحب الأزلي) للدكتور محمد جواد حبيب البدراني، ألحقتهُ بشهادة بعنوان(وفاء عبد الرزاق وهوية الانعكاس السردي) الشاعر والناقد هاتف بشبوش.

التقديم

تدخلُ الرواية التي بين أيدينا في خانة أو تحت عنوان كبير(الميتا سرد)، فالسّاردُ ، والمتعارف عليه، يبني قصصهُ من الواقع وينقلُها الى النّص، أمّا في الميتاسرد، يُدخلُ بؤراً سرديةً أخرى، تعملُ احداها على تمرير أفكار ورؤى تخرج عن نطاق معرفة وعلم السارد ويصبح هوأيضا ناقدا لتلك البؤرة.. وقد يستعين ببؤرسردية أخرى تثري وتتفاعل مع الموضوع الرئيسي.

 وفي هذه المنظومة التي يشتغلها الروائي/ الروائية، قدْ يتمرّدُ البطل أو الأبطال على (السارد)، ويصبحُ للمتلقي دوراً بطولياً ومشاركاً في المفهوم الجديد. وهنا تدخلُ اللعبة التخييلية في البناء، وفي نتاج عالم تخييلي جديد بمعمار حداثوي أو ما بعد الحداثة، في عملية التلقي، والتفاعل والعملية القرائية برمتها، وهذا ما سنثبتهُ من خلال التفاعل والاستقراء للرواية ليس بعيون الراوية بل بعيون القارئ.

 

الباب الأول/ بنية الرواية:

اعتمدتِ (الروائيةُ) في رسم واستحضار بطلاتها من قراءاتها لنصّ تاريخي من عهد الحضارة السومرية لأول شاعرةٍ أكدية المولد، سومرية الثقافة ابنة الملك(سرجون الأكدي)، وهي تدعى (إنهيدوانا) الكاهنة الأعلى التي سطّرت أشعارها وتراتيلها الى الإلهة (إنانا)، ناشطةٌ في سبيل الحب والتسامح. أنتجت قراءتُها ترابطاً روحياً ونسيجاً يمتدّ بامتداد الزمن ليشكّلَ وجهاً آخر للمرأة بذات الروح والفكر، فتلبّستْها (الكاهنة الأعلى) أو قُل أعادتْ انتاجها في هذا الزمن لتعيد تراتيلها وتُسمعَ العالم صوتها وفكرها وحضارتها بعد غياب الكثير من القيم، بصورةٍ أكثر بهاءً تحاكي العصر وبصوت شاعرةٍ هي بنت زمانها ومكانها.

وهنا كان العمود الأول والأساس في بِنية الرواية (الشاعرة الكاهنة)، والعمود الآخر في أسس البناء (نساء الكاتبة)، حيث اختارت ألواناً من الجنسيات والأديان والثقافات، لتضخَ كمّاً معلوماتياً غزيراً من ثقافات الشعوب، المتقدمة والمتخلفة، لتكوّن تراتيلها التي أضحت صلواتها العشر . والعمود الثالث التراث واستخدامه في لعبة الابطال والتفنن في التشويق وشد القارئ لمعرفة ما حدثَ وما سيحدثُ. وسنأتي لتفكيك بنية الرواية بقراءةٍ المتلقي:

 

الباب الثاني/ نساء الرواية

اتّبعت (الساردة/ الراوية/ الروائية ) أسلوباً جديداً ومعاصراً لقراءة (تراتيل/ صلوات) الشاعرة الكاهنة، لأننا نعيش القرن(21)، فكانت تتعامل مع أشعار الكاهنة الأعلى بروحية جديدة مع مشاكل المرأة في هذا العصر، فلم تكنْ اختياراتها للمرأة على مبدأ الجسد والجنس والشهوة، كما هو حال بعض نساء كل العصور، بل اتخذت من المشكلة في البناء، لا تنظر للمرأة جسداً بل ضحيةً، وهكذا تعدّدت ألوان نسائها لتحريك الأحداث بما يخدم البناء السردي والدرامي، فنلاحظ مجتمع الرواية نسوي، تعشّق بلغةٍ شعريةٍ، وسردٍ ملحمي غير مألوف يخفق بالقلب، وخيالٍ جامحٍ يصفُ الحركات والسكنات، بل يصفُ رفيف الستائر وهمس المرايا، لتحتكم بلغةٍ توصفُ بالحكمة، تستندُ لاستماع الصوت المختنق والحبيس، وترجمة كل أثرٍ على الجسد ولغةِ كلّ دمعةٍ سقطتْ على خدٍ وأرض.

    وهكذا تأخذُ (الساردةُ / الراوية/أزاهير) نساءها، لتتباهى بهنّ، لأنهنّ أيقونات العصر، وهنّ تشكيلة الألم والفاجعة، برؤيةٍ وفكرةٍ لنحت تمثالٍ أو عزف سمفونيةٍ تشيرُ لألم ووجع المرأة في كل شبرٍ من هذا الكون .وقد التقت بنسائها في لندن، ولكلّ واحدةٍ طريقٌ للوصول الى (لندن) وتعدّدتِ الأسباب والاضطهاد والألم واحد.

فكانت من نسائها: 1-(بربارة/ من المغرب- مسلمة) مشكلتها في اضطهاد الزوج لها الذي يكبرها سنّاً ومتزوّج وله أولاد من زوجته الأولى، وحرمانها من الانجاب؛ وكيفية وصولها الى لندن. 2-( هينار/ من الهند، بلد انديرا غاندي، تحكي قصة اختها(أنوشكا) في التحرش بها، وكيفية اغتصابها، ثم قيام الأب بقطع راسها ويدور بهِ في القرية، والعادات والتقاليد في الزواج، وأن أهل الزوجة يتكفلون تكاليف الزواج، وكيفية حرق الزوجة حيّة في حال وفاة زوجها ويصبون عليهما زيت سريع الاشتعال.

وفي (تايلاند) كيف يتم دفن المرأة وهي حيّة، في القبر قبل زوجها المتوفّى، توضعُ في أرضية القبر، ويوضعُ عليها ثقلٌ كبيرٌ من الخشب والطابوق، ثم توضعُ جثّةُ الزوج. ثم تحكي قصة وطريقة وصولها (لندن) بزواجها من رجل يكبرُها أربعين سنة متزوّج وله أولاد.  3-(مهيرة) من الباكستان، بلد (بناظير بوتو)، قصّة المرأة في باكستان لا تختلف عمّا هي عليه في الهند، من السهل قتل الوزيرات، وعارضات الأزياء، على أيدي المتطرفين، لأن المرأة تظل العار فقط. وعن قصتها أنها رفضت الزواج التقليدي من شخص تختاره عائلتها لها، وأرادت القبيلة قتلها فوقف بجانبها شقيقها وقام بتهريبها الى بريطانيا.4-(دلكش)، امرأةٌ بريطانية من أصول ايرانية، قصة اغتصاب أمها أمام نظرها، ثم طريقة هروبها من ايران مع امها بعد احداث عام 1979، 5- (خضرة)، امرأةٌ يهودية الديانة، وكيف قاست من معتقدات دينها في قضية(ختان البنات) لأن هذه العملية هي الطريقة (لعفّة) المرأة وعائلتها.

6- (سارة)، و(فتنة) و(مهرة)و (قبس) وحكايا وقصص من المآسي والحرمان وكيفية الوصول الى (لندن). تعقبها صلوات الى . 7 – (Bella) الصينية، ونظرة الأهل التي لا تختلف عن الشعوب الأخرى كونها العار، وولادة الأنثى حالة ونذير شؤم. ثم (لوليتا)، وتعقبها صلاة أخرى الى .. 8- (ميلفا) ، ميلفا ماريك، زوجة العالم (أنشتاين)،/ لونجين/كوريانا/ ..9- (زبيدة) زوجة الخليفة العباسي، هارون الرشيد./ خولة عبد الرحيم.10- (جان دارك)، الشهيدة القديسة . 11- (هاريت توبمان). 12- (جاين أوستن) الروائية.

 

اللغة ،اللون، الدين

وهكذا شكّلتِ الكاتبةُ مجتمعاً ودولةً، كلهنّ اجتمعن في (لندن) للظّن أنها أرض الديمقراطية، وللهروب من عادات ومعتقدات وقوانين تحرّم على المرأة كلّ شيء، وتجهض حقوقها، هذا التنوّع والتعدّد في الألوان والأثنية والثقافة واللغة، جاء بعضهُ من لقاءات مع نساء متخيّلة، ومن قراءات في الكتب عن نساء لهن دور في التاريخ، وفي البحث عن طريق (الجوجل) باستخدام (اللاب توب). فهي أذن أرادت أن تترجم الصلوات الشعرية لشاعرتها (إنهيدوانا) الى رواية، تحوّلها من الشعرية الى السردية بأسلوب شاعري ، حيث غلبت العبارة والمقاطع الشعرية، حتى أن الكاتبة تنسى أحيانا نفسها وتكتب جملاً شعرية نثرية شفيفة. كيف لا وهي تخاطبُ شاعرةً سومرية، هي الشاعرة الكونية الأولى .

 

أيام في الرواية

حدّدتِ الراويةُ يومين في كل أسبوع، للقائها بنسائها، وتختلي في بقية الأيام بخليلتها وصاحبتها التي تعيشها ( الكاهنة/ الشاعرة/ إنهيدوانا). فكان السبت وتسمّيه ، يوم الاعتراف الروحي، والبوح المقدّس، لتقصّ كلّ واحدةٍ قصّتها، وفيه الاطلاع على المأساة، وعلى ثقافة المرأة وثقافة بلدها وتقاليدها وديانتها، وطريقة الهروب للخلاص من موت محتّم.وكان يوم الأحدمخصص للتجوال في مواقع سياحية وترفيهية في لندن، وكانت اختياراتها ( الطرف الأغر- لندن آي- مطعم سوهو- قلعة لندن- جسر البرج- المتحف البريطاني- نهر التايمز-ويستمنتر- محطة البرتن..) مناطق تقصّدتْ باختيارها لما فيها من مغزىً ومعنى ثقافي واجتماعي، والقصد منه الوقوف على الفارق الشاسع بين هذا الموقع ومواقع في بلدان تلك النساء التي ينقصها الكثير.

 

الباب الثالث/الموروث في الرواية

 1/ الشخصيات الأدبية والتاريخية والسياسية: لم تكتفِ (الكاتبة/ الشاعرة) باختيار النوع والكم من النساء والأماكن، في بنية السّرد، بل اختارتْ شخصيات تاريخية وأدبية وسياسية، تجدُها حاضرةً وشاخصةً في الموقع والمكان والسطر والمقطع الذي يخدم بِنية الرواية، فكان حاضراً معنا: شبعاد/ سرجون الأكدي (ملك الجهات الأربع)/ أنديرا غاندي/ بناظير بوتو/ تيريزا ماي( رئيسة حكومة بريطانيا)/ تريس كوتش( وزيرة بريطانية)/ الخيزران( شخصية تاريخية من العصر العباسي زوجة الخليفة المهدي)/ ديستوفسكي(أديب)/ شكسبير/ جلال الدين الرومي/ جبران خليل جبران/ موزارت/النحّات(لويس والش) / انشتاين/ أنّا حمزاتوف(شاعرة روسية)/ زبيدة(زوجة الخليفة هارون الرشيد/ بولا (ناشطة في كولومبيا)/ …

وهكذا تجد من خلال هذه اللائحة من الأسماء لتستشف التنوّع الثقافي والمكاني والأثيني، حيثُ وظّفت إشاراتهم وأقوالهم ونتاجهم بما يديم للنّص حراكه وتفاعله وتصاعده في البناء السردي والدرامي.وكم أخذتْ وقتاً في جمع هذا الكم الهائل من الشعر والنثر والحكمة والأمثال والأقوال وكم أخذت من جهد لتستقيم بصورتها الأخيرة في الرواية.

2/ الصندوق : يظلّ (الصندوق) الأكثر إثارةً في الرواية، لما يعنيه، وما هو لغزه، وكيف دخلَ الى غرفة (أزاهير/ الراوية)، وما تعنيه حركاته، ثم ما هي المعاني لمحتوياته، وما سرّ صوته، وما سرّ ما فيه، وحركة كل ما يحتويه، من جواهر وأسوار وحزام، وتيجان، وخواتم.. بل وترى في داخله نساء وحركة مجتمع كامل وأحاديث ….

3/ المرايا والجدران: من بداية الرواية وفي معظم صفحاتها تعجّ بذكر المرايا التي لا يخلو منها جدار في دار (أزاهير) ، المرايا التي تراها ليست مرايا أي بيت، مرايا ترى فيها عوالم ورؤى وأشكال وشخصيات لا مرئية بالعين، لكنها تتحرك في تلك المرايا وتتحدث معها، بل يكون للمرآةِ صوتٌ تسمعه، وتتحسس الهمس ورفيف جناح، وهفهفة فستان، ..المرايا تظل العيون والسارد لأهم الوقائع في الرواية وكأنها في السينما (الفلاش باك الذي يعتمده المخرج السينمي)، لون المرايا وانعكاسها، يُلازمها عطر البخور والعطور التي تستخدمها (أزاهير) وكأنك حاضرٌ في معبد أو في مكان مقدّس له طقوسه.

   أمّا الجدران الثلاثة التي تراها، ليست لوحدها بل ونسائها أيضا يرونها في حلمهم، في غرفةٍ كبيرةٍ، جدرانٌ ثلاثةٌ من الحديد، والجدار الأمامي زجاجي، من النوع السميك، وخارج الغرفة احتشد الكثير من الرّهبان والقساوسة والمعمّمون والحكّام، وملائكة بأجنحةٍ بيضاء، حشدٌ غريبٌ لا يتشابه( ص (213.. وهذا الحلم أكّدتْهُ وأفصحتْ عنه (خضرة)-(ص216).

 

الباب الرابع / ما بعد القراءة

الشاعرةُ/ الروائيةُ (أزاهير) أرادت بطريقةٍ ذكيةٍ ومبتكرة أن تستخدمَ أدواتها في بنية الرواية ومن خلال حوارات نسائها كانت تضع أوجه التشابه والمقارنة والخلاف بينها وبين الباقيات ، هي أسسّتْ مجتمعاً نسائياً، وجعلتْ من عالم الرجال العالم الذي لا يجلب للمرأة إلا التعاسة ، أرادت للمرأة أن تكون هي وليست ظلاً للرجل أياً كان( أب، زوج، أخ، حبيب..)، لأنها هي منْ تصنع السعادة، وهي التي تصنعُ من الرجال رجالاً في مواهبهم ،واختراعاتهم ، كما أشارت بذلك الى زوجة العالم (أنشتاين)، بل وحتى نساء في التاريخ مثل (الخيزران) و(زبيدة) ونساء ناشطات في دول عدّة، وهي هنا اعتمدتْ على مكتبتها وعلى ما قرأته في كتب سومرية، وكتب التراث، وما بحثت عنهُ في عالم الأنترنيت لتؤسس هذا العالم، لكن ماذا وراء كل هذا الكم الهائل من النساء ومن سرد الثقافات المتنوعة والمختلفة والمتشابهة لدى الشعوب؟ كان يقفُ وراء كلّ هذا هدفٌ رسمتْهُ الروائية لنا، كي تكتب لنا سيرتها الذاتية بأسلوب مختلف تماماً عمّا كتبهُ ما قبلها في أدب السيرة، فأنك ستقرأ عن حياتها في العراق، في البصرة، وعن أبيها وأمها وجدّتها، وأقاربها، وعن عادات وتقاليد شاركت بها واشتركت فيها، وعن مآسٍ وأحزان ونكبات، وعن عائلة، وعن رحلة العمر، بل وكي وصلت هي الى (لندن)، فكانت الصلوات صلواتها هي، وكانت الشاعرة هي، والروائية هي، والراويةُ هي..

   فهي الشاعرةُ السومريةُ التي وجدتْ ذاتها امتداداً لـ(إنهيدوانا)، ووجدتْ تشابها ومشتركات مع (شبعاد) (ص69-72) ، هي عصارةُ الألم عند المرأة في كل العالم مهما اختلفت الألوان والمعتقدات والثقافات واللغات، كانت المرايا هي ذات الشاعرة، لم تكن مرايا زئبقية ، بل مرايا الروح والعقل، وكان الصندوق هو بيتها، غرفتها، عالمها الذي تحياه، فهو موطن الأسرار، أمّا الجدران فهي الحواجز والسجون التي تحجبها عن العالم، هي الديني والسياسي والثقافي.

   روايةٌ تجعلك مشدوداً تبحثُ عن حلّ للغز، ومسألةٍ وسؤال، وتصلي كي تنهيها بخير وسلام. لكنها تفتحُ عليك جدران وتغلق عليك أضعافها في أسئلةٍ تبحثُ عن حلّ ومخرج( لماذا لا تتحققُ أحلامُنا؟/ هل نطرقُ أبواب الديانات التي خانتنا؟/ منْ المُذنب يا ترى؟/ أ ليسَ بمقدور الرّب منع الحيّة من دورها التحريضي؟/ الحياةُ التي أرادها الرّب لا تستوي إلا بتهمةِ الأنثى؟ …….؟؟؟؟….).

    وهكذا حين تقول: ( توقّعتُ أن الرجل الشرقي والعربي تحديداً يتّصفُ بازدواجية الشخصية لم أتوقعْ البريطاني مثله…- ص 67-). ( الرّجلُ هو الرّجلُ أينما كان، وبأيّة جنسية).. هكذا تُلخّصُ رسالتها . وهكذا نجدها أنها لم تخرج من العراق روحاً ولا قلباً ولا حتى جسداً، فجسدها يُصلبُ يومياً على برحي العراق. هكذا قرأتُها شاعرةً سومريةً بامتياز، ودعونا نقول الشاعرة السومرية وفاء عبد الرزاق التي حكتْ لنا حكايتها في عشر صلوات صلّينها معاً..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى