النهر

منال رضوان _ الإسكندرية _ مصر

على حافة النهر رقدت حبة كرز في خضوع عجيب.. بدت لي ناعمة الملمس يانعة لم تلتحف برتوش من طمي، لكن من جاء بها في موضع غريب عن سلتها؟
ربما سقطت من يد (جنفياف) العجوز وهى تجمع بعض الثمار تطعمها للحفيد الأعمي بعد أن تركته ابنتها وسط رجفات سنواتها المظلمة.
أو أن (أوناي) المرحة كانت تلهو كعادتها وألقتها بيدها القصيرة كحجر لتحاكي أمها يوم أن كانت تضرب موجات النهر الخرساء.. كذلك رحلت هى الأخرى منذ سنين، بعد أن خبأت أحجارها الصغيرة بجعبة ذاكرتي وفرت من نهر لم يعد يشتهي أجساد النساء.
لا أعرف لمن الكرزة ولا يعنيني ذلك..
تبدو شهية وإن ائتزرت بوشيج من حشائش صفراء تجابه لكزات الشمس اللافحة..
أشفقت عليها وربما كان إصراري على التهامها بدافع من خوف، أو شهوة.. أيضا لا يعنيني ذلك. فمهمتها أن تؤكل أو أن توضع للزينة فوق كعكات الذكرى فلماذا تتوارى في خجل مني هكذا.
بالفعل أنا أمتلك حقولا لا تنبت إلا الكرز لكني لا أستطيع أن أقاوم لذتها، فجأة وبصفعة حجر مجهولة تسبقني موجات النهر في سَخَرٍ متلاحق حتى تبتلع إحداها لقيطة كرز .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى