وأي بحورِ الشعرِ يسطِعن حُزْنَهُ
طارق المأمون محمد | السودان
ألا مِقَةٌ بالشعرِ في الحُزنِ كوْنُهُ
و أي بحورِ الشعرِ يسطِعن حُزْنَهُ
///
طواعيةُ الأوزانِ أوعَرنَ مسلكاً
فبتن عسارَ الوصلِ يُخفينَ وزْنَهُ
///
نأيْنَ بأحزانِ الحروفِ كأنما
أبَيْنَ عليها حُزنَهُ إذْ رهِبْنَهُ
///
و قدْ كَثُرَ الأمواتُ و الشعرُ واجِمٌ
يحارُ على أيٍ و كلٌّ وجَبْنَهُ
///
فمَنْ حَسبَ القُربى فَموتَى تناسَلُوا
كما كان نَسْلُ الناسِ في الحَيِّ عَجْنَهُ
///
و مَنْ قَصدَ الصُحبَى فأرتالُ جَحفَلٍ
تَراءتْ لهُ الأرماسُ حِصناٍ يَلِجْنَهُ
///
و مَنْ قَصَرَ المجّادَ ما ظَلَ مَاجدٌ
يَجِدُّ الى مَجْدٍ جَدَا ما فَقَدْنَهُ
///
بألْبِسَةٍ شَتّى قَضَى أمرَهُ بِهمْ
فأوزانُهُ حَيرَى لَدَى مَنْ عَذرْنَهُ
///
وَ كُنتُ إذا آهٍ حَلتْ في مَقالِها
على ثِقَةٍ بِالشعرِ أجْرَيْتُ عَيْنَهُ
///
وكنتُ إذا ما شِدتُ للموتِ صَرْحَهُ
تَشَهَّى أخُو اللذاتِ باِلعُجبِ حَيْنَهُ
///
بكى قبْلَهُ الباكونَ بالحرفِ أنفساً
و رَجَّعَتِ الأوزانُ بالحُزنِ زَيْنَهَ
///
فواعَجَبَاً للشعْرِ إذْ طاشَ سَعْيهُ
كأنّ مماتَ الشيخِ أوراهُ مَيْنَهُ
///
أنبت صرير الشعر في الطِرسِ عَبرَةً
تُسدَّدُ بالآمـاقِ للجُـرحِ دَيْـنـَهُ
///
فمعذرةُ الأوزانِ إذ بانَ عَجزُها
فسادِرَةُ الآلامِ قدْ حُلنَ دُونَهُ
///
أنَبتُ أنينَ الحَرفِ يا خالُ عَبرتي
تَزيدُ أنينَ الحُزنِ في القلبِ أنَّهُ
///
أخا الشمس دأب الشمس نأيٌ و أوبةٌ
فمالك تأبى ما ارتضى الخَلقُ سَنَّهُ
///
نأيتَ كما ما كنتَ ترضاه للذي
على جملِ الأعذارِ قد حَطّ ظَعنَهُ
///
أمِنتَ جِوارَ اللهِ لكنْ تَركتَهمْ
بغيرِ جوارٍ مَدّ في الخَلقِ أمْنَهُ
///
يِسوسُهُمُ ظِلٌّ على أمرِ فيلِهِ
ولْوْ وَجدُوا فيلاً لَأشفَوْهُ طَعْنَهُ
///
ألستَ ترى سيفَ الهَوَى بات مُسلَطاً
و أنَّ سفيهَ الناسِ قَد مَدَّ ذِقنَهُ
///
و أنَّ سَمينَ الرأيِ قد بارَ سُوقُهُ
و أنَّ سَقيمِ الرأيِ قد باعَ سمنَهُ
///
ظنناك لا تمنعك عن غايةٍ يدٌ
تخيِّبُ أيدي الموتِ إن جاءَ ظَنَّهُ
///
عرفتَ مقامَ المجدِ في الأرضِ دَربَهُ
و ليس مقامُ المجدِ في الأرضِ قَنَّهُ
///
فكم وارثٍ مَجدا كَبا فيهِ ذِكْرُهُ
و كمْ عاطلٍ ذِكرا أرَى المجدَ فَنَّهُ
///
وما مركِبٌ كالصدقِ هُوجٌ بِحارُها
ولا شاحِذٌ كالحقِ إنْ جَدَّ سَنّهُ
///
و ما عَبْرةٌ في الحَلقِ مُرٌ مَذاقُها
كما عَبرَةُ الباكين سَيفاً وَ طَنَّهُ
///
فمَنْ مِثلَهُ يبكيهِ خَلقٌ و سَمتُهُمْ
فذا الصِّدقُ والعَبَراتُ في الحُسنِ زِدْنَهُ
///
تَرىَ الهِمّةَ البلقاءَ قد شَدَّ عَزمُها
تَزيدُ بِما تَروي على الحُزنِ حُزنَهُ
///
على تَلَّةِ الإقدامِ تُلقاهُ مُخْبِتاً
يشُمُّ تُراباً ضَمَّ كالأم دَرنَه
///
وكَمْ عبرةٍ للصَبرِ تَخشاهُ قَدْ ذَوَتْ
فلما جثا الإخلاصُ يبكيهِ خُنَّهُ