وجهًـــا لوجــه
ياسمين كنعان | فلسطين
كلما تأملت جدارية الحنين وتلمست خطوتها على وجهي ويدي، وكلما تعمقت في الألوان ونتف الحكاية استرجعت وجهك وصوتك، واسترجعت أصابعك التي كانت تبعثر شعري.
كنت تتأمل وجهي بصمت راهب، وكنت أجتهد كي أخرجك من صومعتك، أحضن وجهك بكفيّ وأحاول أن أبدد نظرة الخوف. أسألك أسئلة عابثة كي أستردك من ذهولك.
مرة سألتك ..على أي شيء تخاف؟! تأملتني طويلا، كنت تحاول خنق الخوف بجملة واحدة “عليكِ منكِ” قلتها بنبرة حزينة مرتعشة، ولم أسألك لم ولا كيف، هربت من عيني وأدرت وجهك صوب الحائط وقلتها بنبرة خافتة هذه المرة “عليك منك يا حمقاء..كأن تأخذك اللهفة إلى مدارات المغامرة؛ فراشة تهوى التحليق؛ كأن يُخمد الواقع رفرفة الأجنة..كل حب احتراق يا بنت “! وسكت، ولا أعرف كيف ولماذا قلت ذلك وهل كنتُ أخاف الاحتراق فعلا؟!
كم مرة قلت لك ، ليكن ..ليأخذني الحب إلى أقصى درجات الانجماد أو الاحتراق لا فرق!
لا فرق بين الاحتراق بالثلج والاحتراق بالنار، وأنا منذ عرفتك صرت امرأة محروقة الأصابع! وكنت تعرف أني امرأة متهورة ، كنت تعرف أني محكومة بالقلب ..لا عقل عندي!
كم مرة قلت لك وما جدواه ولم علي أن أحكم عقلي..وكنا نختلف ، تنسحب رويدا رويدا من المشهد، تلملم أصابعك من شعري تتركني ككل مرة بقبلة تمنحها للأثير وتمضي!
واليوم أنا هنا وجها لوجه أمام نفسي وليس على الأصابع إلا عزف الحنين ، وليس في المرآة سوى وجهك..وكلما تحسست صدري ارتطمت أصابعي باللاشيء وكأنك ما تركت إلا الخواء !