سعادة مسروقة
ياسمين كنعان – فلسطين
معضلة الكتابة أنها اعتراف مبطن بما تخفيه دواخلنا من سعادات مسروقة أو خيبات لا تنتهي، كيف أجعل منك قارئي الأوحد وأنت لا تقرأ ، هل تفعل؟! لا يهم، كل ما في الأمر أن تراكم الكلمات في قلبي ينهكني ويثقل على قلبي، فأستصرخ البياض اللامتناهي وأسكب عليه حبري البنفسجي.. تجلس أمامي، تخفي غموضك في ياقة قميصك، تراقب ارتباكي كما المرة الأولى التي جلست فيها أمامك لا يفصلني عنك سوى هذا الارتباك، وذاك الكتاب، كنتَ تسافر عبر الصفحات تقرأ هنا وهناك، وكنتُ أقرأ صفحة وجهك، أسترجع بها زماني الذي مضى، تجسدّتَ أمامي حقيقة لبرهة من الزمن، كان بإمكاني أن أتحسس كفك وقد كنتَ على مرمى كفي، كان بإمكاني أن أفرغ لك كل مافي قلبي، كنتَ مرآتي التي ألمح على حوافها انعكاس روحي لا وجهي.. كان بإمكاني أن أمنحك أثمن عطايا القلب ..لكنَّ غموضك المتخفي في ياقة القميص وقف حائلاً بينك وبيني، هل رأيتُ كل الوجوه التي أحاطتني وقتها؟! هل سمعت الكلمات التي تناثرت في فضاء تلك الغرفة الصغيرة؟! لم أسمع إلاّ صوتك ولم ألمح إلاّ وجهك ..كان صمتي سيد موقفي وغموضك سيد موقفك، إلاّ أنّ نفسي التي انفصلت عني لحظتها وقفت أمامك وأخبرت عني كل ما كتمه صوتي ..
كلماتي صوتي الوحيد الذي أعبرُ به ظلمات هذا الواقع ، أستند على الحرف كي أعبر من نفسي إلى فضاء أكثر رحابة، أتشبث بأطراف أوراقي كي أُحلّق بعيداً من هنا ..بعيداً حيث المكان غيمة والزمان نجمة والأفق أزرق ..
لو كنتَ تقرأ، أو كنتَ تسمع لكان لكلماتي وقع آخر، ولصوتي يدين، كنتُ سأختار من الورد البنفسج ومن العطر الياسمين أمزجهما في كفي وأكتب لك كل ما هو لك، لو كنتَ قارئي كنتُ سأمنح بقيتي لك، وحاضري لك، وقادمي لك، وكل ما هو خلف الغيمات البعيدة لك، كنت سأنزع عني معطف صمتي وأزيح عن ياقة قميصك غبار الغموض..لو فقط كنتَ تقرأ.