بِصَمْتٍ مَسْمُوع

بقلم د. علي الدرورة 

اللوحة والبريطاني: ألفريد بروفيس

الذين يغتابون الناس في مجتمعنا كثيرون، ومجتمعنا مثل بقيّة المجتمعات ظاهره التديّن، وكما تقول الكناية: (عد واغلط)، وقد لا تندهش إذا سمعت الغيبة من أحدهم، ولكنّك قد تنصدم إذا سمعت قصة أنت بطلها وأنت بنفسك لا تعرفها، بينما هي منتشرة هنا وهناك عند ضعفاء النفوس.

ومن المؤسف جدًّا أنّ بين تلك الفئة محسوبين على الثقافة في المجتمع وهم يعيشون معك بوجهين، فالوجه الأول متفنّن في الترحيب والبشاشة، والوجه الآخر لا يبقي أيّ خزعبلات إلّا وقد قام بتأليفها ضدّك ووضعها على شكل سلبيات وقالها وضخّمها وزاد عليها.

ولست أدري بأيّ صفة يعيش هؤلاء المنافقون علماً أنّهم يعرفون جيّداً ماذا تعني:{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}، والغريب في الأمر أنّهم يجدون في الطرف المقابل من يستمع لهم ولا يكلّفون أنفسهم عناء معرفة الحقيقة.

في يوم 8 أغسطس كانت بيني وبين أحد الأصدقاء مكالمة عبر الهاتف وقد قال كلاماً طويلاً ومنه بعض القصص التي سمع هو شخصيًّا بها من تأليف بعض القتاتين، وليته صارحني من ذي قبل ولم يترك تلك الحكايات المختلقة من جانب واحد في أعماق نفسه.
كما أخبرني بأنه حين يجلس في بعض المنتديات لا هم لهم سوى ما عمل فلان!! وماذا قدّم، وإلى آخر الأقاويل التي هي بلا شك لا تعجبهم!!.

لكنَّ فلاناً هذا الذي صار هدفاً لأولئك قد عوّد نفسه على التّجاهل لكلّ ما يسمعه، وكما يقول المثل: (عطه الأذون الصّمخة)؛ فهو يدرك بأنّ ليس كلّ ما يقال يستحقّ الرّد أو يخصّص له وقتاً أو يضيعه في غير المفيد.

يقول وليام شكسبير: (إننا بحاجة للخلافات أحياناً لمعرفة ما يخفيه الآخرون في قلوبهم، قد تجد ما يجعلك في ذهول، وقد تجد ما تنحني له احتراماً).

فطباع الناس تختلف، فإذا وجدت من يمدحك ويتحبّب إليك سرعان ما ينقلب في اليوم التالي فيذمّك ويتقوّل عليك ويكيل لك التّهم، وهنا ما كان يرمي اليه شكسبير عند الخلافات، يظهرون ما كانوا يخفون، عجباً لهم!
وهذه الصّورة عند الناس تذكرني بما قاله بنجامين فرانكلين حين قال:(البشر والبطيخ من الصّعب أن تعرف حقيقتهم)؛ فأنت وبائع البطيخ لا تعرفان ما إذا كانت البطيخة حمراء أو بيضاء مهما كانت في غاية الرّوعة والجمال، فهؤلاء لا يتورّعون أن يؤذوا قلب من كان صديقاً لهم ذات يوم.

وإذا بحثت عن السبب ستجده تافهاً أو دنيويًّا وفقط لا يعجبهم، وهنا إن عمل فلان من الناس لا يعجبك فليس من حقّ الآخرين استغابته أو النيل منه في غيابه وتأليب الآخرين ضدّه وتأليف الحكايات ووضع الأقاويل زوراً وبهتاناً، وهو مخالفة صريحة لتعليمات الشارع المقدّس.

وخلاصة القول:
مهما قيل في غيابك فالجبان اعتاد أن يطعن في الظهر فهو لا يقوى على المواجهة أبداً، فالمثبّطون والمحبطون ومن لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب هم كثيرون، فما عليك سوى أن تتجاهلهم وأنت تضحك!!!.
______
منتدى النورس الثقافي الدولي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى