الحكمة تشيد أعمدتها

خالد طالبي | كاتب سعودي

(1)
«ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا».. نحن تلاميذ الحكمة.. فالحكمة هى العلم والمعرفة والبحث الدءوب عن الحقيقة.. هى نفاذ البصيرة وتوقدها.. ويقظة الوعي.. هى التفكير الهادئ .. بها تسمو النفس وترتقي وتتهذب.
الحكمة هى خلاصة حياة.. هى ينبوع ينهل منه الحكيم والناس، فهو أي ــ الحكيم ــ يدرك ماذا يريد، ويعرف قدر نفسه، فلا يتعالى على الآخرين ومهما بلغ من المعرفة فإنه يتعطش إلى المزيد.
«الحكيم» هو ذلك الذي يستمع إلى الحكمة فيزداد علما.. الحكيم سيداً عند العدالة.. فطين عند العمل.. صبور عند الأزمات.. متسامح في مواقفه.. يحق الحق ويحب الناس .. وهو يلتحف بالنور.. وبالنور يصافح الناس ويتعامل معهم… الحكيم هو ذلك الشخص الذى يقف قلبه خلف عقله حتي ينبض قلبه بما في عقله جامعا بين الحكمة والقوة وبين الطيبة والرحمة.. يمعن في خطواته.. يمرر ما يسمع على مصفاة التدقيق والنقد.

(2)
«الحكمة» ليست يتيمة فإن لها أب هو الحكيم الذى يرعاها ويجعلها تحلق قرب النجوم مثل الأقمار في السماء .. فالنجوم تموت واقفة مخلفة ورائها ثقب أسود هو سر من أسرار الكون.. لكن الحكمة لاتموت أبدًا.. فالأجيال ترددها عبر الزمن..
وإن كانت الحكمة فى خصام مع البيئة فهذا لأن البيئة أبت أن تكشف وجهها للحكمة فالحكمة عاشقة ومعشوقتها الحقيقة والمعرفة والإنسان والأرض، والحكيم قد يتوحد وتتوحد حكمته معه كمثل رجل ترك المدينة وصنع كوخاً عند الوادي وستبدل حديث الانسان بحديث الأرض.

(3)
الحكمة تبحث عن الحقيقة ولا تتسلق بل تتعمق في البحث فيها كبرياء العقل وتواضع العقل والحكيم لا يظل الطريق وإن ظل يعود ولا يركب القطار الخطأ وإن ركب يعود محمل هو بالإرادة وروح الكفاح فهو يناضل كي يصل إلى الحقائق والحكيم يمكن أن يكون حكيماً في بعض المواقف وغير حكيم في مواقف أخرى، وقد يقف في أول الصفوف، وقد يقف في آخر الصفوف حلمه معه يقف وقوف الخاشعين.

(4)
الحكمة تلامس أناشيد السلام عند الفجر وعند الفجر تستنطق الأحصنة كي تحرث الأرض، وبعد أن تحرث الأرض تترك السيل يمضي في طريقه إلى التراب الأحمر.
«الحكيم» إذا غرس شجرة وقف يراقبها وهي تكبر وتنمو وأغصانها تتمدد وترتفع، وإذا لم ير أحد يستظل تحت أغصانها وأوراقها انتابه الحزن لأن «الحكمة مسالكها سلام وهى شجرة حياة لممسكيها».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى