مازن أكرم سبيتاني .. المايسترو الاقتصادي
محمد زحايكة | القدس – فلسطين
عرفت مازن سبيتاني أول مرة في حياتي عندما كان الصاحب يزرع شوارع القدس وما إن يصل إلى محلات سبيتاني بالقرب من المحكمة المركزية حتى يميل مثل غزيل لعله يلدع له فنجان قهوة أو تبولة! ويقف يطق حنك مع بعض الموظفين والعاملين الذين تعرف عليهم.
ولاحظ الصاحب أن مازن يستمع إلى دواوين الصاحب وهو يستعرض بطولاته الدونكيشوتية وأساطيره حول الدعم المزعوم فيبتسم ونادرا ما كان يتدخل في الحديث .
وتمر الأيام وتحقق سبيتاني قفزة وطفرة توسعية غير مسبوقة بعد أن أصبحت وكيلا معتمدا لشركة ال جي LG العالمية وهذه قصة لوحدها يمكن أن نرويها مستقبلا إذا دعت الحاجة كما سمعها الصاحب على لسان مازن سبيتاني .
المهم أن مازن سبيتاني أرسل وراء الصاحب من خلال مساعده الإداري في ذاك الوقت السيد ماجد شهوان أبو عادل الذي طلب من الصاحب التشرف والحضور لمقابلة المدير العام وقد حصل وتبين أنه يرغب في تعيين الصاحب كموظف لشؤون الإعلام والعلاقات العامة ولكن الصاحب آثر أن يكون مجرد مستشار إعلامي بدون دوام مكتبي خاصة وأنه كان يملك مكتبا في القدس كما أن الصاحب فضل أن لا يضع بيضاته في سلة واحدة، فلا أحد يعرف ماذا تخبىء الأيام، وبالفعل احترم مازن سبيتاني رغبة الصاحب وقال له: أطلقتك يا ذيب أو يا سبع الفلا أو ياصقري!
وبالفعل بدأ الصاحب في الطحن وصمد قرابة عشر سنوات في موقع المستشار الإعلامي وكانت تجربة مثيرة ومفيدة للطرفين حيث فتحت شركة سبيتاني أمام الصاحب أبوابا جديدة في العلاقات العامة فيما تمكن الصاحب من تجنيد شبكة واسعة من الإعلاميين وخاصة الاقتصاديين لمواكبة تطورات هذه الشركة العملاقة وتحديثاتها أولا بأول إلى جانب بناء قاعدة بيانات متينة في العلاقات مع الإعلاميين وإصدار مجلة أخبار سبيتاني اليومية التي بدأت مطبوعة ثم تحولت إلكترونية بإشراف الزميل مصطفى أبو سبيتان بعد انسحاب الصاحب إلى جانب فعاليات ذات طابع اجتماعي قام الصاحب بتنفيذها لصالح الشركة ولقيت ترحيبا حارا من المجتمع المحلي .
وخلال هذه السنوات اقترب الصاحب من شخصية مازن سبيتاني، هذه الشخصية العملية وذات الحس الإنساني الرفيع والجميل، شخصية متواضعة بدون تكلف وذات روح جذابة وصاحبة نكتة وفكاهة تضفي المرح والسعادة والنشوة والإثارة في أي مجلس تتواجد فيه بخفة دمها وأسلوبها الممتع البسيط النابع من القلب واحترامها للصغير قبل الكبير وتعاملها بأخلاق عالية وروح إنسانية مفعمة بالجمال والإخلاص والالتزام بالكلمة ومصلحة الزبون أولا وعاشرا .
ولمس الصاحب قوة هذه الشخصية وذكائها الحاد وتعلمها من اي شخص مهما كان بسيطا وهي شخصية لا تعرف التعالي ولا العجرفة وإنما الابتسامة الدائمة الودودة والقلب الأبيض التقي النقي كثلوج قمة جبل الشيخ.
والحقيقة أنه من الصعب في هذه الومضة الخاطفة الوقوف على خصال هذه الشخصية الاقتصادية الفلسطينية الفذة، ولكن كفانا ان نقتطف من بستانها الثري بعض الورود والرياحين.
ومن هذه النهفات ان الصاحب ما ان عمل مع الشركة وخلال أسابيع معدودة حتى كان قد “طرش” أقسام الشركة بقصة الدعم.. وعندما علم مازن سبيتاني بذلك، استدعى الصاحب إلى مكتبه وسأله عن حكاية الدعم وعندما قال الصاحب هل تريد الحق أم ابن عمه أجاب سبيتاني بالطبع الحق وليس غير الحق.. وهنا بدأ الصاحب في رواية قصة. وحقيقة الدعم المزعوم لعدة دقائق.. ومازن يستمع ويهز برأسه.. وعندما انتهى الصاحب من الحديث قال له مازن.. معنى كلامك أن قصة الدعم فالصو.. فوافق الصاحب على ذلك.. فنظر إليه مازن سبيتاني وهو يبتسم وقال “ع اليوم .. لو خليتني عايش ع الأمل”.
وإلى جانب ذلك، فإن مازن سبيتاني شخص خدوم ومثابر ومحب ومخلص وهو يشكل طاقة إيجابية أينما رحل وأينما حل وحتى عندما يغضب من شيء، فإنه سرعان ما يراجع نفسه ويصلح موقفه، حيث أذكر انه غضب مرة من تصرف موظف ذهب إلى الصاحب في مكتبه بخصوص ترتيبات زيارة لبعض الصحفيين إلى كوريا الجنوبية بإشراف الصاحب اللاهب، حيث طلب من مساعده شهوان إلغاء الزيارة وما هي إلا دقائق معدودة حتى همس أبو عادل في أذنه بما معناه أنه لا يجوز “فركشة” الرحلة أو السفرة لسبب تافه مثل هذا.. وهنا نظر مازن إلى الصاحب وهو يبتسم وقال: “أمري لله.. كله من تحت رأس زحايكوفتش”.. وذات مرة كان الصاحب يقف مع مازن ونجليه الكريمين، أكرم وعمر ، والصاحب يتكلم على راحته ويشطح وينطح كعادته.. وعندما حاول أكرم وعمر الحديث قال لهما مازن مازحا: “فقط الصاحب مسموح له الكلام .. فهو وزير إعلام الشركة” .. فضحكنا جميعا على مداعباته وقفشاته التي لا تنتهي .
مازن سبيتاني شخصية راقية تحترم الثقافة العامة ورجال الفكر والصحافة والإبداع وهو دائم البحث عن الجديد والمفيد وينسج علاقات طيبة مع الجميع وهو شخص يعرف حدوده ورغم ملاحظاته الكثيرة والصائبة على أداء القيادة الفلسطينية إلا أنه لا يتطاول ولا يهاجم ولا يسيء لأحد، ويحاول ان يبقى بعيدا عن اية مشاحنات أو ملاسنات لا تخدم اي جهة .
مازن سبيتاني يجسد بما وصل إليه من نجاح كبير واستثنائي، الإنسان العصامي الذي كد واجتهد حتى حقق قصة نجاح تضرب بها الأمثال على مر الأجيال . فلنحيي معا هذا الإنسان الراقي الودود المحب المتواضع السمح الذي لا يعرف التكبر ولا النفاق ولا التمييز بين إنسان أو آخر . وكما قلت هذه ومضة لا تفيه حقه وهي لا تعدو أن تكون من الجمل ذانه .