الرحمة فى خلق الإسلام
د. أسماء السيد سامح | كاتبة مصرية
لَا يَسْتَطِيعُ كَائِن مَنْ كَانَ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جن أَنْ يَحْجُبَ رَحْمَةً أَوْ يَمْنَعَهَا عَنْ خَلْقِ اللهِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2] فَرَحْمَةُ اللهِ أَدْرَكَتْ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي لَهِيبِ النَّارِ، وَوَقَى اللهُ بِهَا يُوسُفَ وَهُوَ فِي غَيَابَاتِ الْجُبِّ وَنَالَتْهَا هَاجَرُ وَوَلِيدُهَا فِي وَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، وَحَصَّلَهَا يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، وَأَنْقَذَ اللهُ بِهَا مُوسَى الرَّضِيعَ وَهُوَ فِي الْيَمِّ، مِنْ شَرِّ فِرْعَوْنَ، وَأَنْجَى اللهُ بِهَا أَصْحَابَ الْكَهْفِ، وَأَنْجَى اللهُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ مِنَ الذَّبْحِ، وَأَدْرَكَتْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَهُ الصِّدِّيقَ فِي الْغَارِ، وَلَوِ اسْتَطْرَدْتُ فِي ضَرْبِ الأَمْثِلَةِ لَطَالَ الْمَقَامُ.
بينما القسوة فى خلق إنسان دليل نقص كبير وإذا كانت فى خلق أمة كانت دليل على فساد خطير.
فالرحمة خلق محمود مطلوب حث عليه الشرع الحنيف وأقرته الفطرة النقية لكن الرحمة التي لا تتجاوز العدل إلي الظلم فإن كانت كذلك فهي مشروعه محموده يؤجر صاحبها عليها ولكن بعض الرحماء شيمتهم الرأفة وسجيتهم الرقة طبعهم وربما انجرفت بهم الرحمة وانزلقت إلي مستنقع الظلم وإضاعة الحقوق والحكم بين الناس سواء بحكم وظيفتهم أو مكانتهم بين الناس وهولاء الذين ننكر صنعهم دائما.
يغلقون عين العدالة والجود وهل هناك أعظم في الجرم من الحكم لغير صاحب الحق ؟؟ياأيها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ .
وبعض الناس الفظاظة والقسوة منهج حياة لهم فتراهم يشحذون هممم ويوظفون كل قواهم وقواتهم؛ لقهر الناس بل لم يكتفوا بذلك بل تعدى الأمر إلى قهر الحيوان الأعجمي .
وقد قال الله – عز وجل – مخاطبا خاتم الرسل محمد – صلى الله عليه وسلم،-: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)، و قال النبي – صلى الله عليه وسلم- : (لا تنزع الرحمة إلا من شقي).
وفي الأخير لابد من التكاتف والاجتماع حول إعلاء خلق أصيل غاب عنا وأصبح غائبا عن مجتمعاتنا .