أولياء الأمور والسوشيال ميديا
محمـــود الحسيني ـ كاتب مصري
منذ بدء الخليقة كانت تربية الأبناء معضلة تستلزم الكثير من الفهم والجهد ولكنها أبدا لم تكن بالصعوبة البالغة كما هى فى هذا الجيل، فمع وجود هذا الكم الكبير من مواقع التواصل الاجتماعى، زادت النوافذ المصدرة للمعلومات، وكثر عدد الروافد المعرفية والثقافية والترفيهية، وأصبح لزاما على كل أب أو أم اليقظة الشديدة ومراقبة ما يتلقاه الأبناء من تلك الروافد، ومحاولة السيطرة على تلك المصادر المعرفية، حتى لا يقع أبناؤهم فريسة لتلك المعلومات التى قد تكون ضد الدين أو الوطن أو التقاليد والعرف.
ومع العلم بأن التكنولوجيا لها وجهان، الجيد والفاسد، فكذلك مواقع التواصل الاجتماعى، تمتلئ بكل ما هو غث وسمين، فيمكن أن تكون منجما زاخرا للمعرفة والتعلم، وتكوين الصداقات الجيدة ، ولكنها فى المقابل قد تكون قنابل موقوتة، يمكن أن تدمر كافة البناء التربوى الصحيح للأبناء.
والوالدان هنا يقعان فى إشكالية كبيرة، فهم من ناحية يريدون أن يرسخوا فى البناء التربوى لأبنائهم، الثقة بالنفس، والحرية، ليكون كل منهم قادرا على تحمل المسئولية دون خوف أو تردد أو اهتزاز نفسى، ومن ناحية أخرى عليهم التأكد من كل من أبنائهم مازال قابعا داخل مربع الدين والوطنية والتقاليد والعادات، لم يخترق السور أو يتسلقه جريا وراء ملذات أو مغريات خاطئة.
ولذا فعلى الوالدين فى مهمتهم الصعبة فى تربية أبنائهم، الموازنة الدقيقة بين إعطاء الحرية لهم ، والتعلم والتعرف على كل ما هو جديد، ليكونوا مسلحين بالعلوم والتكنولوجيا اللازمة، وفى نفس الوقت يجب عليهم أن يكونوا مراقبين جيدين بكل حسم وقوة لحسابات أبنائهم على مواقع التواصل، وأن يكون النقاش سلاحهم فى إقناع الأبناء بما هو مسموح وغير مسموح فى مواقع التواصل، وكيفية الاستفادة منها دون أن يكون ذلك على حساب الدين والقيم والأعراف