نحو أساس لمشروع ثقافى وحضارى
خالد طالبى | كاتب سعودي
لكل أمة تراث وتاريخ وثقافة وقيم وحضارة متراكمة عبر الزمن تمثل هويتها وتحقق ذاتها من خلالها .. وكل أمة تسعي بمختلف الوسائل للحفاظ على هذه الهوية.. فالهوية هى مصدر العزة والكرامة للأمة.. (من كان يريد العزة فالعزة لله جميعا) فهى تربط بين أبنائها برباط وثيق من الأخوة والمحبة.. وثقافة الأمة هي عملها الذي تتوارثه أجيالها عبر السنين.. أي طريقتها في الحياة عموما، يبدو ذلك في في ذلك الشكل المعماري لمبانيها وطرقها، وغيرها من كافة أساليب الحياة.
والثقافة بالتحديد هي أهم ما يميز آي شعب.. ومن حق أي شعب أن يتمسك بكيانه وهويته ويحافظ على قيمه وتقاليد وجذوره التي ينتمي إليها وتثبته علي أرض صلبه.
والواقع يعتبر هو المكون الأساسي للثقافة.. ومستقبل الثقافة يحدده الواقع فهي إذن علاقة تبادلية يدل كل عنصر منهما علي الآخر.. فكيف لنا أن نصنع إنسانا حديثا وثقافة حديثة كيف لنا ونحن نغيب هويتنا الملكية عن واقعنا فنحن لا نحرص على إظهار القيم الملكية السامية في مبانينا.. إن زرع القيم الجمالية الملكية داخل بنية المجتمع يتم من خلال إنشاء الابنية ذات الطابع الملكي من شأنه أن يرفع من مستوى ثقافة الافراد ومن مستوى وعيهم ويرفع من مستوى القيم الاخلاقية.
إن تعزيز القيم الوطنية هو الطريق المؤدي إلي قيام مجتمع حديث مجتمع ينشأ على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متينه وقوية تستمد قوتها من قيمها
لقد آن الاوان أن نتحدث عن حاجة الانسان السعودي لمشروع ثقافي ينبع من قيمه وهويته المملكة العربية السعودية.. وأن نتحدث عن رغبة الإنسان السعودي في الذوبان في مملكته واتحاده مع مليكة ونظامة السياسي العريق، فمشروع الحداثة في الماضي لم ينطلق من فكرة التقدم ولم يتضمن رؤية جديدة لمستقبل الإنسان السعودي.. رؤيه قائمة على العقل والفكر العلمي على العمل والفكر العملي .. الآن لدينا المتخصصين في العمارة لكننا نكاد نفقد هويتنا وفقدنا الرغبة في التفكير في هذه الهوية.
وكما قالت الكاتبة السعودية جواهر الشهراني فاننا نشهد اليوم تحولا نحو الأبنية المشتركة بكل ما تعنيه من تخفيض في التكاليف وهذا يلعب دورا اخر مؤثر جعل كثيرين يميلون الي استنساخ وتكرار الاعمال المعمارية توفيرا للمال.
مطلوب أن نعيد اكتشاف هويتنا من جديد ونتبناها كميثاق وطني معماري نلتزم به جميعاً. نحن نحتاج إلى هذا «الميثاق» اليوم قبل الغد، وطالما نحن بحمد الله نعيش في ظل حكومة رشيدة وواعية وحكيمة تحمل رؤيه سامية، فنحن نثق إن شاء الله أن هذه الحكومة ستمنحنا هذا الأساس وتدعم هذا الرقي وستصل بنا إلي ذلك المجتمع الأسمى الذى نتمناه نحن وكل إنسان..
إننا نتطلع الي المحافظة على كيان الوطن ونتطلع الي بيئه تخلق الإنسان الصالح المنتج المبدع المتحد مع وطنه والمعتز بقيم بلاده، فالمفاهيم الغربية للعمارة غزت المدن بمبانيها العالية وتلاشت او تقلصت الخصوصية الذاتية في حياتنا .. نحن نتطلع إلي الانتقال الي حالة حراك وإبداع ثقافي .
من هذا المنطلق نرى ضرورة إعادة النظر في مؤسساتنا الثقافية نرى ضرورة دمج الأندية الأدبية بجمعيات الثقافة والفنون دمجها في مؤسسة واحدة ومنشأة واحدة تسمى النادي الملكي الثقافي ونرى ضرورة أن تقوم وزارة الثقافة ببناء منشأة لهذا النادي في جميع مناطق المملكة تبنى هذه المنشآت بمعمار ملكي رفيع أي الطراز الرفيع من الهندسة المعمارية حيث تعمر فيها المسارح الملكية والصالات الملكية
كما إنه يجب على الوزارة أن تقوم ببناء مكتبة كبيرة في كل مدينة تكون مرجعا للفكر والأدب والثقافة.. وأن يتم بناء هذه المكتبات بمعمار ملكي رفيع المستوى، فأشكال العمران تكسب الإنسان قيما جمالية وقيما ثقافية هي ضرورة للإنسان مثلها مثل قيم الحق والخير.
طالما أننا نحن شعب المملكة العربية السعودية من الشعوب الملكية فمن الضروري أن تكون القيم الملكية حاضرة في حياتنا لتكسبنا الارتقاء والسمو.. إننا نتطلع الي مجتمع ملكي يخرج الناس فيه من انتماءاتهم الضيقة الي الانتماء للمليك والأرض والوطن.
من خلال هذه السطور نطلق دعوتنا الى الشعب السعودي لتبني مشروع ثقافي ضخم يلتف حوله الشعب وبإدارة حكيمة وإرادة سامية وان تتم ترجمة هذا المشروع على أرض الواقع.. فنحن نتوق إلي بناء قاعدة تتوحد حولها الثقافات فإن رفعتنا في اتحادنا.
مشروع ثقافي يعيد الهوية المعمارية للمملكة.. مشروع يستنطق الانسان والأرض ويصنع مجتمع المعرفة والانتاج مشروع يخلق حالة من الاتحاد الحقيقي يبدأ بأساس وللأساس أربع أعمدة الإنسان، الإرادة العامة، المعرفة والعلم وهذه هى القاعدة التي نسميها الأساس لبناء المجتمع الأسمى والأرقى الذى ننشده جميعا.
الي مقام سيدي خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان وولي عهده حفظهم الله لتبني هذا المشروع.