أخيلة تُشبه بعض فراغات هرِمة
شعر: خالد أبو العلا – مصر
النهرُ يُلملمُ شاطئهُ المسحورَ
يذوبُ على جسدي
بمواويلَ ارتجلتْ حزنًا
يتسلَّلُ مِنْ بين يدي إلى روحي
يطفو بعذاباتِ الطمي
وبعضِ فراغاتٍ تسكنُكِ
فلماذا يحذفُني قاموسُ رضاكِ
أُحدِّقُ في وَهجِ المصلوبين على لُغتي
أتماوتُ حين يُحاصرُني السمكُ المصعوقُ
بأسئلةٍ مُتشاكسةٍ
وعيونٍ مائتةٍ في صمتِ المقتولين على دِلتاهُ
بلا صَخَبٍ
ودموعٍ باردةٍ
لا تُشبهُ -في شيءٍ-كوثرَ عينيكِ.
خرجتْ توًّا مِنْ أنواري
وقفتْ في دائرةٍ كالشمسِ
مُفرَّغةً مِنْ أيِّ غيابٍ يُشبهُها
واختارتْ نجمـًا مفقوءًا
يذوي في صفحةِ وجهي
فإذا ما اخترتُ حكاياها
انفجرتْ مِن آخرِ بوحي
كسَديمٍ مُشتعلٍ بحضورٍ واهٍ
ورجاءٍ أوَّاهٍ
حتى لا تفقدَ أثري
وتُضيعَ طريقًا آمنةً
لفيوضاتِ الثقبِ الأسود.
حاولتُ العدْوَ بعيني
مبتعدًا عَنْ حَرٍّ تُرسلُهُ شفتيها
حَذِرًا أن أسقطَ مصروعـًا فوق الخدِّين
فتفضحُني عيناي
بأسئلةٍ تكشفُ أسراري
حاولتُ كثيرًا
لكنَّ حرائقَ صمتي
كانت تحبسُني -مُنفردًا- في غمضةِ عينٍ
لا تتركُني إلا مطرًا مِنْ مُزنِ اللؤلوءِ
يـُغرقُ كُلَّ وسائدِها
إذ كنتُ أمرُّ على عَجَلٍ في خاطرِها
وأردَّدُ أغنيةً مُتباكيةً
عَنْ ذكرى وطني.
الشمسُ ..
النيلُ ..
الأرضُ ..
ثلاثُ قُصاصاتٍ نبتتْ في قبضِ الريحِ
وأخيلةٌ تُشبهُ بعضَ فراغاتٍ هَرِمَةْ
تبدو في آخرِ حزني تذكرةً للخوفِ
وأكمنةً لمواجيدِ الروحِ
إذا خرجتْ من فيضِ حروفٍ مُستثناةٍ
كنتُ أُشاكسُها بأغانٍ مُبهِجةٍ عنَّا
حتى ترضى
وتُشاكسُني بدَمِي.
القيدُ يُعلِّمنا الحكمةَ
والصمتُ يُحدِّثُنا ببلاغتِهِ الفضَّاحةِ
عَنْ أغنيةٍ
فقدتْ في الناسِ الكلماتِ
وفي النفسِ الألحانَ
وفي الروحِ المحزونةِ
نوتتَها الموسيقيَّة.
سيُطلُّ عليكَ
بوجهٍ خالٍ منكَ
يُشبهُ أوجاعـًا ضلـَّتْ عنوانَكْ
ويُوشـِّمُ كُلَّ خلاياكَ المفقودةِ في الطرقاتِ
بأسماءِ الغُرباءِ
والسكَّانِ الوَهميِّين
ويغفلُ عَمدًا عن ذِكْرِ الأرقامِ المكتوبةِ
في طَوقٍ مضروبٍ
حولَ الرقبة.