النخب العربية بين سندان الواقع ومطرقة السلطة

سمير حمَّاد | سوريا

اللوحة للفنان الإنجليزي: جيمس وارد

توجه ابن رشد إلى بعض أصحاب اللحى وقال ساخراً: إن الله لا يمكن أن يعطينا عقولا، ويعطينا أديانا  وشرائع  مخالفة لها؛ ثقوا أن اللحية لا تصنع رجل الدين ولا الفيلسوف، وإن الحُسْن  ما حسّنه العقل والقبح ما قبّحه”. (ابن رشد).

وقد وجد ابن خلدون أن  كل ما يجري, من تخبّط وانتهاك للقيم، وتدليس وانحراف إنما مرده انهيار المجتمع، وغلبة الجهل وفساد الثقافة والفكر, فتسود الفتن متسترة برداء وقناع الدين, (فهي تجارة رائجة جدا في عصور التراجع الفكري للمجتمعات….. ).

هذه الفتن  المتخفية خلف ستار الدين, تولّد الاحقاد والأضغان بين البشر, وتؤْذن بخراب المجتمع كما يجري في واقعنا ومجتمعنا هذه الأيام, حين تتنافر الأقوال والأفعال, وتفتقد النّخب الثقة بين الناس,  والقدرة على التوازن, ومطابقة الأقوال بالافعال، حيث (لا يوزن المرء إلا بقوله ولايقوّم إلا بفعله).

هذه النخب, يستقطبها الحكام بفتات عطائهم, ويسبغون عليهم نعمتهم,  فيتحولون إلى (ثُلّة من المرتزقة والوصوليين, يحجبون الحاكم عن الشعب ويضللونه, ويحجبون الشعب عنه فيوصلون إليه من  الأخبار اكذبها, ويصدّون عنه الأخبار الصادقة والمآسي التي يعاني منها الشعب؛ فاذا بالحاكم  يقلب  توجّسه وغيرته من شعبه إلى خوف على ملكه، فيأخذهم بالقتل والإهانة….) كما يقول ابن خلدون.

ليت هذه النخب تفهم وتقتنع بأن الكلام الذي يصدر عنها, ليس بالضرورة أن يكون مقبولا من العامة والحكام, لكن من الضروري  جدا أن يكون صادقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى