شاهد.. لقاء حول التحدّيات التي تواجهها الصحافة الثقافية لمنصة”كلية الآداب الدولية” بالمستنصريّة

د. سعد محمد التميمي | منصة الجامعة المستنصرية

لمشاهدة ومتابعة القضية ادخل الرابط أدناه

https://us02web.zoom.us/rec/share/3z7dlgq4sIAfPIb7K1pRDNheAEqGoKfbkVoLsjWokLtuUQfrkky2HdMSOAHYPeOu.exhe_BQTDKns-c4d

الشاعر، والكاتب عبد الرزّاق الربيعي ” إنّ الصحافة الثقافيّة تواجه اليوم تحدّيات كبيرة، مع الضائقة الإقتصاديّة التي يمرّ بها عالمنا اليوم، والتحولات، والقفزات التكنولوجية، وتراجع الأنشطة الأدبيّة، لأن الصحافة الثقافيّة تنتعش بانتعاشها، كذلك أثّر توقّف الدعم الحكومي في الكثير من مناطقنا على الصحافة الثقافية، وشحوب المشهد الثقافي، وتراجع المبيعات، التي ادّت إلى تعثّر الصحف، والمجلات الورقية،
وتوقّف بعضها عن الصدور، وتوقّف الملاحق الأدبيّة، مما دعا الكثيرين للنشر الإلكتروني، توفيرا لتكاليف الطباعة، وتبعات ذلك من ظهور طبقة من الكتّاب لا يراعون أبسط مقوّمات الكتابة التي ينشرها أصحابها عبر الصفحات الشخصيّة في مواقع التواصل الاجتماعي حيث لا حسيب، ولا رقيب”.


جاء ذلك خلال استضافة منصة كلية الآداب الدولية بالجامعة المستنصرية للربيعي الذي يعمل منذ سنوات طويلة في الصحافة الثقافية، في بغداد، وعمّان، وصنعاء، ومسقط.


وفي بداية الجلسة رحّب أد.عبد الباقي بدر ناصر عميد كلية الآداب بالربيعي، في هذه المنصّة التي سبق لها أن استضافت نخبة من الاكاديميين، والادباء من أبرزهم: نعوم تشومسكي أستاذ اللسانيات الأمريكي، وفرانسيس فوكوياما، صاحب كتاب” نهاية التاريخ”، ود.عبدالله الغذّامي، ود.محسن الموسوي، ود.محسن الرملي، ود.جبار خماط حسن، ونجم والي، والمثير من المبدعين العراقيين، والعرب.
وبعد أن شكر الربيعي ا.د.عبد الباقي بدر ناصر، و الأستاذ مهند عاصي مدير المنصة، ود. ماجدة هاتو المنظّمة لاجلسة، والمتابعين، عبّر عن أسفه لتوقّف مجلة لها دور كبير في بروز الكثير من الإتجاهات الحداثية في الإبداع العربي كمجلة (الآداب) التي تأسّست عام ١٩٥٣، و(الناقد)، و(دبي الثقافية)، وسواها من المجلّات التي أثرت الساحة الثقافية على مدى عقود، ومع ذلك هناك مجلّات ثقافيّة تحاول الصمود لأداء رسالتها الثقافية، بدعم مؤسّساتي، كمجّلة (نزوى) التي يرأس تحريرها الشاعر سيف الرحبي، و(العربي)، و(الأقلام) التي ترأس تحريرها عدد من الشعراء كان آخرهم د. عارف الساعدي، وشهرية(الشارقة الثقافية)، ومجلة(الدوحة)، و(القوافي)، و(الرافد)، و(المورد)، و(التراث الشعبي)، و(الثقافة الاجنبية).
وأضاف” من الصعب فصل الصحافة الثقافية عن الحراك الأدبي، فكلاهما يستمدّ وهجه من الآخر، فالصحافة تعتمد على النشاطات والفعاليات، فتحتاج الأدب ليمدها بالمادة الثقافية، ولكي لايبقى الأدب حبيس الكتب والرفوف يحتاج الصحافة لتمدّ جسور التواصل مع الجمهور الواسع، فالعلاقة تبادل منفعة مشتركة” مستعرضا جذور هذه العلاقة، من خلال إطلالة على تاريخ الصحافة، منذ الحضارات القديمة الى اليوم، فقد استعان الملوك البابليون، بكتبة أخبار يقومون بتسجيل الحوادث، وتوثيقها، بأكثر من طريقة وأسلوب، وتصويرها عبر النحت البارز، شأنهم في ذلك، شأن الصحفيين في العالم، مع شرح للصور، وهذا يعني أن صحافة الصورة معروفة منذ أقدم العصور، ويؤكّد د.نائل حنون هذا، بقوله “لدينا صور لمدن معروفة بالنحت البارز على الحجر ومعها أخبار تخصها منقوشة تحت المشاهد”،
ففي الحملات الحربية كان الملوك يصطحبون مدوّني الوقائع لتوثيق كل ما يحصل، وكذلك يصطحبون الفنانين حتى يصوّروا المشاهد الطبيعية والعمرانية التي يصادفونها.
وعرض الربيعي صورا لمشاهد فنية بالنحت البارز وجدت على ألواح الحجر في القصور الآشورية، ويظهر فيها كاتبان مع الملك الآشوري يسجّلان الوقائع والأحداث. أحد هذين الكاتبين يدوّن على رقيم طيني بالمرقام (القلم الخشبي) وباللغة الأكدية، والثاني يدوّن بالقلم على لفيفة البردي باللغة الآرامية، أمّا العرب، فقد عرفوا النثر، وهذا الجانب غائب عن الكثيرين بسبب تركيز الباحثين على الشعر العربي، بوصفه الفن الأبرز في تاريخ
الكتابة العربية، يؤكّد الدكتور جواد علي في كتابه “المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام”،كان للعرب العديد من الكتب المعروفة المتداولة بينهم، ومن بين هذه الكتب ما عرف بـ”مجلة لقمان”، المنسوبة إلى لقمان الحكيم ورد ذكر “مجلة لقمان” في سيرة ابن هشام، في الحديث عن قدوم سويد بن صامت إلى مكة لأداء الحج، وكان سويد يشتهر في قومه بأنه رجل كامل ذا شرف ونسب، وكانت له أشعار كثيرة، فتوجه إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاه إلى الإسلام، فقال له سويد: فلعل الذي معك مثل الذي معي! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “وما الذي معك؟ قال مجلة لقمان، فقال له الرسول “اعرضها عليّ” فعرضها عليه، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم “إن هذا الكلام حسن، والذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله الله تعالى عليّ هو هدى ونور، فتلا عليه رسول الله القرآن، ودعاه إلى الإسلام، فلم يبعد منه، وقال: إن هذا القول حسن” الذي ورد ذكره في القرآن الكريم وسميت سورة كاملة باسم “لقمان”، ويوضح جواد علي أن علماء اللغة اعتبروا أن المقصود بكلمة “مجلة” أي الصحيفة التي يكتب فيها شيء من الحكمة، بينما يرى هو أن الكلمة استعملت للدلالة على “الكتب المقدسة”
وقد قام الشاعر شوقي عبد الأمير بجمع مقتطفات من النثر الجاهلي ونشرها في كتاب حمل عنوان” مجلة لقمان” صدر بطبعته الأولى ضمن مشروع منظمة اليونسكو ” كتاب في جريدة” بعدده ١١١ الصادر يوم الاربعاء ٧ نوفمبر ( ت٢) ٢٠٠٧، وقد زينت العدد رسومات للفنان فاروق حسني، وعرض الربيعي، صفحات من الكتاب على المتابعين.
وفي حديثه عن الصحافة الثقافية في العراق، ذكر أن عدد المجلّات، والصحف السياسية والأدبيةبين عهد مدحت باشا، وأخريات١٩٣٣ م بلغ ٣٠٩، فيما بلغ عدد الصحف الأدبية التي صدرت في العراق بعد الحرب العالمية الاولى ٨٦ جريدة، ففي بيئة كهذه نشأنا، وأعني: بيئة لاتكاد تفصل بين الصحافة، والأدب، فالكثير من الأدباء العراقيين عملوا في الصحافة، وتمثّل المادة الثقافية العمود الفقري للصحافة التي منذ بداياتها كان خطابها موجّها للنخب المثقفة، فعمل في إدارتها الأدباء، وعمل همنغواي، وماركيز في مقتبل حياتهما في الصحافة، وتولى عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين رئاسة تحريرجريدة (الجمهورية)، وقبلها (الكاتب المصري)، وأصدر شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري جريدة (الفرات) وتولى الكاتب لطفي السيد رئاسة تحرير صحيفة (الجريدة)، ومحمد حسين هيكل(السياسة) الأسبوعية، وعبدالقادر حمزة (البلاغ) الأسبوعية، وفكري أباظة (المصور)، وكذلك أحمد عبدالمعطي حجازي الذي ترأس مجلة(إبداع)، واصدر الشاعر صلاح نيازي في لندن مجلة(الإغتراب الأدبي) التي ترأست تحريرها الكاتبة سميرة عزّام قبل أن تتوقف مثلما توقفت مجلة ” الطليعة الادبية” التي احتضنت أولى تجاربنا المبكرة في الكتابة الشعرية، أمّا الكاتب الراحل جمال الغيطاني، ظلّ مخلصا للعمل الصحافي حتى آخر حياته، وحين زرنا حضرموت ضمن وفد أدبي كان على رأسه الروائي الألماني الكبير غونترغراس عام 2004 رأيته يدوّن على دفتر صغير، كل ما يجري على لسان عامل بناء بسيط، وهو يتحدث عن كيفية بناء العمائر الطينية التي تشتهر بها حضرموت، وحين سألت صاحب رواية (الزيني بركات) الشهيرة، ورئيس تحرير مجلة (أخبار الأدب ) لسنوات طويلة، الذي عمل مراسلا حربيا في حرب اكتوبر عن تواضعه الذي جعله ينزل من برج الأدب الى شارع الصحافة فقال ” الصحافة مهنتي التي أكسب منها رزقي فلماذا أتكبر عليها ؟ “!! وقد حضرت حوارا أجراه الغيطاني لمجلة ” أخبار الادب” مع الشاعر سعيد الصقلاوي، ونشره باسمه، مثلما كان يفعل الكاتب الراحل محمد شاكر السبع، الذي عملت معه في القسم الثقافي بجريدة” الجمهورية”، وترأس الراحل جبرا ابراهيم جبرا تحرير مجلة “العاملون في النفط” الشهرية التي كانت تصدرها شركة نفط العراق، وتواصل الكاتبة أنعام كجه جي عملها في الصحافة حتى هذا اليوم، وتنشر العديد من المواد بدون ذكر اسمها، والشاعر جواد الحطّاب، والكاتب حسب الله يحيى، والراحلان حميد المطبعي صاحب مجلة” الكلمة”، ورزّاق إبراهيم حسن، وباقر صاحب، وكذلك عمل د.حاتم الصكر، لسنوات في الصحافة، وكان لقائي الأوّل به خلال عملي بدار ثقافة الاطفال ١٩٨٠، وكان مديرها العام الشاعر الراحل عبدالرزّاق عبدالواحد، عمل كذلك في الصحافة الثقافيّة، د.ضياء خضيّر، ود.علي جعفر العلاق، وماجد السامرائي، وشوقي عبدالأمير، وعدنان الصائغ، وعادل الشرقي، وأديب كمال الدين، ود.علي الشلاه،وفضل خلف جبر، وسعد جاسم وعالية طالب، وهدية حسين، وعبدالزهرة زكي، وحميد قاسم، ود. علي الحدّاد، والراحل إسماعيل عيسى بكر، ومحمد تركي النصار، وباقر صاحب، ومنذر عبدالحر، وعلي السوداني، وجليل خزعل، وعلي جبار عطية، والراحل ناظم السعود، والشاعر والناقد علي حسن الفواز الذي يترأس اليوم صحيفة “الصباح” مثلما يترأس الشاعر عارف الساعدي مجلة الأقلام، ود.يوسف اسكندر ” المورد” لتكون ” سلطة النشر” بيد الشعراء، كما كان يقول لي الراحل مدني صالح، فكان الشعر الأوفر حظّا في المجلات المتخصصة، فتحدث عن إصدار الشاعر يوسف الخال مجلة” شعر” اللبنانية، أوائل الستينيات، وكلنا نعرف دورها في تشكيل رؤى النص الحداثي، في تلك المرحلة المبكرة، كما صدرت في القاهرة مطلع عام 1976، حمل عنوان “الشعر” يقول يوسف السباعي في افتتاحية المجلة ” نزف مجلة “الشعر” للعرب تأكيدا للفكرة المتواترة التي تقول: من أحيا الشعر فقد أحيا العرب، ومن قتل الشعر فقد قتل العرب” وهذا يعني أن مثل هذه المجلّات بإمكانها أن تعطي حيوية للأمة جمعاء، وليس فقط للشعر ، وفي العراق أصدر شعراء جيل الستينات مجلة”شعر69″ في بغداد(صدر العدد الأول في مايس1969) وتصدّره البيان الشعري المعروف الذي وقّعه أربعة من شعراء الجيل هم: فاضل العزاوي، وسامي مهدي، وفوزي كريم، وخالد علي مصطفى)، واليوم تصدر في الشارقة مجلة(القوافي) المتخصصة بالشعر ويدير تحريرها الشاعر محمد البريكي.
وفي نهاية محاضرته ذكر النتائج، وقال أنّ الادباء رفدوا الصحافة وارتقوا بخطابها لغة، ووعيا، وفكرا، وتظلّ العلاقة بين الصحافة الثقافية طردية تنشط الصحافة الثقافية عندما ينشط الحراك الثقافي وتتراجع عندما يتراجع، ولا نستطيع الفصل بينهما، وقد أكل عمل الأدباء بالصحافة من جرف الأدب، وابتلعت مواهب أدبية عديدة، لكن بالمقابل خدموها، وقدموا مادة غنية، وان لمادة الثقافية اليوم ضعفت بسبب استسهال الكثيرين للنشر، وعدم خضوعها لضوابط معينة خصوصا في الصحافة الالكترونية.
ثم فتح باب المداخلات، فشارك فيها: كاتب السطور، ود.شفيقة وعيل، ود.جبار خماط حسن، ود.عادل هاشم.
وفي نهاية المحاضرة قدّم د.عبدالباقي بدر، شهادة تقدير للربيعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى