واجبنا نحو اللغة العربية في يومها العالمي

د. صالح محروس محمد| أكاديمي مصري
اليوم يتنفس العالم العربية وكل من نطق بالعربية عربي اللسان ، اللغة العربية التي ربطت الأرض بالسماء وحفظت التراثي الانساني والحضارة الانسانية لعدة قرون في العصور الوسطى .فالعربية لغة العلم، لغة الحضارة، لغة التقدم والازدهار، لغة الروح والمشاعر، لغة الوحي الإلهي، فهي لغة الطب والهندسة والفلسفة والسياسة والآداب والشعر والنثر.فلقد حفظت العربية كتاب الله عز وجل: {إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف:2]. وفي موضع آخر {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 195]. وتجمل لسان الشعراء بجمال لفظها. وأشهر تلك القصائد ولا شك قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم، رحمه الله تعالى، “اللغة العربية تنعى حظها”، التي يقول في مطلعها على لسان اللغة العربية:
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
عقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي
وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ
وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
فَهَل سَاءلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
ويختتم شاعر النيل القصيدة بهذه الأبيات:
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ
بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيْتَ في البِلَى
وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي
وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ
مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ
ومن بعدها تأتي قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي التي يجلي فيها جمال اللغة العربية منشدًا:
إن الذي ملأ اللغات محاسنا
جعل الجمال وسره في الضاد
ويراها خير رابط بين العرب قائلاً:
ويجمعنا إذا اختلفت بلاد
بيان غير مختلف ونطق
ومما نسب للفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: “تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ فَإِنَّهَا تُثَبِّتُ الْعَقْلَ، وَتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ”،( شعب الإيمان، أبو بكر البيهقي)و قال الإمام الشافعي: “اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد، صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها لأنها اللسان الأولى). وقال ابن القيم الجوزية، رحمه الله: وإنما يعرف فضل القرآن مَنْ عرف كلام العرب، فعرف علم اللغة وعلم العربية، وعلم البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها”. وقال أبو منصور الثعالبي في كتابه فقه اللغة وسر العربية: “ومن هداه الله للإسلام، وشرح صدره للإيمان، وآتاه حسن سريرة فيه اعتقد أن محمداً خير الرسل، والإسلام خير الملل، والعرب خير الأمم، والعربية خير اللغات والألسنة، والإقبال عليها وعلى تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم”. ويقول ابن الأثير: “اللغة العربية سيدة اللغات”.ومن أعجب ما أنت قارئ ومن أجمل ما قيل في اللغة العربية في الوقت نفسه ما أثر عن أبي الريحان البيروني الفارسي الأصل أنه قال: “والله لأَنْ أُهْجى بالعربية، أحبُّ إليَّ من أن أُمدح بالفارسية”. ومدح العربية المستشرقين،ومن ذلك ما قالته الألمانية زيفر هونكه: “كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم، وسحرها الفريد؟! فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صَرْعَى سحر تلك اللغة”.
وعن كمال اللغة العربية ما قاله المستشرق الفرنسي رينان: “من أغرب المُدْهِشات أن تنبتَ تلك اللغةُ القوميّةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقّةِ معانيها وحسنِ نظامِ مبانيها، ولم يُعرف لها في كلّ أطوار حياتها طفولةٌ ولا شيخوخةٌ، ولا نكاد نعلم من شأنها إلا فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى، ولا نعرف شبيهاً بهـذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير تدرّج وبقيت حافظةً لكيانها من كلّ شائبة”.ومن أجمل ما قيل عن سعة اللغة العربية ما قاله المستشرق الألماني كارل بروكلمان: “بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدىً لا تكاد تعرفه أيُّ لغةٍ أخرى من لغات الدنيا، والمسلمون جميعاً مؤمنون بأن العربية وحدها اللسانُ الذي أُحِلّ لهم أن يستعملوه في صلاتهم”.
أوجز واجبنا نحو لغة الضاد (الأفراد والمؤسسات المعنية بأمر العربية في العالم ) فيما يلي :
1- التحدث بالفصحى وحث المعلمين والعامة من أصحاب اللسان العربي في العالم على التحدث بها والكتابة بها وتعلمها وتعليمها
2- تقدم المؤسسات العاملة في مجال العربية دورات ودبلومات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها مجانا
3- جعل مادة اللغة العربية مادة أساسية في جميع الكليات الجامعية غير المتخصصة في اللغة العربية
4- المحافظة على تواجد العربية في الشوارع العربية جنبا إلى جنب اللغات الأجنبية
5- تفعيل الانشطة الثقافية الخاصة بآداب اللغة العربية ندوات ومؤتمرات تخص العربية وآدابها طوال العام.
6- تفعليل اتفاقيات الشراكة العلمية بين مؤسسات دعم اللغة العربية في أفريقيا ومؤسسات التعليم العالي في الدول العربية
7- وضع شرط إجادة اللغة العربية من مصوغات التعيين في الوظائف بالدول العربية
8- إتاحة فرص عمل للحاصلين على المؤهلات العربية في الدول العربية وغيرها.
9- تعزيز وتشجيع الكتابة والتأليف باللغة العربية واعداد جائزة سنوية لأفضل كتاب عربي في المجالات والتخصصات المختلفة.
10- إقامة مهرجانات العربية ( الشعر – القصة – الرواية ) على مدار العام بالتناوب بين الدول العربية.
فكيف من تعلم العربية لا يكون شاعرا وهي أم اللغات وأصلها .
وكل عام ونحن بخير بجلال اللفظ العربي وبلاغته


