تكثيف وبنيات سردية متماسكة في قصص الليبية رحاب شنيب
د. صفاء النجار | صفاء النجار قاصة وكاتبة مصرية
سعدت لمشاركتي كناقدة في الملتقى الأول للإبداعات السردية في رحاب المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح/ الورشة الـ 16 والتي ضمت الشاعرة والقاصة الليبية رحاب شنيب والقاص التونسي ناصر الرقيق، الكاتب المغربي الحافظ الزبور والقاصة والناقدة التونسية لامعة المحمد والكاتبة والقاصة السعودية صباح فارسي، وكذلك القاصة التونسية عواطف محجوب، الاديب صبري يوسف، والشاعر هيثم المخللاتي بإدارة المخرج والفنان حميد عقبي وتركزت مداخلتي حول قصص رحاب شنيب وإليكم أهم ما خرجت به.
تعتمد القصة القصيرة كعمل فني على اختيار حدث ليتوزع انطلاقا من ذات القاص.يمتد أخذا من الواقع االجتماعي الإنساني أسلوبا للكتابة القصصية التي تمتاز بوحدة التركيبات الفنية ، فتدور القصة القصيرة حول فكرة أو مشهد أو حالة نفسية أو لمحة محددة من ملامح الحياة الجياشة، تعكس خبرة الكاتب وصلته الشديدة بالحياة وحقائقها وغرائبها أيضا.
وفي قصة ” خشخشة الحلوى” تختار الكاتبة رحاب شنيب لحظة شديدة التكثيف في حياة معظم النساء حيث تسجل القصة تجربة الولادة لسيدة شابة، تذهب للمستشفى وحيدة دون زوج أو أهل وهو مايبدو غير طبيعي أو مألوف في الحياة العادية ، لكن هذا الاختيار يجسد وحدة الساردة واغترابها الروحي والنفسي
استخدمت الكاتبة السرد بصوت لأنا لتوصل لنا تجربة إنسانية فريدة ، فعبرت من خلال هذا الصوت بدقة ورهافة عن كل مايعتمل نفس الساردة في هذه اللحظة العصيبة وتفاعلها وانفعالها مع مل مايحيط بها حتى ارتجافة ضوء المصباح “فدبتْ رعشته في جسدي الآيل للانهيار، شددتُ حقيبتي بصعوبةٍ وتوتر، خنقتني رائحة مطهر الفانيك؛ أحسستُ وكأنه تسرب إلى حلقي، ثمة مرارةٌ تضج في داخلي بينما ظلّ الألم على أهبة الاستعداد”
تميزت القصة ببنائها السردي المتماسك من خلال انتقالت متوالية على مستوى الحدث الرئيسي وهو عملية الولادة وقفزات متشظية في اللاوعي لاسترداد لحظات طمأنينة مفتقدة ، ومع اكتمال التجربة واشتداد الألم تتحول الذكريات من مصدر سلوى إلى مصدر ندم وتفقد معناها. ” صرخت وصرخت وصرخت و تذكرت صوتا واحدا عند سماع صراخ طفلتي، خشخشة غلاف الحلوى وتذكرت صديقتي حين قالت لي ذات يوم: في يوم صباحية عرسي؛ كنت أوزع الحلوى للأولاد وكم تمنيت لو أعبها في حقيبتي وأهرب.”
اتسم الزمن في القصة بزمن ظاهري خطى طولي ، وزمن داخلي يتقافز بين لحظات حيرة وعلاقة فاترة مع شقيقة مرت بالتجربة نفسها ولحظات بهجة ومرح وسط اللعب مع الأصدقاء وتناول الحلوى.. امتزج في البناء السردي عدة أساليب سردية هي: – الوصف ” يوجد في الغرفة أربعة أسرة، واحد شاغر، والاثنان الآخران المقابلان بهما أيضا امرأتان على وشك الولادة مثلي، ” والحوار ” قلت لها: حاجة غريبة، لزجة، ميه ميه، فقالت بصوت يشبه صرير الأبواب: عادي عادي”.
وجاءت النهاية مؤكدة للحالة الوحدة والمرارة التي تعاني منها السيدة الشابة على المستويين الظاهري والباطنى، وتميز النص القصص بتماسكه وسرعة ايقاعه فجاء في صورة مقاطع فنية متوالية ومترابطة تتفاعل و تمتزج مع بعضها البعض للتعبير وحالة وجدانية مشحونة بالعاطفة. وهو مانجحت فيه الكاتبة : رحاب شنيب في قصتها “خشخشة ورق الحلوى”