الإجرام.. قصة قصيرة
أ.د. مصطفى عارف | أكاديمي وناقد وقاص – العراق
توقفت السيارة وسط صحراء موغلة بالقدم, وأصوات رياح عالية تطلق أصواتا مخيفة ترن في مسمعنا, أجواء ,صاغبه فتحت باب السيارة بهدوء صدمتني ذرات الرمل الحمراء, تتطاير, وتتراقص مع الرياح ,وكأنها تقدم التحية إلينا , دخل الرعب إلى قلوبنا , كانت معنا امرأة ,وطفلين تجلس في المقعد الخلفي من السيارة التي تقلنا من الرمادي إلى مدينة البصرة , وشيخ كبير السن غارقا بنومه بدأت الشمس بالمغيب, وامتزجت الألوان الذهبية لأشعة الشمس الباسمة تخفت تدريجيا, حاول السائق عمر أن يصلح السيارة إلا انه لم يفلح, الجو حار جدا المياه نفذ ت منا, وظهرت علامات الخوف, والوجل بوجه السيدة غصون التي تعمل موظفة في ميناء أم قصر, خيم الظلام وسمعنا أصوات حيوانات مفترسة , تقترب منا, يا الهي ماذا نصنع؟ ليل مظلم , صحراء واسعة , أصوات مختلفة , شعرنا بالرعب-: قال عمر علينا أن نغلق أبواب السيارة بقوة, وننتظر تأتي سيارة تمر من هنا أو شاحنة من هناك المكان بعيد عن المدينة, قاطعته -: غصون أين نحن؟ وفي أي منطقة-: أجابها عمر في الحقيقة أنا سلكت طريقا خطئا, ودخلت صحراء الرمادي-: أصابها الذعر ماذا تقول إذن سنهلك جميعا , وبدأت توول , وتبكي.
حليب الطفل سرمد تلاشى, لم يبق منه إلا القليل , لا يوجد طعام عندنا ,ومند ساعات ونحن على هذه الحال.
استيقظ مرعوبا الشيخ عمران من نومه العميق بعد سماعه بكاء الأطفال من الجوع والعطش, مسح عن جبينه بقطعة قماش يضعها في جيبه, كان جالسا بقرب الطفلين قرأ سورة من القران الكريم توقفت جميع الأصوات خاشعة لله , ترجل من السيارة, توجه إلى القبلة تيمم ,وصلى سجد طويلا يناجي ربه , التفت لي-: قال بني لا تيأس الأمل بالله كبير.
لمحنا من بعيد نور ضعيف-: قال عمر بفرح غامر شاحنة كبيرة تقترب منا وصلت فيها عدة أشخاص يرتدون الملابس السوداء, أحاطوا بنا من كل جانب يحملون أسلحة حديثة لم نرها من قبل, ولم نفهم لهجتهم , قام كبيرهم صاحب اللحية الكبيرة , والخاتم الفضي البراق بنحر الشيخ عمران , بسكين حادة كان يحملها حتى تدفق دم الشيخ الطاهر على الأرض-: خاطبته قائلا إلا تخشى الله, ما ذنب هذا الشيخ يقتل؟ ما أقسى قلوبكم ؟ اومه إلى جماعته بقتلنا جميعا , ثم وضعت غصون, وطفليها خلفي, وتقدم عمر أمامي للدفاع عن المرأة العراقية الأصلية, التي لم نعرفها لكنها النخوة العربية زرعت فينا
اخترقت أطلاقة نارية من مجرم يحمل قناصا رأس عمر فتفجر, وضربني احدهم على جبهتي بسيف كان يخفيه خلفه , انهارت قواي حاولت النهوض لم أتمكن .
هربت غصون نحو الجهة اليمنى تحمل طفلها الرضيع, وتمسك ابنتها التي أرعبت من الموقف الوحشي, وهي لا تسطيع الحركة, والمشي من الخوف هجم عليها مجموعة من اللصوص ,وقطاع الطرق إذ تم الاعتداء عليها, ونحر طفليها البريئين, وهي ترفرف نحو السماء من الألم , طعنت بسكين سال دمها , وامتزجت دماؤهم الطاهرة مع تربة الوطن0