أحمد سرور..  قائد  ميداني ودينامو العمل الشعبي والجماهيري  والمؤسساتي

محمد زحايكة | القدس العربية المحتلة – فلسطين

كانت بداية تعرف الصاحب على أحمد سرور أبو ماهر الناشط على مستويات عدة  عندما كان اسمه يتردد كثيرا في المجالس والتجمعات في مؤسسات القدس عامة ومؤسسات جبل المكبر مسقط رأسه خاصة.. وكانت طبيعة الأحاديث الدائرة حوله عادة تصفه بأنه داهية ومحنك وصاحب مكر ودهاء سياسي ويمتلك ذكاء حادا في إدارة  الخلافات والخصومات وتجنب المطبات والورطات.. وكان يشهد له الجميع حتى من بعض المناوئين له بالكفاءة والإخلاص والتطوع من وقته وجهده  لخدمة المصلحة العامة وفي سبيل تطوير بلدته في شتى المناحي دون التمنن أو  التشاوف، فنادرا ما كان يعلن عن ما يحقق من إنجازات بشكل فردي او جماعي، بل يترك الأشياء والمنجزات تتحدث عن نفسها.

وعندما بدأ الصاحب يختلط بهذه الشخصية المعروفة وذات العلاقات الواسعة، حيث تمكن سرور  من إرساء  شبكة علاقات متشعبة  وهو يتنقل من مكان إلى آخر على مساحة الوطن كله لتوثيق أواصر التعاون في المجالات التي يرعاها وخاصة المشهد الرياضي والصحي والتعليمي   عندها أدرك الصاحب سر سحر هذه الشخصية الديناميكية التي تتحرك في شتى الاتجاهات وتضرب الحديد وهو حامي كما يقال ولا تحب سياسة التسويف أو التأجيل،  فخير البر  عاجله.  وبحكم عمل الصاحب في الصحافة والإعلام  لاحظ شعبية أبو ماهر سرور الممتدة وكونه شخصية معروفة ومقبولة على الجميع لما يتمتع به من رجاحة عقل وتفكير عميق إذا ما عرضت عليه قضية من القضايا للبت فيها أو إعطاء رأي موضوعي بعيدا عن التشنج والعصبوية المقيتة.

ومن المشاهد التي ما زالت مخترنة في ذاكرة الصاحب منذ أكثر من 30 سنة ربما أو أكثر، هي حضورنا استقبال جاهة من قبل  حبايبنا العبيدية المقيمين  في المكبر  نتيجة شجار  مؤسف وقع مع  فرد أو افراد  من أل سرور الكرام. ولدى بدء مراسم الجاهة قام أحمد سرور بتقديم عمه الأكبر المرحوم ابو هاشم للكلام حسب الأصول والعوايد، ولكن نظرا  لعمره وصحته  الواهنة، فقد أفسح المجال لابن أخيه أبو ماهر  للترحيب بالجاهة وعرض حيثيات المشكل وهو ما  قام به على أكمل وجه حيث سرد حيثيات القضية ببلاغة متناهية وتوصيف دقيق ومكين بأسلوب فيه من الحزم والوضوح وإدانة المعتدي مع تقرير العفو والصفح ليس عن ضعف وإنما  من باب الترفع عن الصغائر وحفاظا على السلم الأهلي والمجتمعي في ظل وجود احتلال يتحين الفرص لضرب وتفكيك النسيج المجتمعي والوطني الفلسطييني.

وفور انتهاء مراسم الجاهة بالصلح، والصلح خير، سمع الصاحب بعض الوجوه العشائرية الساحورية  يتهامسون فيما بينهم ويقولون إن هذا  ” الولد ”  نظرا لصغر سنه وقتها، سيكون له شانا عظيما  في مجال الإصلاح بين الناس، وهو تعبير عشائري يدل على أن أولاد المجالس قد غلبوا أولاد المدارس.

من الصعب جدا رصد مسيرة أبو ماهر سرور القائد الجماهيري والرياضي والصحي والتعليمي الحافلة والغنية بالمنجزات كونه رئيس رابطة أندية القدس لسنوات طويلة ومديرا للمركز الصحي العربي وما زال إلى جانب عضويته الشرفية والفخرية في مؤسسات عديدة، في عجالة كهذه أو ومضة سريعة، فهو شكل لوحده كتيبة تقاتل على عدة جبهات دون كلل أو ملل وتكاد لا تخفي عليه خافية، حيث تشعر أن أسرار البلد وخفاياها في جعبته رغم أن أسلوب عمله هادئ ويتم في صمت بعيدا عن الصخب والضجيج. ويحسب لأبي ماهر أنه جلب الصاحب ذات سنة ليكون عضوا في لجنة أولياء الأمور في مدارس جبل المكبر  والسواحرة.  فقد كان يؤمن بافساح المجال أمام الآخرين للمشاركة في خدمة بلدتهم وفق إمكانياتهم وخبراتهم ولا يستثني أحدا وطنيا أو عشائريا بعكس ادعاء البعض بأنه كان متفردا في أخذ القرارات، فالبلد ومؤسساتها للجميع.. وعلى رأي المثل: أطلقتك يا صقري.

من يتعرف على أبي ماهر سرور عن قرب، يكتشف صفات إنسانية غاية في الروعة تتجمع في انسان دمث الخلق، خدوم إلى أقصى وأبعد الدرجات، ويخدم الصغير قبل الكبير بابتسامة ترتسم على ملامحه السمراء. إنسان يعرف حدوده جيدا، إذا وعدك  بشيء لا يمكن أن يتخلى عنك ويبذل أقسى طاقته لمساعدتك ولن يبيعك شعارات ووعود فارغة. وهو إنسان اجتماعي وصاحب واجب  لا يتكبر على الآخرين ويتعامل مع الجميع مثل أخ كبير ولا يميز  فيما يقدمه من خدمات  بين أبناء بلده أو مدينته ويحافظ على مسافة واحدة مع الجميع.

قبل زمن الكورونا بقليل، استشار الصاحب ابو ماهر الأصيل  حول تشكيل جمعية تعنى بالتراث البدوي والريفي في منطقة القدس، وكان الصاحب يظن أن أبو ماهر سوف يكون متحفظا  وغير متعاون، ولكنه فوجئ به يبارك هذه المبادرة بل  ويحثه على العمل والإنجاز ويمنحه مباركة  وثقة غالية يتشرف بها الصاحب. وهذه الخصلة من صفات الإنسان القيادي الكبير الذي لا يضع العصي في الدواليب؛ بل يمنح الثقة لمن يلمس فيهم حب العمل والإنجاز كل في مجاله، فالقدس أكبر من الجميع.

أحمد سرور على مدار ما يقرب  من خمسة عقود من العمل المثابر والجاد،  شكل نموذجا راقيا للقائد الشبابي والمؤسساتي الذي يجسد قدوة حسنة للعمل العام وخدمة المجتمع بصمت وهدوء يثير كل معاني الاحترام والتقدير.  ألف تحية لهذا القائد الشعبي المعطاء ودام حسه ودام عطاؤه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى