تيه الظلال
عزيز فهمي | كندا
ككل الكؤوس
مملوءة وفارغة
أقبض على دمعتي
أسألها
هل ماؤك من جُب حزن
أم من بئر فرح؟
يصيح الملح في دَلوِ زمني
متدفقا من شراييني
منتشرا في بريق عيني،
ذهب الأحبة أسرابا في واحة الكلام
بقي السراب هنا على مقربة من قطرة أمل،
يعلم الجهات كيف تختار وجهتها
لا تتيه كظل قصيدة مكتوبة
على صفحة من رماد
هشة كزقزقة عصفورة في واحة الحنين.
يغازل غنجُ المعنى دائما عريَ الصور
على مشاجب الجمل
تلبس القصائد زينة من جمر ومن نار
فنجيء
نجيء أنا وأنتِ
كالصباح الذي استيقظ على صراخ الضياء
في مجالس التأويل
النوافذ تستجدي الأبواب
كي تتحرر من قيد الجدران
ترسم على العتبات وجه ما مضى وما سيأتي
لذا جئتُ لأقول:
للتيه وطن الشوارع اليتيمة
له هوية مَنْ درَّب نبضه على الرفض
يرفض الكلمات التي تذوب كالزبد في الشمس
تنمحي
لكن تترك وشما على مناديل السماع
له فصاحة السؤال عن آيات اليقين
في الشفاه الحائرة
لا قصيدة تكتبنا
دون أن نمنحها مطلق التصرف
في أشلائنا
سأوصي سلالة الحروف عن نية الصمت
فما كل الصمت بدلالة القبول في لغتي
هو الخروج عن المعتاد
الدخول في الحقيقة
ولا حقيقة تستحق كل هذا التعب
لذا أبعثر ما استطعت من الشعر
في الشوارع
لعلي أنتمي إلى التيه في القصائد
فأنصهر فارسا يعتلي صهوة أدوات الجزم
لأجزم أمامك
أني سأعلق كل قصائدي
أمام دهشتك
وأحارب وحدي الأرضة
كي لا تقضم علق الأفئدة
في بياض الانتظار.
نجيء
أنا وأنتِ كل مساء
إلى شرفة غاصة بالنجوم
نرتب الذكريات بحبر الشوق
نعلق على أهداب الشك أسئلتنا
ونستمر في الحكي
لذا جئتِ لتقولي:
يَفتحُ مخاض الوجع فمه
على تراتيل ولادة النص القيصرية
لا يكفي أن نمر من ثقب إبرة كخيط أبيض
لتتضح غاية الكلام في حناجرنا
لا يكفي أن نرتق به الجراح التي تبكي ألما
كي يجد التيه ضالته في الظلام
ماذا تريد القصيدة في ديوان العرب؟
وقصيدتك تريد الكثير
تلوين السماء بزرقة الشجن
تعميد الكلمات بصراخ الماء
الذهاب إلى أول الأشياء
لتشد على ليونة البدء
تُخفي إنحدارنا في لزوجة الزمن
ترفع راية نصر أمام دوامة الأحلام.
ككل الكؤوس
تُملأُ وتفرغُ
هذه الدنيا الثملى بخمر الزمن
تُسكرنا برقص اللحظات التي تحترق
فراشات تعشق نغم الشموع الباكية
نكتبنا بالقصائد التي تضحك
على بلادة التشابيه
لا نشبه أحدا في المرايا
لكل منا صورته وظلاله
لنا جميعا هذا التيه
في متاهات الحياة
فنحيا في السؤال
الذي لا إجابة تليق بقلق أدواته