شعرية العنوان في كتاب ( ناصر حلاوي سيرة ومسيرة) للدكتورة أمل سلمان
أ.د مصطفى لطيف عارف | ناقد وقاص عراقي
العنوان نص لغوي يحتل مكان الصدارة من العمل الأدبي, ويتربع على عرشه , بل انه تاج العمل في مملكة النص, وهو بعد ذلك مؤشر يدل على ما بعده ويفتح الطريق إليه مضيئا دهاليز النص المتن ومبينا جوانبه الغامضة من جميع الجهات [1],ولما كانت اللغة نظاما من العلامات فانه لا يخرج عن هذا المنحى في كونه علامة تدل على النص, أو توحي إليه من خلال تحليل هذه العلامة اللغة واستكشاف بنيتها الدلالية[2],إن تحديد النص والكشف عن مخبوءاته يندرج ضمن فعالية العنوان, وهو يفعل فعله في النصوص, بل انه يعد مفتاحا إجرائيا للدخول إلى عالم النص , مفتاح لما استغلق من هذه النصوص, يمكن للمتلقي أن يدخل إلى هذا العالم من الصور, والأصوات, وقد درج النقاد في كتاباتهم النقدية وهم يتناولون موضوع العنوان على عده بمثابة الرأس من الجسد.
ويعد الركيزة الأساسية لمعرفة النص والدلالة عليه, ومثلما نسمي الأشخاص فان العنوان يعني الاسم للكتاب,فالعنوان للكتاب كالاسم للشيء, به يعرف وبفضله يتداول , يشار به إليه ويدل به عليه [3],وبما يحمله من قصدية فاعلة لكشف الباطن بفعل أرادة ملزمة للبداية وإحراج المعنى ,لذا فان العنوان يكون صلة قائمة بين مقاصد المرسل وتجلياتها الدلالية في العمل [4],إن علاقة العمل بالعنوان علاقة فاعلية تتكئ على منطق الضبط, تلك العلاقة أنما نكتشفها من الترابط بين المرسل بمراسلته (العمل + العنوان) فهو فاعل هذا, وفاعل ذاك [5] ,ونحن نعد العنوان خطابا سيميائيا فكريا, يحمل مقاصد شتى , لان الاتجاه المرسوم للفاعلية المستحضرة يعتمد على قصدية المرسل, فالعنوان خطاب يعرف من خلال العمل الذي يتوجه به إلى المتلقي,ذلك ممكن من خلال سياق الفعل الإبداعي, وقد تضيع على المتلقي آليات التعامل مع العمل إذا ما توهم فضاءات أخرى من العلامات لا يمكن أن تكون فاعلة,بل أن هناك ترابطا وتزامنا جدليين بين العنوان والنص في علاقة المحايثة , والعنوان مفتاح الشفرة والخطاب .
وعنوان كتاب (ناصر حلاوي سيرة ومسيرة) يشتمل على علامات سيميائية متعددة تفضي إلى دلالات خارجية تكشف عنها بنيتها السطحية التي تحيل على البنيات العميقة التي تتمثل بالعالم الدلالي الذي تحيل عليه المبدعة أمل.
ويكشف النص عن فضائيين دلاليين مهمين أولهما يحيل على الفضاء الزماني, (سيرة), والآخر يحيل على الفضاء المكاني,(المسيرة), وبين الفضاء الأول , والثاني يتوسط اسم الدكتور ناصر حلاوي, ليربط بين العالمين ربطا مبهما, ومن هنا يبدأ الفضول يتسلل إلى المتلقي الذي تركته الدكتورة أمل قد فعلت فعلها في المتلقي, إذ أحالته على كل جنس فضاء زماني متسع الآفاق , يحيل على أيام بغداد,والبصرة , ولندن , وبابل.
إن كتاب ناصر حلاوي للدكتورة أمل سلمان عنوان يقع ضمن ما يعرف بالسهل الممتنع إذا ما قراناه قراءة سطحية عابرة تكتفي بالنظر إليه نظرة جانبية, على أن النظرة المحايثة العميقة ربما تكشف لنا عما دفنته فيه مبدعته من أشارات, وعلامات دالة , فقد بحثت, وجمعت ,وجدت ,وأجادت في كتابها القيم, والممتع, والنادر عن شخصية أكاديمية مرموقة درست, وخرجت أجيال من الاكاديمين المبدعين.
لقد بذلت جهودا مضنية في أعداد, وكتابة رسالتها للماجستير كما يبدو لي من عنوان الكتاب , سلطت الضوء على علم من أعلام العراق, والوطن العربي, بل رجعتنا إلى التسعينيات عندما تتلمذنا على يد العلامة الكبير الأستاذ الدكتور ناصر حلاوي رحمة الله عليه, وادخله فسيح جناته.
المراجع:
[1] العنوان في الشعر العراقي الحديث :15.
[2] ينظر علم اللغة العام :33 0
[3] العنوان وسيموطيقيا الاتصال الأدبي : 15.
[4] التحليل السيميائي للخطاب :154.
[5] م0ن :154.