سعادة.. تبتر ساق الألم، وتدمل جرح الوقت
وئام عون | سوريا
عندما يحين موسم قطاف التفاح الأحمر (الدبل ريد) كثيراً ماكان والدي يحذِّرنا من قطف التفاحة الخضراء لأنّها لم تنضج بعد، كذلك التفاحة الفاسدة؛ تلك التي تمتنع عن شرائها عندما تراها في صناديق الباعة، والتي لاتكتفي بعفونتها إنما تؤذي غيرها من الثمار المجاورة لها.
فقط تلك التفاحة التي تصيح بلونها الأحمر المتمدّد في عروقها باتّساق خلّاب… كأنّها شربت من شغافتك وأهدرت دمك بدون قصاص.
ذلك اللون الأحمر الذي لا يقل في أي موضعٍ من التفاحة عن سواه، والذي يدفع بقلبك رغماً عنك إلى الحبّ المندّى بالشغف والأحلام .
وهكذا تماما .. تلك السعادات التي ننتظر قطافها من مروج الأمنيات؛ بعضها نرهقه بكلِّ توق الطفولة، بكل التوسّل والصلاة و البكاء، نتخيلها قبل أن ننام (إيمانا بما ترسّخ في ذاكرتنا منذ الصغر بأن نطلب الهدايا عندما نغمض أعيننا حتى نراها على وسادتنا قبل الفجر) والتي لن تستوي إلا في أوج الصباح.
تلك السعادة التي لم يحن قطافها لأنها لم تنضج بعد، وبعض السعادات كتلك التي تبلى من فرط الانتظار؛ كتخثُّر الفرح بعد فيضانات أمواجه في العروق، كولادة الحب في قلبٍ عقيم، كتسرُّب الموسيقا من مذياعٍ مكسور، كانطفاء المصابيح بعدما أنهكها داء الالتهاب، كاتّساع الأمل بعد أن ضاقت مقلتيك وتقلصت نبضات قلبك وقُطِف تفاح وجنتيك.
وذلك هو نصيبك المتعفّن من السعادة الذي لايكتفي بعفونته فقط إنما يتمدّد إلى كل سعادة مشابهة فيفسدها.
وبعض السعادات تأتي في موعدها؛ لتبتر ساق الألم، وتدمل جرح الوقت قبل أن يستشري في دمائه سرطان البرود؛ تلك السعادة المضرجة بالعشق الشهي، التي سيحاصر مذاقها كل حواسك فتحملك إلى عوالم الحب البريء .. قبل خطيئة التفاحة الأولى.