رؤية نقدية في المجموعة  القصصية ” عرائس السكر ” للكاتبة زيزيت سالم

د. فاطمة الزهراء جمال | مدرس اللغات الشرقية آداب حلوان

     “عرائس السكر” مجموعة قصصية للكاتبة والشاعرة زيزيت سالم ، وهى مكونة من 27 قصة قصيرة، استطاعت الكاتبة من خلالها الاقتراب من عالم الواقع والخيال بأسلوب شعرى منمق ، فيتجلى ذلك من خلال مجموعة من الفضاءات المختلفة التى تمثلت فى عالم الأحلام ، أو ربما كانت جزء من الحكايات الشعبية أو المواقف اليومية .

     كان الحضور النسوى طاغيا فى مجموعة عرائس السكر ، وقد حرصت الكاتبة على الخروج من دائرة الجسد، التى ربما كان يتخذها البعض موضوعا رئيسيا، خاصة عند التعبير عن المرأة ومشاعرها ، وهذا ما يُحمد للكاتبة ، إذ استطاعت ببراعة أن تعبر عن مشاعر الأنثى فى مواقف متعددة ، سواء كانت مواقف الحياة اليومية أو مواقف من نسج خيال الكاتبة، وقد اعتمدت كثير من قصص المجموعة على النهاية المفتوحة ، فلا تحسم الكاتبة مصائر شخصياتها بل تترك دائما إرهاصات أمام المتلقى وذلك بغرض فتح أفق التأويل وإثارة خياله .

      من ناحية أخرى تتجلى فى قصص المجموعة الرؤية الفلسفية للكاتبة تجاه الحياة والموت، ويمكن القول أن المجموعة القصصية ” عرائس السكر” تحتاج إلى قراءة متأنية ، مركزة على روح النص الذى رغم وضوح تفاصيل أحداثه وملامحه ، إلا أنه يبدو كقطع من الفسيفساء تكمل بعضها البعض، وأشير فى هذا الصدد إلى إحساس الخوف من الفقد، فقد الحبيب، فهذا الاحساس كان مهيمنا على الشخصيات النسائية فى قصص المجموعة ، ونرى هذا فى قصص مثل مانوليا، الوعد، مواسم الدمع ، فيلفت النظر وجود رابط بين هذه القصص، ألا وهو  محاولة التمسك بالأمل فى محاولة من الشخصيات النسائية للخروج من فخ الحزن، فنرى ما فعلته بطلة قصة ” الوعد” عندما تمسكت بمقولة جدتها ” أن الروح التى تغادر الحياة فجأة، قد تهيم على وجهها حتى تسكن حوصلة الطير الذى يلائمها لتلاحق وليفها أينما ذهب” فيملأ اليقين كيانها بأن ذلك الطائر يمثل حبيبها الذى وعدها بثقة ألا يفارقها أبدا، وأنها ستجده بجوارها أينما كانت، وفى قصة “مواسم الدمع” يبدو صخب الحوار بين شخصية المرأة والرجل، معلنا عن إحساس الخوف لدى الشخصية من تخلى حبيبها عنها، فالقصة عبارة عن مشهد حوارى يستغرق القصة بأكملها ، ويفصح عن القلق الذى يعترى شخصية البطلة والذى يتصاعد إلى حد تكرار الموقف على هيئة كابوس يراودها كل ليلة ويتآكلها من الداخل، ولا يسيطر على هذا القلق سوى استيقاظها على صوت حبيبها الذى يطمئنها معلنا لها أنه سيظل بجوارها ولن يتخلى عنها أبدا، ومن قصص المجموعة المميزة كذلك ، قصة ” كش ملك ” حيث استدعت فيها الكاتبة قطع الشطرنج برقعته السوداء والبيضاء إلى أفق الخيال، ناسجة قصة عشق رمزية بين الحصان ” الأدهم” والمهرة البيضاء الناصعة .

      خلاصة الأمر ومن خلال استنطاق نصوص المجموعة القصصية “عرائس السكر” يمكننى الاحساس بلذة القراءة ومتعتها والتى ربما افتقدتها منذ فترة خلال خضم الحياة والعمل حيث يجد القارىء أن قصص المجموعة تأخذه إلى عالم يبحث فيه عن انعكاسات نفسه أو انعكاسات لما حوله .

يمكن القول إن تلك المجموعة تحمل فى كثير من أحداثها ومواقف شخصياتها انعكاس لكثير من التغيرات التى طرأت على مجتمعنا فى أقسى حالاته وأرقها .. “عرائس السكر ” خطوة كبيرة فى مسيرة كاتبة وروائية مصرية جادة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى